الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شُهداء

امين يونس

2018 / 5 / 6
كتابات ساخرة


" ... كانتْ علامات التعب والإعياء بادية على مُحيا مسؤول مطبخ النبي ، فلم تسنح لهُ فُرصة لأي إستراحة منذ أكثر من عشر ساعات من العمل المتواصل والإشراف على تجهيز الطعام .. ولا سيما وقت العَشاء ، حيث يتزاحم الضيوف جماعات وفرادى . صحيح ان المطبخ ضخمٌ ومُتكامِل ومُلحَق بجناح النبي في الفردوس ... وعددٌ كبيرٌ من الطباخين والعُمال يشتغلون تحت أمرَتهِ ... لكنهُ أي الشيف أو مسؤول المطبخ ، يُعاني منذ فترة ، من الإرباك . فكُتَيِب التعليمات الذي يهتدي بهِ ، ليسَ فيهِ تفاصيل كثيرة ، ولهذا السبب يقع بين الحين والحين ، في مشاكِل مُزعِجة . ففي متن المادة الثانية ، وردَ ما يلي : كُل مَنْ ماتَ في سبيل الله فهو شَهيد . وفي الفقرة " أ " : يشمل ذلك الذي يُقتَل دفاعاً عن أرضه أو عرضه . الفقرة " ب " الذي يموت في المعارك التي تُعلي راية الإسلام . الفقرة " ج " الذي يفقد حياته جراء كفاحه من أجل الحَق والعدالة .
كان صاحبنا الشيف يُكّلِم نفسه حائِراً : .. ألَمْ يَكُن بالإمكان توضيح الأمور أكثر ووضع النقاط على الحروف ؟ حتى أستطيع فرز المشمولين بلقب الشهيد عن غير المشمولين ؟ .. كُل يوم عليّ أن أطبخ لل " شهداء " الذين سيتشرفون بالجلوس مع النبي على مائِدة الطعام والتعشي معه ..
لكن المُشكلة أنني أقعُ في الكثير من المطبات ... فقبل سنواتٍ طويلة ، كُنتُ أحسبُ أن فهد وسلام عادل ورفاقهم ، شُهداء ، بإعتبار أنهم فقدوا حياتهم دفاعاً عن الحَق والعدالة ... لكن تبينَ أنهم غير مشمولين بذلك .
ومرةً أخرى حسبتُ حساب المئات من الإيزيديين من أهالي سنجار ، الذين قُتلوا دِفاعاً عن أرضهم وعرضهم ، لكن مقاعدهم على مائدة الطعام الفردوسي ، بقيتْ خالية ، حيث ظهرَ أن شروط الإستشهاد لا تشملهم ولا يحق لهم العشاء مع النبي ، ولا الإمتيازات التي تتبع ذلك .
ولكي تزداد الأمور سوءاً ... فأن الأوضاع في العراق ومحيطه في العقود الماضية ، جعلتْ مهمتي صعبة : فقتلى قادسية صدام يُسّمون شُهداء وقتلى جيش الخميني والحرس الثوري شُهداء ... وفي التسعينيات حيث المعارك الداخلية في أقليم كردستان ، فأن كُل من الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني وحزب العمال ، يدعو قتلاهُم شُهداء .. بل ان داعِش تُسّمي إنتحارييها شُهداء !.
وحتى أقتربُ من فُقدان الأعصاب ، هذه الأيام ، حيث حملة الدعاية الإنتخابية في العراق، فأن الجميع بدون إستثناء يَدّعي بأنهُ حزب الشُهداء ، وكُل مدينةٍ تُلِقِبُ نفسها بأنها مدينة الشُهداء ... إلى درجةٍ أنني بُتُ لا أعرف كَمْ طَناً من الرُز أطبخ أو كَم شيش كبابٍ أشوي ؟!
لا أحتمل هذا الوضع بَعد ... سوف أقّدِم إستقالتي غداً إلى مولاي النبي ! " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أيمن عبد السلام ضيف صباح العربية


.. موسيقى ورقص داخل حرم المسجد في عقد قران ابنة مفيدة شيحة يثير




.. على طريقته الخاصة.. الفنان الفرنسي -زاربو- يحكي قصصا عن لبنا


.. الموسيقي التونسي سليم عبيدة: -قضايا انسانية ،فكرة مشروعي الج




.. الفنان بانكسي يفاجىء جمهور فرقة موسيقية بإلقاء قارب مطاطي عل