الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخوص والزمان والمكان في المجموعة القصصية (عطر الحب) للكاتبة غادة م. سليم

موفق الحمداني

2018 / 5 / 9
الادب والفن


لست ناقدا ادبيا ولم اكتب في حياتي نقدا لعمل ادبي، ولكنني قارئ شأن الذين يكتب لهم الادباء، وجل ظني أن الادباء يكتبون للقراء ولايكتبون للنقاد.
تقول مدرسة من مدارس النقد الأدبي بموت المؤلف بمعنى أن النص يستقل عن مؤلفه، ويتاح لقراءات متعددة تعدد القراءة. فالفنان التشكيلي لايدور في المعارض ليشرح للمتلقي معنى اللوحة التي رسمها ولا يشرح الشاعر معاني شعره. العلاقة بين النص والمتلقي. ولاتعدو قراءة الناقد الادبي الا قراءة بين القراءات، ربما توسطت بين النص والقارئ.
قصص غادة سليم لا تعتمد الأحداث قدر ما تعتمد على العلاقات بين الشخوص والعلاقات بين الشخوص والزمان والمكان.
الشخوص: شخوص القصص أزواج ليسوا افرادا ولاجموع أو جماهير. أزواج تحتدم العلاقة بينهما في شحنة هائلة من التوتر والتوهج. يضطرم الحب والعشق والامل والخيبة والغضب في الجوانح. أزواج تنصهر فتلتحم ثم تنفلق وتنشق.
الشخوص لا وجوه لها، ولا أجساد مميزة فلا عيون دعجاء ولا كحلاء ولا فارعة الطول أو ميساء القد ولاهيفاء. الرجال هم رجال فقط والنساء نساء فقط ولكنهم يذوبون حبا ويحترقون جوى، يملأهم الحنين الى المكان والزمان.
ألشخوص أزواج لذلك لاحول أمام جبروت الجبروت، يلوذون بالفرار ويجلدون أنفسهم لأنهم هُجروا وهاجروا، أنهم يتدلهون ويخافون ويتوجسون ولكنهم لا يتأملون أو يفسرون او يستنتجون أو يحللون، لا يجابهون بل يتجنبون. هم شباب في قمة النضج والقدرة، فلا طفل يحبو ولا شيخ يسعل ولا عجوز تتوكأ على عصا. رجل واحد فقط يمكن ان تحسب عدد الشعرات البيض في مفرقه. البحث عن الحب والامل والحرية والسعادة والتحرر من الخوف هي همومها، وليس البحث عن لقمة العيش.
المكان: المكان في قصص غادة هو مكان بعينه ولإمكان. في قصة (التلويحة) يوحي السرد بعراق أصبح سجنا لا مفر منه، يسيطر عليه (سيدهم الذي انفرد في حجرة عالية الجدران) (ص 34) ويلوح لها الوطن مودعا (في طريبيل؟)، والناس يخشون الأماكن ويحسون انها مزروعة بأجهزة التنصت حتى كادت تتصور ان مخها مزروع كذلك (ص 40)، والخوف له صوت في بلد يسمع فيه دبيب النمل والعشق له ضوء ينير العيون.. (ص 66). وهناك مارد يجثم على الصدور، لا يريد ان يحب أحد أحدا (ص 41). هذه أمكنة عرفناها وخبرناها.
أمكنة أخرى قد لا تكون أمكنة ففي قصة (الافتراس) يخضع المرء لامتحان عسير النجاح، فيه ينذر بقطع العلاقة بحياة المرء الماضية (ص 29) فمغادرة الوطن لا رجعة فيها. إن هجرت الوطن هجرته للأبد. أم ان الامتحان يرمز للزمان. فان فقد المرء براءته فقدها الى الأبد، وفقد معها جزءأ من نفسه (وعندما خرج ليخبرها، لم يجد سوى يدها..ص29 ).
المكان قد لا يكون مكانا بل هو أحد الشخوص. انه الوطن نحمله في القلب لوعة نرنو له من بعيد، ويتملكنا الرعب واليأس عندما ينهار (انهار بنيانه على الراس حجراً حجراً، وانطفأت الثريا وساد الظلام وغاب القمر وجمدت الوردة وساد الصمت ص98).
الزمن أي زمان هذا الذي تجري فيه قصص غادة. العراق منذ أوائل السبعينات؟ أم هو مرحلة في عمر الأنسان، هي نضجه وعنفوانه. أم هو كل زمان. فالحب هو الحب منذ الأزل ولوعة الفراق تكوي الجوانح في الأمس واليوم وغداً. والكلاب التي تلاحقنا هل خطايانا تلاحقنا عبر الزمان لتقضي علينا؟ أم هي رمز لعناصر الأمن التي تنقلب علينا فتفرسنا بدل أن تحمينا (ص28). وهناك رموز تستحق التأمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض


.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار




.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة


.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن




.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع