الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم - الآن: نهاية الموسم -، محطة المهاجر بين البياض والماء

علاء موفق رشيدي

2018 / 5 / 13
الادب والفن


فيلم " الآن: نهاية الموسم "، محطة المهاجر بين البياض والماء


بين طريق السائح وطريق المهاجر :

يغطي البياض قمم جبل باموكيل في أزمير – تركية ليشكل المشهد الافتتاحي الحلمي لفيلم ( الآن : نهاية الموسم ) للمخرج أيمن نحلة الذي يشرح بأنه تقصد إظهار المفارقة في المشهد الأول والأخير من الفيلم : ( حيث طقوس الاستجمام والسياحة الطبيعية في أزمير، التي يقصدها السياح لأجل القمم الجبلية أو لأجل البحيرات، بينما في محطة المدينة نفسها، والتي لا تبعد إلا 4 كيلومترات، تمتد رحلة من اللجوء للهاربين من سورية، عبر تركية، ومن بعدهاإلى أوربا )

بالتعاون بين مؤسسة ( بدايات ) للإنتاج السمعي البصري تم انتاج الفيلم والذي عرض ضمن أفلام منتدى ( أشغال داخلية 7 ) التي تقيمه منظمة ( أشكال ألوان 2015 )، يقول المخرج : ( رمزية بياض الثلج بداية الفيلم، ورمزية الماء في مشهد النهاية، هي بالنسبة لي رمز للموت، الذي يغامر معه المهاجرون السوريون في رحلة الهجرة )

وبينما تتابع بإيقاع ممتع لقطات عن المهاجرين في محطة أزمير التركية، يكتشف المتلقي أنه سيرافق الوثيقة البصرية لصورهم، وثيقة سمعية تروي حكاية مختلفة وتحتمل تأويلتها المستقلة وهي عبارة عن لحظات انتظار على الهاتف بين مترجم وعامل مقسم الهاتف، العام 1985 ، إنه اتصال بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغن.

اتصال رئاسي على سماعة الهاتف :

يتضح من الوثيقة السمعية رغبة الرئيس السوري الراحل التحدث هاتفياً مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغن المتواجد في مزرعته، والذي تأخر ما يقارب العشرين دقيقة عن رفع سماعة الهاتف. اختار المخرج أيمن نحلة هذا المزج بين الانتظار في الوثيقة السمعية للرئيس السوري حافظ الأسد، وبين لحظات الانتظار التي تمررها العدسة بصرياً لمهاجرين في الاستعدادت للانتقال من أسلوب عيش إلى آخر، من قارة إلى أخرى، بينما يحاول رئيسهم السابق انتظار الرئيس الأمريكي على الهاتف يقول المترجم: (يبدو أن الرئيس ريغان في مزرعته، وهم يحاولون الاتصال به على أقرب سماعة ممكن، أرجو الانتظار).

في الوثيقة الرئاسية التي تعود إلى العام 1985، يتم استعمال الهاتف الأرضي في الاتصال بين رئيسين، بينما تتوالى على الشاشة لقطات اللاجئين اليوم في العام 2015، وهم يستعملون الهواتف الجوالة وأساليب التواصل المعاصرة للحصول على معلومات حول رحلتهم، وللتواصل مع أقاربهم من الماضي، أو مستقبليهم في المستقبل من بلد الهجرة إلى بلد اللجوء. هذه المفارقة أيضاً يمكن أن تحتمل سبباً في دفع المخرج للدمج بين هذه الوثيقة السمعية واللقطات البصرية في صناعة الفيلم. يكتب المخرج في تقديم الفيلم : ( محطة أزمير هو منتصف الرحلة، من طريق الهجرة الطويلة، التي يمر بها آلاف اللاجئين السوريين بعد عناء الانتظار إلى تركيا، يتخذون البحر طريقهم إلى أوربا. هل ستؤجل الرحلة إلى يوم آخر؟)

حال " الانتظار " يربط بين السمعي والبصري:

درس أيمن نحلة التمثيل والإخراج في معهد الفنون الجميلة الجامعة اللبنانية، عمل منذ العام 2007 في التوليف والتصوير للعديد من الأفلام السينمائية، وابتكر المعادلات البصرية لعدد من حفلات موسيقا الروك، التكنو، والديب ستيبب في بيروت ومدن أخرى، وها هو يختار الصور التذكارية التي يقف فيها الشباب المهاجر أمام عدسة الكاميرا ليثبت لحظة سعادة، لحظة فرح، تفاخر أو قلق، كلها مشاعر محتملة أمام عدسة الكاميرا في محطة الانتقال من العنف إلى المجهول.

تلتقط العدسة الواقعية المقاهي التي ينتظر فيها المسافرون، زوايا النوم الليلي في المحطة، أماكن تجمع المعارف والأصدقاء، و بشكل خاص محلات بيع مسلتزمات رحلة اللجوء بين البر والبحر؛ من سترة النجاة البحرية، دولاب البحر في حال غرق الزوارق. إنها اللحظات الإنسانية في رحلة تحيط بها هالة من الفزع، الصبر الطويل، واحتمال التشتت أو الموت.

سترة النجاة اللائقة :

سردياً، تختار الكاميرات لحكايات إنسانية من لحظات الانتظار في كاراج رحلة الهجرة، فنرى الأصدقاء يأخذون صورهم الأخيرة قبل ركوب الرحيل، ونرى عبر زجاج نافذة الحافلة المرأة التي تبكي الفراق أو نسمع صوت محادثة هاتفية بين غائبين، في واحدة من ألمع لقطات الفيلم، نراقب شاباً يجرب – أي يقيس - سترة النجاة الأرجوانية اللون، يحملها ثم يلفها حول جذعه، وحين يربطها يسأل العدسة: (أتليق بي؟ أليست جميلة؟ سترة النجاة الحلوة)، بالنسبة للمتلقي للفيلم، إن الشاب يجرب لباس موت، وربما موته بدقة.

الآن نهاية الموسم، كاميرا تعتني بالتفاصيل حد الشاعرية، وجهد مبذول بعناية على مستوى الإضاءة، والخلاصة اللونية للمشاهد. لا يختار المخرج هنا سرداً مبنياً على تقنيات الفيلم الوثائقي، وإنما يستعمل أساليب أخرى، مثل الوثائق الصوتية، الكاميرا الثابتة أمام حدث اجتماعي مثل السفر أو ركوب الباص في المحطة، إنها التأويلات المشتركة بين السرد والمتلقي، هي التي تميز أسلوب أيمن نحلة ، بالإضافة إلى الجماليات البصرية التي يتم العناية بها بما يمتع المشاهد.

علاء رشيدي

كما رأينا الفيلم يعود للعام 2015، لكن هذه المادة تنشر للمرة الأولى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟