الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا انتحر السيد ميم

خيري حمدان

2018 / 5 / 4
الادب والفن


لماذا انتحر السيد ميم
أُصابُ بكثيرٍ من الحيرة حين يسألني أصدقاءٌ جدد وأشخاصٌ أصادفهم في عثرات الحياة عن اسمي! ألا يمكن للعلاقة أن تستمرّ دون طرح الكثير من الأسئلة، لكن هذا مخالف للمألوف، حتّى القطط المنزلية تحمل اسماءً تُنادى به بدلال، لتردّ بغنج طالبة المزيد من الاهتمام، فما بالكم بنا نحن البشر.
مشكلة اسمي بدأت منذ ولادتي، والدي رغب بإطلاق اسم البركة "محمد" على المولود الجديد - أنا، وأمّي لا تجرؤ على الاعتراض بالطبع، لكنّها تتوسّم خيرًا باسم معروف، اسم والدها بالطبع، والشيء المشترك بين الاسمين هو حرف الميم.
انتصر والدي في هذه الجولة غير المتكافئة ونلت اسم محمد.
- آه يا ابني يا محمد يا معروف، الله يرضا عليك. غالبًا ما كنت أسمع هذه العبارة، ولم يمضِ وقتٌ طويل حتّى بدأوا ينادوني بالإسم المركّب الجديد "محمد معروف"، حتى والدي الذي استشاط غيظًا في بادئ الأمر، تصالح مع ذاته وقبل بالأمر الواقع، إكرامًا للمرأة التي تشاطره السرير.
شاءت الظروف حين تجازوت العشرين أن أعمل مرشدًا ودليلا في شركة سياحة، أنا الذي أحبّ السفر والأسفار والتعرّف إلى الغرباء، والاستماع لحكايا ما خلف البحار. سألتني ذات مرّة حسناء قادمة من الشمال عن اسمي، هل هو محمد أو معروف؟ أخبرتها بحقيقة الأمر، فما كان منها إلا أن ضحكت وقالت، سأناديك منذ اليوم بمايكل. ما دمت قد أرضيت والديك، فأنت لن تمانع بإرضاء رغبتي، أليس كذلك يا مايكل؟ لهذه المرأة لو تعلمون أو لا تعلمون سطوة، بحكم جمالها وكرمها الأنثويّ. سريرها واسع ومريح، ولا تمانع كلّما طلبت منها الحضور إلى صدري المتلهف لها، وتردّ ضاحكة. "مايكل، ألا تشبع، ألا ترتوي؟".
أحلق ذقني كلّ صباح بحكم مهنتي، أحدّق في الوجه الرجوليّ الوقح أمامي. أسأله بجرأة، بحكم العشرة الطويلة بيننا.
- من أنت يا هذا، هل أنت محمد أم معروف أم مايكل في نهاية المطاف؟ لم أستغرب كثيرًا حين سمعته قبالتي في المرآة يهمس بثقة غير مسبوقة "بل أنت ميم، أنتَ السيّد ميم ولا شيء أكثر ذلك! أنت مشروع إنسان حضر إلى البسيطة ليرضي كلّ الأذواق والرغبات، أنت الحلقة المفقودة في البيت والعمل يا ميم!".
نعم، هذا صحيح، أرضيت أبي وأمّي، وأرضيت تلك المرأة التي نسيت اسمها بعد أن رحلت على متن قارب أو طائرة، لم أعد أذكر! ثمّ أخذتُ أجيب باقتضاب "تشرّفنا، أنا السيد ميم"، اعتمدت هذه الإجابة وكم أغضتُ العديدَ من الأصدقاءِ الذين لم يقتنعوا بالتسمية الجديدة، فهي لا تليق بمقامي، حسب مزاعمهم. لكنّهم لا يعرفون كنه ما يعتمل في ذاتي، وربّما في نفسِ كلّ منهم ميمٌ غير قادرة على الصراخ والإعلان عن نفسها، ومواجهة الريح وتحدّيات الحياة.
كيف انتحرت ولماذا؟
يصعب عليّ الإجابة في الوقت الراهن، عليكم انتظار رسالة توضيحية منّي أو من نموذجي الأثيري في حضرة الغيب. لا يمكن لمنتحر أن يقدّم تفاصيل وأسباب مقنعة بشأن انتحاره، فلربّما هو نفسه يجهلها، هو على أيّة حال ما يزال يسأل المرآة عن بعض هذه الأسباب، ولا أظنّه يحصل على جوابٍ شافٍ من رجع طيفه.

خيري حمدان
صوفيا
04 مايو 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث