الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجشع المعيب.. / بنعيسى احسينات

بنعيسى احسينات

2018 / 5 / 10
الادب والفن


الجشع المعيب..

بنعيسى احسينات



في عالم الجشع المعيب..
في عصر الاستهلاك العجيب..
ينبطح العقل لمنطق السوق الغريب..
للبيع والشراء خارج أخلاق المنافسة..
رنين الربح يغري القلوب الجشعة..
ويُسمِع الآذان الموصدة..
ويعمي البصائر الشاردة..
يختزل الإنسان في جيبه..
وما قد يصرفه من ماله..
هو زبون آلي أفرغ من أنْسَنَتِه..
يستجيب لنداء غريزته..
مجرد مستهلك طيع بعادته..
لا يميز بين الغث والسمين..
بين الطيب والخبيث الهجين..
بين الحقيقي والمزور المجان..
بين الغالي والرخيص بالبهتان..
بين الجودة والغش بالبيان..
تغريه بالمظاهر الخارجية..
وسحر الإشهار الجذابة..
بالشكل والصوت والصورة..
يعلم الله سر ما يستهلكه..
وقيمة البضاعة المقدمة له..
وحقيقة وسلامة ما يتناوله..
خارج فضاء المراقبة الصارمة..
لا محل من الإعراب للمحاسبة..
بالأمس، تعفنت أضاحي العيد..
وضبطت مواد فاسدة في كل البلاد..
تروج في الأسواق والمحلات بلا ميعاد..
وما خفيَ منها في علم الله والسلطة..
أما الغلاء فحدث ولا حرج عند العامة..
بالمناسبة غالبا، وبغير المناسبة..
بمنطق السوق، بالفوضى المشبوهة..
تحكمه منافسة شرسة بالمزايدة..
لا تعر الاهتمام بالقدرة الشرائية..
ولا بوضعية المستهلك المزرية..
بالزيادة في المواد المخصصة للفقراء..
وإعفاء المنتجات الخاصة للأغنياء..
من سيارات وطائرات خاصة للأثرياء..
تبحث عن الربح الخالص خارج الشرعية..
لجمع الثروات، بالنصب والاحتيال والخديعة..
أمام أنظار الجميع، بلغة الوقاحة والشماتة.

***

نرى هل أتاكم اليوم حديث المقاطعة..
وما أدراك ما المقاطعة، بشعبيتها العارمة..
بتنظيم مواقع التواصل الاجتماعية..
عبر الفاضاءات الزرقاء العجيبة..
خارج التحكم والمراقبة المفترضة..
تعبر عن سخطها واستيائها المتعاظمة..
تفضح المستور والممارسات الجشعة..
من أرباب العمل، مستغلي الطبقة العاملة..
أصحاب المال والجاه، والنفوذ والسلطة..
واليوم، ربما في الغد القريب يا للحسرة..
عندما يرتفع صوت المقاطعين البررة..
ضد غلاء بعض المواد الاستهلاكية..
يُنْعَتون بشتى النعوت المقيتة..
بالمصابين بالدوار وبالخيانة متهمون..
من وراء الستار هم مدفوعون..
لاستقرار البلاد هم يهددون..
بأيادي خفية هم متآمرون..
وجشع ذو المال أعمى بصائر جلهم..
لا ينظرون إلا لأرقام معاملاتهم..
ولا يفكرون إلا في تنمية أرباحهم..
وحب المال للإنسانية يفقدهم..
فلماذا لا تكون هذه المقاطعة عندهم..
ناقوس تنبيه وإنذار لتصفية ضمائرهم ؟؟
ليفيقوا من جشعهم المستشري فيهم..
لو كان بإمكان "باطرونتنا" وبمقدورهم..
لاحتكروا الهواء الذي يتنفسه البشرُ..
وكذا أشعة الشمس والغمامُ والمطرُ..
وحتى البحر والحجارة والنجوم والقمر..
لَعَبئُوها في علب لبيعها لنا بالمرابحة..
يحولوننا إلى مجرد كائنات مستهلكة..
بلا عقل وبلا إحساس بالإنسانية..
لقد فضوا بكارة بيولوجية الطبيعة..
بالمواد الكيماوية والمبيدات القاتلة..
الجديدة منها والمنتهية الصلاحية..
لقد اخترقوا عذرية الأرض الطيبة..
تراها تلد في كل المواسم المتعاقبة..
في كل الأوقات بلا احترام المواقيت..
تجد الخضر والفواكه على طول السنة..
على حساب الفرشة المائية والصحة..
ومياه الشرب باسم المياه المعدنية..
تعبأ للبيع من الآبار والعيون المنسية..
جعلوا من نعمة الله منجما للاغتناء..
لإثراء المستثمرين الجشعين البخلاء..
على حساب المستهلكين الأشقياء..
احتكروا المال باقتصاد الريع والسياسة..
وتحفيظ المواطنة في التاريخ والجغرافية..
لم يبق لهم إلا التحكم في الموت والحياة..
الجارية في عروق الساكنة المستضعفة..
فقران المال اليوم، بالسلطة والسياسة..
أفسد جو الاستثمار في البلاد بالانتهازية..
كما أفسد نزاهة الإدارة والحياة السياسية..
جعلوا المواطنين رعاعا بالأرض المستباحة..
واتخذوا من الوطن مزرعة للأقنان والعائلة..
بلا حسيب أو رقيب من رجالات السلطة..
فكيف يجرد الجشع صاحبه من الإنسانية؟
وكيف يعمي جمع المال بصيرة هذه الفئة؟
فباللجوء الذكي إلى التكنولوجيا الحديثة..
يقوم الشعب اليوم، بالمراقبة والمحاسبة..
بلا خوف ولا تردد، بفعل الإرادة الصامدة..
فرغم عدم الاكتراث بالمقاطعة الناجحة..
ستظل سائرة المفعول بالجد والعزيمة..
لسد الطريق على جشع كبار الأباطرة..
وحكومتنا غائبة من ميادين المصارعة..
والجمعيات المدنية في حالة غيبوبة..
كأن الأمر لا يستحق العناء تماما بالمرة..
فحذار من استفحال أمر هذه المقاطعة..
واستمرار حالة عدم الرضا، سيضر بالأمة..
وكيف لا ينتفض من مسه ضر من الخليقة؟
ومن المسئول يا سادة، عن هذه الوضعية..
فإن لم نتدارك الأمر، فسيستفحل لا محالة..
وأين هو دور الحكماء، لإيجاد حل لهذه المعضلة؟

-----------------------------------------------------------

بنعيسى احسينات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد