الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نضوب الإبداع عند المبدع

صاحب الربيعي

2006 / 3 / 17
الادب والفن


إن عمر الإبداع في حياة المبدع مرتبطاً بمدى اكتسابه المعرفي وتواصله مع العالم المعاصر، فكلما تقدمت به محطات العمر كلما قلة قابليته على الاكتساب والتواصل وأدى لنضوب ملكته الإبداعية وحينها يعتاش على تاريخه وما يمتلك من آليات لغوية لإثبات وجوده في الساحة الثقافية لكن عملياً ما ينتجه خالي من الإبداع. وفي كثير من الأحيان لايعدو سوى هذيان فارغ يسيىء لتاريخه، وكلما لُفت انتباهه لذلك كلما زاد من هذيانه لرفضه في اللاوعي القبول بفكرة نضوب ملكته الإبداعية وعدم قدرته على الاكتساب المعرفي الجديد والتواصل مع الحاضر.
وهذه القاعدة لاتنفي شواذها فهناك من لاينضب إبداعه كلياً ويتعامل مع مجريات الحاضر ويواصل اكتسابه المعرفي فيستمر إنتاجه الإبداعي، لكن حجم إبداعه يتقلص بزيادة عدد محطات عمره الزمني. إن نضوب الإبداع من ذات المبدع هو سنة الحياة وتعاقب للأجيال، لكن البعض يرفض الاستسلام ويتصارع مع ذاته لإيهامها أنه مازال مبدعاً وصالحاً لكل المراحل وكل ما يخطه قلمه هو إبداع لايضاهي إبداعاً أخراً والآخرون مجرد تلاميذ عنده لحين أن يوافيه الآجل.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن شيء واحد يقتل الفنان....ولا يصيبه إلا من الداخل، هو نضوب الزيت من مصباحه وانطفاء جذوته وانتهاء وهو نفسه لايعرف ذلك الموعد ولا يتنبأ بذلك الحين! وربما سكت دهراً فإذا الفتيلة تتوهج بلمعة أخيرة رائعة قبل أن تخبو طبيعته الفنية ويرقد رفده للأبد".
إن نضوب الإبداع يطال عادة الشعراء بشكل مبكر، فيصبح نتاجهم الشعري اللاحق عبارة عن تسطير من الصياغات اللغوية الخالية من المعنى والهدف، صياغات عائمة تخلو من الإبداع إذا ما تم مقارنتها بنتاجهم الشعري السابق. ولايهتم بما يكتب من مقالات نقدية ضد نتاجه الشعري الجديد الخالي من الإبداع، ويستمر في نضمه للشعر واهماً نفسه أن الآخرين ينتابهم الحسد والغيرة منه!.
الإبداع هو الارتقاء بمنظومة الوعي لمراتب أعلى لتكون قادرة على قراءة تفاصيل الأحداث والوقائع الاجتماعية والخروج برؤية جديدة تسهم في تأشير سُبل الحل، فمراتب الوعي ليست محددة ولايمكن أن يدركها المبدع مهما بلغ اكتسابه المعرفي. ومع التواصل يتدرج بها ولكنه لايبلغ قمتها أبداً، وتنخفض مراتب الوعي عند المبدع لحدودها الدنيا عند ضعف تواصله مع المعارف المعاصرة.
وبهذا فإنه يفقد القدرة على قراءة تفاصيل الأحداث والوقائع الاجتماعية، فيخرج برؤية مخالفة للواقع (ساذجة!) لأنه يستند في تحليله على مكتسباته المعرفية السابقة المبتورة عن الواقع المعاصر. عند هذه النقطة الحرجة من التقاطع المعرفي في حياة المبدع، يزج نفسه في أتون الصراع بين الأجيال لقسرهم على القبول بتوجهاته ورؤيته المتعارضة مع مجريات الواقع المعاصر.
يقول ((ماركس))"أن الوعي الإنساني يتشكل من خلال الحوار الجدلي بين الذات والموضوع، حيث يشكل الإنسان من خلاله العالم الذي يعيش فيه مثلما يشكله ذلك العالم في ذات الوقت".
إن الرؤى والأفكار الإبداعية كائنات حية متفاعلة مع واقعها لاتصرعها مديات الزمن لأنها أزلية تسكنها الروح التي لاتفنى مع الزمن. في حين أن الرؤى والأفكار الخالية من الإبداع تولد ميتة، وقصيرة العمر فينتهي مفعولها مع انتهاء عمرها الزمني. ونضوب الإبداع من ذات المبدع يسفر عن خلق كائنات ميتة أو معاقة لاتقوى على التفاعل مع الكائنات المعرفية الحية في الحياة المعاصرة.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن الفن ليس مجرد الحياة، لكنه كائنات حية تخرج من رأس فنان".
وحين تنضب كنوز الإبداع في ذات المبدع عليه التوقف عن إنتاج كائنات ميتة أو معاقة لأنها تسهم في قتل وإعاقة كائناته الإبداعية الحية لسابقة والتي لها مساهمتها في الرفد الحضاري للإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده