الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو كان القتيل يهودياً؟!

مردخاي كرمنتسر

2018 / 5 / 8
القضية الفلسطينية


إغلاق ملف أبو القيعان: ماذا لو كان القتيل يهودياً؟!

*تجربة فكرية: السائق ليس بدويًا بل يهوديًا في بؤرة غير قانونية، ويشارك في الصراع ضد قرار هدمها. وقد شوهد وهو يقود سيارته نحو رجال الشرطة الذين جاءوا لحماية عملية الهدم. كيف كانت ستجري الأمور في مثل هذه الحالة؟ وفي المرحلة الحالية - هل كنا سنوافق على قرار مماثل من قبل النائب العام؟ أم كانت البلاد ستشهد عاصفة؟!*

قرار المدعي العام للدولة، شاي نيتسان - في أعقاب التحقيق الذي أجرته وحدة التحقيق مع الشرطة (ماحش) – عدم فتح تحقيق جنائي في قضية نيران الشرطة التي قتلت يعقوب أبو القيعان من أم الحيران (في الحادث الذي قتل فيه، أيضا، الشرطي إيرز ليفي وأصيب شرطي آخر) – لا يدعو على الارتياح.
قرر المدعي العام للدولة أنه ينبغي إغلاق ملف القضية لعدم وجود شك معقول في ارتكاب جرائم جنائية من قبل رجال الشرطة الضالعين في الحادث. وشرح أنه من ناحية قانونية، فإن مسألة ما حدث حقاً في أم الحيران، لم يكن على صلة. وبعبارة أخرى، حسب رأيه، فإن مسألة ما إذا كان أبو القيعان قد حاول تنفيذ هجوم ودهس رجال الشرطة، أو أنه فقد بكل بساطة السيطرة على سيارته (وعندها تم عمليا إطلاق النار عليه بسبب خطأ، من غير الواضح مدى صحته أو معقوليته، في ضوء فهم الشرطة للوضع) هي مسألة غير مهمة من الناحية القانونية. وكتب نيتسان أنه «في المواد التي تم جمعها هناك مؤشرات معينة، لهذا الجانب أو ذاك، حول هذه النقطة».
يستند نيتسان في استنتاجه هذا إلى أنه حتى إذا فقد أبو القيعان سيطرته على سيارته، فإنه «لا يوجد حتى الآن أي شك معقول في ارتكاب جريمة من جانب أي من رجال الشرطة الذين تصرفوا في ظروف تشغيلية وفقا لمفهومهم للواقع في تلك اللحظة». وهو يحدد هذا ليس بعد تحقيق جنائي، وإنما كسبب لتجنب فتحه. ليس من الواضح كيف يمكن التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج الراسخ دون إجراء تحقيق جنائي، تكمن فيه أهمية جوهرية لما حدث حقاً في أم الحيران في تلك الليلة. كما أن هذا السؤال ينطوي على أهمية من منظور قانوني ضيق ومن منظور قانوني واسع.
من وجهة النظر القانونية الضيقة، عندما يتم تقديم ادعاء كاذب، يجب فحص مصداقيته. ومع ذلك، لا يمكن فحص مصداقية الادعاء من دون معرفة ما حدث بالفعل. مسألة المصداقية ليست بديهية. والحقيقة هي أن النائب العام أصدر تعليمات للشرطة بفحص «بعض التغييرات والتناقضات في روايات رجال الشرطة المعنيين». إذا لم يتم توضيح مصداقية رواية الشرطة بشكل كامل، ويبدو أن هذا ما حدث، فكيف يمكن تبنيها دون معرفة ما حدث بالفعل ودون إجراء تحقيق جنائي؟
حتى عندما يكون هناك أساس واقعي للادعاء بحدوث خطأ واقعي، من الضروري فحص ما إذا كان رد الشرطة معقولا أو مفرطا. ويتم إجراء هذا الفحص وفقا لفهم حالة الوعي لدى أولئك الذين عملوا في المكان، ولكن الواقع نفسه هو اختبار مهم لتقييم حالة الوعي الذاتي.
وحتى إذا تمت الإجراءات بحسن نية، فإنه لا يزال من الضروري فحص ما إذا كان هناك خطأ غير معقول فيما يتعلق بالحالة الواقعية. قد يكون مثل هذا الخطأ أساس المسؤولية عن التسبب في الموت نتيجة الإهمال. ومن أجل فحص مدى معقولية الخطأ، فإن الموقف الواقعي هو معطى ينطوي على أهمية مركزية، لأن السؤال هو ليس ما الذي فكر به الشخص عندما تصرف - بل بالأحرى ما الذي كان يجب أن يفكر فيه. كما أن المدعي العام للدولة لم يتأثر على ما يبدو بعمل القوات، لأنه أمر بفحص «ما إذا تم إعداد القوة بشكل مناسب للمهمة المعقدة، وما إذا كانت هناك عيوب مهنية في سلوك أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار». ومع ذلك، ولسبب ما، فقد شعر أن نتائج مثل هذا الفحص ليس لها أهمية من حيث المسؤولية الجنائية.
لا يمكن لنا من خلال بيان النيابة، معرفة وضع أبو القيعان بعد إطلاق النار عليه. ومع ذلك، إذا كان من الممكن إنقاذه (وفي هذه الحالة أيضا، أمر المدعي العام للدولة بفحص «ما إذا كان هناك عيب في العلاج الطبي للمرحوم»)، فإن هذا يثير مسألة المسؤولية عن منع تقديم العلاج الطبي له، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى المسؤولية الجنائية عن القتل أو التسبب بالقتل نتيجة الإهمال.
من وجهة نظر قانونية واسعة، بعد أن «أدين» أبو القيعان من قبل الدولة، من خلال وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة، كمخرب، وذلك بشكل متسرع لا يمكن تحمله من حيث عدم المسؤولية الكامنة فيه، فإنه من غير المحتمل أن يقرر مكتب المدعي العام للدولة بأن مسألة ما إذا كان ينوي القتل أم لا، ليست ذات أهمية. الاسم الجيد للإنسان يعتبر قيمة، أيضا بعد وفاته، وحتى لو كان عربيا. في غياب أي قرار في هذا الشأن، سيتمكن وزير الأمن الداخلي من مواصلة اتهام المرحوم على أساس مشاعره وعلى أساس ما لم يفحصه «الشاباك».
من جهة أخرى، من حق رجال الشرطة الذين أطلقوا النار على أبو القيعان معرفة ما إذا كان الإجراء الذي اتخذوه مبرراً، لأنهم منعوا محاولة قتل تخريبية، أي دافعوا عن أرواحهم ونفذوا واجباتهم بشكل صحيح - أو أن أفعالهم كانت غير مبررة، لكنهم لا يتحملون الذنب، لأنهم أخطأوا. هذا ليس نفس الشيء. يجب أن تعرف الشرطة هذا أيضًا لكي تستخلص الدروس الصحيحة من الحادث. هذه مسألة بالغة الأهمية، لأن هناك قلق كبير من أن قرار مكتب المدعي العام للدولة سيستدعي بالذات الفهم الخاطئ والمشوّه لدور الشرطة في الحالات المعقدة، خاصة عندما يكون المشتبه به عربياً.
كما يحق للجمهور في دولة ديمقراطية (طالما كانت كذلك) معرفة ما حدث حقاً في أم الحيران. لهذا الغرض، يجب نشر المؤشرات مهما كانت، لكي نتمكن من صياغة رأي. الحجة التي ينطوي عليها تصريح نيتسان هي أنه لا يوجد فرق بين الوضع الذي حاول فيه أبو القيعان شن هجوم والوضع الذي لم يحاول فيه ذلك – يمكن أن تفسر بأنها ازدراء للحياة البشرية.
الانطباع الذي ينبثق من قراءة البيان هو أن المدعي العام قرر التنازل عن فحص المسؤولية الجنائية، بما في ذلك التسبب بالموت نتيجة الإهمال، مع نقل المواد التي كان من الممكن أن تحدد هذه المسؤولية إلى المجال الإداري والتأديبي، غير الجنائي. ومما يثير الدهشة بشكل خاص أن يتم نقل الفحص إلى الشرطة من أجل العلاج التأديبي، لكي تفحص ما إذا كان هناك أي عيوب مهنية في سلوك أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار، أو إذا كان هناك خلل في العلاج الطبي لأبي القيعان.
انهم يطلبون منا الاعتقاد بأن الشرطة ستفحص نفسها بشكل محايد. ليس من السهل تصديق ذلك. في الواقع، من المستحيل تصديق ذلك، بعد أن أدان المفوض بالفعل أبو القيعان وواصل التمسك بموقفه هذا. ويعرف المدعي العام منذ الآن، قبل بدء الفحص، أن النتائج التي سيتم التوصل إليها لن تؤثر على وضعية الإثبات في القضية. هل هذا مجرد تنبؤ، أم شيئا أخطر من ذلك لا أتجرأ على كتابته على الورق؟ وما هو الهدف من هذا الفحص الذي سيجري الآن، بعد مرور وقت طويل على الحادث؟ في ظل هذه الظروف، يبدو أن هذا الفحص هو ورقة التين لتغطية التهرب غير المبرر من التحقيق الجنائي، لكنه لا يغطي العانة، وإنما يبرزها.
من أجل فحص ما هو الرد المناسب لقرار المدعي العام، يُطلب منا إجراء تجربة فكرية: السائق ليس بدويًا بل يهوديًا في بؤرة غير قانونية، ويشارك في الصراع ضد قرار هدمها. وقد شوهد وهو يقود سيارته نحو رجال الشرطة الذين جاءوا لحماية عملية الهدم. كيف كانت ستجري الأمور في مثل هذه الحالة؟ وفي المرحلة الحالية - هل كنا سنوافق على قرار مماثل من قبل النائب العام؟ أم كانت البلاد ستشهد عاصفة؟



*خبير قانوني.
عن «هآرتس»
الانطباع الذي ينبثق من قراءة البيان هو أن المدعي العام قرر التنازل عن فحص المسؤولية الجنائية، بما في ذلك التسبب بالموت نتيجة الإهمال، مع نقل المواد التي كان من الممكن أن تحدد هذه المسؤولية إلى المجال الإداري والتأديبي، غير الجنائي. ومما يثير الدهشة بشكل خاص أن يتم نقل الفحص إلى الشرطة من أجل العلاج التأديبي، لكي تفحص ما إذا كان هناك أي عيوب مهنية في سلوك أفراد الشرطة الذين أطلقوا النار، أو إذا كان هناك خلل في العلاج الطبي لأبي القيعان. انهم يطلبون منا الاعتقاد بأن الشرطة ستفحص نفسها بشكل محايد. ليس من السهل تصديق ذلك. في الواقع، من المستحيل تصديق ذلك..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ