الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قراءة نقدية ، في قصيدة موفق ساوا الضوئية
ياس خضير الشمخاوي
2018 / 5 / 4الادب والفن
قراءة نقدية ، في قصيدة موفق ساوا الضوئية
مذ كان الضوءُ منزويا والفكر قد رحل ، زحف الليل يطوي خيوط الشمس باغيا ..
" كالأرضة يزحف على قوافي الشعر " ، يهتكُ أستارَ القافية بشعـوذة الظلام وتمتمة الجهل .
ويدّعي أنها الحكمة .... ثم يراها مقدّسة .
ما فتىء سجّان الحروف ينشرُ الظلام ويوّزع الجهل كيفما أتفق ، " يحاولُ أَنْ يَـحـشرَ كلّ خرافاتِهِ ، في شريانِ القصيدة "
فأنتفض الشاعر بالوجع ، "متسربلا بالضوء وكل البراهين " ، معلنا بيانه الأول ، " هذا زمن الضوء " .
من هنا تنطلق ثورة التنوير ، ضد افكار الجمود والتحجر وهلوسات الدجل .
لا شك أنّ الشاعر أراد انْ يستفزّ الواقع والجماهير المغيّبة فكريا وشعوريا ، عندما اختار هذا العنوان الصادم في قصيدتهِ ، كأنه يقوم بدور الطبيب الذي يعرّض مريضه لصدمة كهربائية إذا ما توّقف قلبه عن النبض .
وبطريقة أخرى قد يستنهض الأديب المفكر ( موفق ساوا ) من خلال عنوان القصيدة همما ونيرانا كامنة في نفوس الجماهير عندما يلفت نظرها الى حجم المفارقة بين غيبوبة شعبه البائس المقيد بالجهل ، في زمنٍ اعتمد العالم فيه من حولنا نظريات التجديد الفكري والحداثوي في كل مفاصل الحياة لاسيما في السياسة والإدارة وفن القيادة وحقوق الإنسان وحرية الفكر والرأي والكلمة .
وفي ثنايا القصيدة نلاحظ الكثير من الإشارات الى سلسلة برنامج عمل سياسي وإجتماعي نهضوي متكامل ، يبدأ بتحرير الذات من الوهم والخرافات ، والتسلح بالحكمة التي تمنح الإنسان الإتزان والإنضباط في سلوكه كي لا يقع في مطبات التهور والطيش أو المراهقة الفكرية ، سيّما لحظات التصدي لرفض الإستعباد والتسلط . وليس بوسع إنسان أن يقوم بكل ذلك ما لم يكن حكيما ، وقد لا ينجو من منزلق ما لم يجعل الحكمة سيدته في قراره واستقراره وحارسة لخطواتهِ .
احرسيني يا سيدتي ...
من طيشي ، ومن غضبي ...
فما عدتُ أطيقُ البقاءَ في شرنقـتي .
احرسي بوابة أضلعي .
إشتغالات القصيدة على ثنائيات وتناقضات عديدة منسلّة من واقع حياة الإنسان العراقي ، خصوصا بعد انهيار النظام الدكتاتوري الشمولي السابق .
إذ أصبحت الثقافة السياسية والإجتماعية مشوهة بكل مفاصلها لخلوها من الضوابط المعرفية والمنطقية والفكرية ، مما فسح المجال للإنتهازيين والوصولين ركوب موجة الدين المزيّف والأفكار الرجعية المريضة .
عودة بالمجتمع الى زمن العصور الوسطى لإستثمار الجلباب والعمامة في الحكم والسياسة .
علّمْتني التّسبيح ،
وأنْ انطق بسم اللهِ كذِبا ؛
لتخدع عذاباتي
وتشطب آلامي !!
عذرا يا سيدي ،
فنحن في زمن الضوء
وتحت سلطان الضوء .
ومن بين هذا الواقع المظلم ، هناك نخبة تقدمية واعية ترفض رفضا قطعيا أن تستسلم لهذا الوهم والزيف والخداع بأسم الدين ، رافضين أن يتحجم دورهم أو يرتدوا عباءتهم .
ثيابكم لا تُشبه ثيابي
ومقاساتكم لا تطابق مقاساتي
وحجم عباءتِكم – سيدي- لا ترقى
لضخامة جسدي .
( ثيابكم ، مقاساتكم ، عباءتكم ) ، كنايات في غاية الدقة في الوصف ، بون شاسع بين أفكار بالية وأساليب رخيصة يعتمدها الإسلام السياسي في اللعب على الوتر الديني والطائفي لإستدرار عواطف الناس ، وبين أفكار تقدمية انسانية ضخمة تتعالى على تلك المفاهيم الضيقة .
وحتى كلمة ( سيدي ) التي جاءت اعتراضية فهي من باب التهكم بالموصوف الذي اعتاد اتباعهم انْ يسمونهم بها ، لأنها وقعت بين رمزيات التنكر والإستخفاف بقيمتهم الإجتماعية والفكرية .
وما يؤكد هذا المعنى قول الشاعر نفسه في مقطعه التالي :
أنا ، كأيِّ طهْرٍ ، جُبِلتَ من ماءٍ وطين ،
أمّا أنتم ، فقد جُبلتم من قيء الشياطين .
تبرأ منكم كلّ آلهة السماء والأنبياءْ ،
وكلّ منْ في الأرضِ ، مجانين وعُقلاءْ
ثم يوجّه الشاعر صفعات مؤلمة لتلك الشريحة الجشعة ، المفلسة أخلاقيا وفكريا وعلميا ، محذرهم من أن يقتربوا من ثورته العارمة وبركانه المدمر .
فلا تلعبْ معي ،
بعد الآنِ
ولا تقربْ أبدا ،
فوهة بركاني .
يا سيدنا ، الشيطاني
لا رحمة في أحشائـِكَ !!
ارحلْ ...
ارحلْ ،
واحملْ ما في جوفـِكَ
من حيتانِ
ارحلْ ....
بنقوش ِالعقارب في صدرِكَ ،
وتعويذات الشيطانِ .
ارحلْ ....
وَخـذْ حرامك وحلالك عنّي ،
اهبطْ من حيثُ أتيت ،
من وادٍ سحيقٍ ، مظلمٍ ....
يقضّ مضجعي ،
ويخنق أنواري .
ثم يراهن الشاعر الأديب الدكتور موفق ساوا ، على انّ هذا اللون من المخادعين ، قد أصبحوا تحت دائرة الضوء وقد انكشفت كل حيلهم وألاعيبهم بعد هذا الحراك الثقافي والفكري ، وقد تخلى عنهم منْ كان بالأمس يردد خلفهم ، آمين ... آمين .
ياس الشمخاوي/ كاتب عراقي
هذا زمنُ الضوء
احرسيني يا سيدتي ...
من طيشي ، ومن غضبي ...
فما عدتُ أطيقُ البقاءَ في شرنقـتي .
احرسي بوابة أضلعي
فـسجـَّان حروفي وكلماتي
يـُطبقُ على شطري وعـجزي
كالأرَضةِ ، يزحفُ على قافيتي !!
يحاولُ أَنْ يَـحـشرَ كلّ خرافاتِهِ ،
في شريانِ قصائدي .
أتسربلُ بالضوءَ ، وكلّ البراهين ؛
كيْ أتصدّى لشعوذتهِ المقدسة
فهذا زمنُ الضوءِ ،
لا زمن المحتالين .
ثيابكم لا تُشبه ثيابي
ومقاساتكم لا تطابق مقاساتي
وحجم عباءتِكم – سيدي- لا ترقى
لضخامة جسدي .
علّمْتني التّسبيح ،
وأنْ انطق بسم اللهِ كذِبا ؛
لتخدع عذاباتي
وتشطب آلامي !!
عذرا يا سيدي ،
فنحن في زمن الضوء
وتحت سلطان الضوء .
أنا ، كأيِّ طهْرٍ ، جُبِلتَ من ماءٍ وطين ،
أمّا أنتم ، فقد جُبلتم من قيء الشياطين .
تبرَّأ منكم كلّ آلهة السماء والأنبياءْ ،
وكلّ منْ في الأرضِ ، مجانين وعُقلاءْ
فلا تلعبْ معي ،
بعد الآنِ
ولا تقربْ أبدا ،
فوهة بركاني .
يا سيدنا ، الشيطاني
لا رحمة في أحشائـِكَ !!
ارحلْ ...
ارحلْ ،
واحملْ ما في جوفـِكَ
من حيتانِ
ارحلْ ....
بنقوش ِالعقارب في صدرِكَ ،
وتعويذات الشيطانِ .
ارحلْ ....
وَخـذْ حرامك وحلالك عنّي ،
اهبطْ من حيثُ أتيت ،
من وادٍ سحيقٍ ، مظلمٍ ....
يقضّ مضجعي ،
ويخنق أنواري .
إليكَ عنّي .....
فأنك لا تحسن سوى لغة الظلام
إليك عنّي ،
فالسماء فتحت أذرعها للضوء ،
الضوء ، وحده يا سيدي ....
عدْ ، فأنت لا تُحسِنُ فنَّ الصعود
يا مَنْ قتلتَ البسمة والرحمة فينا ،
عقودا وسنينا ....
عدْ ، ولا تقرب من دائرة الضوء أبدا
فالضوء عليكم منّي ، أكثر خطرا
على المفسدين ،
وهينمة الدجالين ....
أكثرُ خطرا .
اهبطْ ، فلنْ تجدَ منْ يردّدُ بعدك
آمين .... آمين .
اهبط ظلمتك ؛
فنحن ، في زمن الضوء ،
وفي الضوء ....
تنكشفُ عوراتَ المحتالين .
بقلم ، الأديب الدكتور موفق ساوا
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي
.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح
.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص
.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض
.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب