الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحطمت القيود الأزهرية !

كريم عامر

2006 / 3 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


وصلنى خطابهم بالأمس ، كنت على أحر من الجمر أنتظره ، على الرغم من أننى أدركت محتواه وفحواه قبل أن يصلنى ومن قبل أن يفض غلافه ، ففصلى من جامعة الأزهر كان أمرا حتميا لا مفر منه ، ومطلب لى قبل أن يكون قرارا لهم ، لأن مواجهتى معهم ومع أفكارهم المنحرفة كان أمرا متوقعا لى منذ فترة ليست بالقصيرة ، وقد حدث ما كنت أتوقعه ! .
لست أول من يفصل منها بسبب أنه يفكر ، كما أننى لست آخر من سيتعرض لذالك لذات الأمر ، فقد تعرض الكثيرون من طلابها ممن كان لديهم وجهات نظر مغايرة للسائد فيها على مر تاريخها للفصل منها ، أذكر من بينهم عميد الأدب العربى الراحل الدكتور طه حسين ، والمفكر السعودى الراحل عبدالله القصيمى ، والمفكر المستنير وأحد أهم رواد تيار القرآنيين الإسلامى وأستاذ التاريخ السابق بالجامعة الدكتور أحمد صبحى منصور ... والقائمة لا ولن تنتهى مابقيت جامعة الأزهر على أرض مصر بفكرها المتحجر الرافض لكل محاولات الإصلاح والتجديد .
وإن كان من شر البلية ما يضحك فلقد حدث موقف طريف ومحزن لأحد طلبة الجامعة ممن كانوا يدرسون الطب فيها فى عقد الثمانينيات من القرن الماضى ، كان هذا الطالب يعانى من إختلال هورمونى دفعه لإجراء جراحة تغيير للجنس ليتحول إلى أنثى ، ليفاجىء بالجامعة ترفض إستئناف دراسته فيها وتصدر قرارها بفصله منها بصورة نهائية !! .
ليس هناك مايدعونى للحزن من تلقى هذا القرار على الإطلاق ، فأنا لم أفصل من الجامعة بقرار من مجلس التأديب ، ولكننى تركتها بقرار صادر من داخلى ، ولكنى أخرت تنفيذه حتى الوقت المناسب ، ولو كنت أرغب فى مواصلة دراستى بها لتم لى ما أردت بالتحول الجذرى المُستسهَلُ للغاية فى مجتمعنا المزدوج من الصراحة والشفافية إلى النفاق ووطىء الذات والهروب من الحقيقة ، كان كل هذا متاحا فى ظل مناخ يشجع على الكذب والنفاق ويعلى من شأن الحياة السرية والعيش داخل الغرز وجحور الفئران ، ولكننى تسائلت بينى وبين ذاتى : هل سأسعد إذا ربحت العالم بما فيه وخسرت نفسى ؟؟! ، كيف سأبدو لنفسى إن أرضيت العالم بأسره على حسابها ؟؟أ ، ووجدتنى تلقائيا أضع علامة الصواب أمام خيارى الحقيقى ... وليذهب كل من يريدنى على هواه إلى قعر الجحيم ! .
لست حزينا ! ، وهل يكتئب الإنسان ويحزن عندما يحوز حريته مرة أخرى ، لقد إكتشفت أثناء التحقيق معى ولأول مرة أن كونى طالبا فى جامعة الأزهر يعنى أننى عبد مملوك لها ، هكذا ودون أية مبالغة ، وجدت قانون تنظيم الأزهر ولائحته الداخلية تقيد طلاب الأزهر داخله وخارجه وتحظر عليهم التعبير عن آرائهم خارج إطار الخطوط الحمراء المرسومة لهم .
هل أحزن لأننى إستعدت حريتى ؟؟ ، هل يكتئب العبد عندما ينجح فى إنتزاع حريته قسرا من قبضة من كان يعد نفسه سيدا عليه ؟؟ ، هل يبكى من ينتصر على الظلم والإستعباد وتقييد العقول ؟؟ ، لقد إنتزعتها إنتزاعا من بين أيديهم وكانوا يساوموننى عليها ، كانوا ينتظروننى أن أنكر وأن أتنصل من نسبة آرائى الحرة الجريئة لشخصى ، كان ينتظرون ولادة شخصيتى الثانية أثناء عملية التحقيق ، ولكن هيهات هيهات لما كانوا ينتظرونه منى !! .
إنها سجن طلابى ، أجبرت على الإلتحاق بها قسرا دون أن يكون لدى أدنى رغبة فى ذالك ودون أن تتاح لى الفرصة للفكاك منها والهروب إلى أى مكان آخر ، هل من المعقول أن تنتابنى مشاعر الحزن لأننى نجحت فى تحطيم قيودها والفكاك منها ؟! .
إنها جامعة عنصرية ، بكل ماتحمله كلمة العنصرية من معانى ، كثيرا مايعيب علمائها ومشايخها على دول الغرب التى بلغت فى إحترام حقوق الإنسان شأنا عظيما أنها كانت فى مرحلة ما من تاريخها تنتهج التمييز العنصرى بحق مواطنيها ، أفلا يبادر أصحاب هذه العمائم الخاوية من العقول بإخراج القذى من أعينهم قبل أن يعيبوا على غيرهم أنهم كانوا مثلهم قبل عقود وقرون ؟؟!! .
إنها جامعة عنصرية ، على الرغم من كونها جامعة أهلية ، تعتمد على أموال دافعى الضرائب المصريين مسلمين ومسيحيين فى تمويلها ، ثم لا تقبل غير المسلمين من مموليها طلابا فيها ... أليست تعد بذالك جامعة عنصرية ؟؟!! .
جامعة تفصل فى الدراسة بين طلابها وطالباتها ، كل فى كليات منفصلة عن الأخرى ، بل وتحرِّمُ على طالباتها دراسة بعض التخصصات التى تجعلها حكرا على طلابها ... أليست جامعة عنصرية ؟؟!! .
لا حاجة لى إلى هذه الجامعة ، فلست على إستعداد للمجازفة بسمعتى وتحمل عارها أبد الدهر إن قبلت مواصلة الدراسة فيها عندما خيرت بينها وبين تركها وتخرجت منها .
وإن كان ثمة شىء أذكره للجامعة من فضل علىَّ ، فهو أنها أطلعتنى على حقيقتها التى لم يكن يتسنى لى معرفتها دون أن أدرس فيها ، أدخلتنى إلى معامل غسيل المخ وتفريخ مشاريع القنابل التى تمشى على رجلين من خلال تحويل طفل برىء طاهر النفس إلى مستنقع آسن تفوح منه رائحة الكراهية والعنف ونبذ الآخر بعد قضاء بضعة أعوام بين جدرانها .
إنها الساحرة التى حدثتنى عنها أمى الغالية وفاء سلطان فى أحد مقالاتها ، والتى قد تحول الإنسان إلى غول وحشى مفترس ، وتعجز فى المقابل عن إعادته لطبيعته كإنسان مرة أخرى .
إلى الهاوية أيتها الجامعة العنصرية ... وهنيئا لك مزيدا من الحرية يامن تسكن بين جنباتى ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة