الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دِعاية إنتخابِية

امين يونس

2018 / 5 / 4
كتابات ساخرة


( ... ماتَ أحد أقطاب العملية السياسية العراقية ، فوجدَ نفسهُ أمامَ بوابةٍ ضخمةٍ في السماء .. وبعد لحظات ظهرَ مَلاكٌ تبدو عليهِ علامات الوقار واضِحة . رمقهُ الملاك بنظرةٍ فاحصة ، ثُم فتح سِجّلهُ وقال : إذن .. أنتَ سياسي ؟ أجابهُ الرجُل : نعم سيدي .. هل في ذلك مُشكِلة ؟ الملاك : لا .. لا .. لكن هنالك تعليمات جديدة وصلتْ إلينا ، بِصَدد السياسيين العراقيين .. إذ عليكَ أن تقضي يوماً كاملاً في جهنم ! . الرجُل : لماذا ياسيدي ؟ الملاك : أنها تعليمات صارِمة واجبة التنفيذ .. ولكن بعد إنقضاء اليوم ، لك كامل الحرية في الإختيار بين البقاء في الجحيم أو الإنتقال إلى الجّنة .
صّفقَ الملاكُ .. فإختفى الرجل بلمحة البصر ، فعرفَ أنهُ في جهنم .. لم يفتح عينيهِ خوفاً ، وتوقعَ أن يسمع صراخات المعذبين وأنين المقيمين ويشم رائحة إحتراق الأجسام البشرية ... لكنهُ لم يسمع شيئاً من ذلك ولم يشم روائِح مُفزَعة ... ففتح عينيه قليلاً وتفاجأ بأنهُ في غرفة فندق راقية كاملة المواصفات .. ووجدَ رجلاً أنيقاً جميلاً مُبتسماً ، يحمل قنينة نبيذٍ فاخرة ، قائِلاً لهُ : .. مرحباً بك سيدي ، أنا الشيطان في خدمتك ، هل توّدُ أن تشرب قدحاً الآن ؟ أم تُفّضِل ان تأخذ جولةً في الجوار في هذا الطقس الرائِع ؟ وسط دهشته البالغة ، سألَ الرجلُ : هل حقاً هذهِ هي جهنم ؟ أجابَ إبليس مبتسماً : نعم ياسيدي ... أن دهوراً من تحريف الحقائِق وّلَدتْ لديكم إنطباعات سيئة وأفكاراً مُنحرِفة عن جهنم ! .
على بُعد أمتارٍ من باحة الفندق .. إزدادَ إنبهار الرجُل ، حيث وجد الكثير من الشخصيات الشهيرة والفنانين والأدباء الذين سمع عنهم في حياته ، وكَمْ تمنى أن يلتقي بهم .. وفوق ذلك رأى حبيبته التي يعشقها ترفع يدها مُحَيِية وتدعوه للإنضمام إليها .. وجد في كُل بُقعةٍ عجَباً وآيات من الجمال والمتعة .. بعد ساعاتٍ عادَ إلى الفندق بمعية حبيبته وقضى ليلةً ولا في الخيال .
نهضَ من النوم على صوتِ الشيطان الذي قالَ له بِرِفق وحنان : بقيتْ دقائِق على ال 24 ساعة ، وسوف تعود الآن إلى البوابة ياسيدي . صّفقَ الشيطان . فوجد الرجلُ نفسهُ أمامَ الملاك الوقور الذي قالَ لهُ : .. إذن ياعزيزي ، لقد قضيتَ يوماً كاملاً في جهنم .. والآن عليكَ أن تختار ، هل تُريد البقاء في جهنم للأبد ، أم تُفّضِل الجّنة حيث التعبدُ وتقديم فروض الطاعة والولاء لله ؟ قالَ الرجلُ بدون تردُد : ياسيدي .. أريد البقاء في جهنم .
صّفقَ الملاك ، فوجدُ السياسيُ العراقي الكبير نفسه ، بلمحة بصرٍ ، في مكانٍ مُظلمٍ دامِس وصراخات المُعذَبين تملأ الآفاق وروائِح الشواء البشري تزكم الأنوف ... وعلى ضوء نارٍ مُستعِرة ، رأى مخلوقاُ في غاية البشاعة ، فسألهُ مَنْ أنتَ وأينَ أنا ؟ أجابَ : أنا الشيطان وأنتَ في جهنم . فقالَ الرجلُ فَزِعاً : ولكن البارحةَ كُنتَ جميلاً .. وأينَ الفندق الفخِم أين النبيذ الفاخِر وأين حبيبتي ؟ أجابَ إبليس :
يا صاحبي ... يوم أمس ، كُنّا نجري حملة دعاية إنتخابية ليومٍ واحدٍ فقط !! .
وقبلَ قليل أنتَ إخترتَ البقاء في جهنم .. فأهلاً بك ! ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قابلية رائعــة في كتابة الرواية
كنعان شــــماس ( 2018 / 5 / 4 - 12:41 )
تحية يا استاذ امين وواصل التالق ... دعاية انتخابية مرعبــــة في الوقت المناسب

اخر الافلام

.. الفنان أيمن عبد السلام ضيف صباح العربية


.. موسيقى ورقص داخل حرم المسجد في عقد قران ابنة مفيدة شيحة يثير




.. على طريقته الخاصة.. الفنان الفرنسي -زاربو- يحكي قصصا عن لبنا


.. الموسيقي التونسي سليم عبيدة: -قضايا انسانية ،فكرة مشروعي الج




.. الفنان بانكسي يفاجىء جمهور فرقة موسيقية بإلقاء قارب مطاطي عل