الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاربعاء الاسود

ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)

2006 / 3 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تضمن عهد الشرف الذي أبرماه عثمان وعلي عند شرائهما السيارة القديمة بما استطاعا ادخاره طوال سني عملهما المضني في معمل طابوق النهروان شرطاً واحداً فقط ، وهو أن يتناوبا قيادة السيارة فيما بينهما يومياً ليتسنى للآخر احتساء الخمر أثناء رحلة العودة من العمل.
كانا مدمنين على الخمر والسجائر والثرثرة, ويسكنان معاً في شقة صغيرة فارغة من الآثاث ومكتظة بقناني العرق الفارغة في حي بغدادي قديم. هاجرا معاً من البصرة هرباً من الخدمة الأجبارية في الجيش، وتخفيا خلف أسماءٍ أخرى لحين هروب الجيش نفسه واختباء قائده مع سبائك الذهب والدولارات تحت الارض.
كادت هواياتهما ورغباتهما تتشابه جميعها ألا أن عثمان مولع بتعلم معاني الكلمات الغريبة وعلي مهووس بسماع الأغاني العراقية والرقص عليها بعنف. تولدت لدى عثمان تلك الرغبة بعد ان عثر على كتاب قديم مصفر و بعض من أوراقه ملتصقة مع أخرى بفعل سائل حليبي لزج و دماء. أستهوته قراءة ماتمكن من فك رموزه ، وما استعصي عليه سأل به الآخرين.
عثمان: لم أجد من يعرف معنى "إربهِ"
علي: ماذا؟ ماهي الجملة كاملة؟
عثمان: سأقولها لك رغم انك لم تحزر سابقاً أي من كلمات كتابي :......عن عائشة قالت كان النبي يُقبّلُ ويُبَاشرُ وهو صائمٌ وكانَ أمْلككمْ لإِرْبهِ.. .
علي: ها، لاأعرف . .
عثمان: وهل من جديد!!
علي: أعتقد أن صاحب الصوت الغاضب هو افضل من يعرف بقضايا السيدة عائشة هذه ؛ فكل ظهيرة جمعة أسمعهُ ينقل عنها الأقاويل والقصص. .
عثمان: تقصد صوت الرعاد المنبثق من جوف منارة مسجد متمم الاخلاق؟
تأبط عثمان كتابه وعزم على مسائلة الرعاد عن معنى تلك الكلمة. لم يجد فسحة للجلوس , فأضطر للوقوف في أنتظار فراغ الشيخ ذو الصوت الغاضب والعين الواحدة من صراخه وتهديده ووعيده الذي حقن الرعب بكل اشلاء عثمان الفتية . .
امتزج الأرباك والخوف ليتفصد عرقاً على جبين عثمان عندما هم أخيراً لمواجهة الشيخ الذي بقي في باحة المسجد لوحده.
عثمان: مامعني كلمة إربهِ؟
حدق الشيخ بعينه الوحيدة بأستغراب في وجه عثمان وكأنه يريد الغوص في جمجمته والقبض على دماغه لمعرفة مايدور في رأس ذاك الشاب الوسيم الذي يسأل عن الإرب في تلك الظهيرة القائظة.
الشيخ: تفضل معي يافتى وانا سأشرحها لك بالتفصيل الممل.
مشى عثمان خلفه وساقاه متنافران بأتجاهاتها , واحدة تندفع نحو الشيخ والاخرى تريد العكس .
الشيخ: للإرب معان كثيرة ومختلفة , فأبن عباس يقول... وأبن طاووس يقول.....اما المعنى الخاص الذي أُفَضْل شرحهُ لك الآن بالتفصيل الممل هو :- العضو.
عثمان: ماذا؟
رفع الشيخ ثوبه القصير وكشف عن مغيبةٍ كثة تحت كرشهِ لم تستحد منذ عهدٍ طويل ، يبزغ من ثناياها إرب ممتلئ ونابض وبعين واحدة ايضاً ، متأهباً وجاهزاًللإنقضاض.
الشيخ: هلم إليه يافتى ومسدهُ كي تهدأ من روعهِ.
قفز عثمان مرعوبا للوراء وأتفقت ساقاه هذه المرة بمنحهما للريح بعيداً عن المسجد ، تاركاً الشيخ يلطم بكلتا يديه على إربهِ. ومذ حينها صارت المنارة تحيل أليه إرب الشيخ الاسطواني ؛ ولم تقتل هذه المغامرة الرغبة لدى عثمان بفك أحجية الكلمات الغامضة في كتابه كالرفث والامذاء والثيب والكيس والمغيبة و الافك و الكنف والتور وغيرها؛ كما انه لايأسف كثيراً على مايلاقيه جراء ولعه هذا عندما يقارنه بمايحصل لعلي من فرط هوسه بالرقص المدمي احياناً على أنغام الموسيقى .
كل ماخلا هاتين الهوايتين كان مشابهاً لدى عثمان وعلي ، فقد كانا يكرعان الشراب بنفس "التور" و يهربان من نظام الجور عينه و يتبرزان في ذات "الكَنيف" وينامان تحت سقفٌ واحد , الى ان حل ذاك الاربعاء المشؤوم .
في ذلك اليوم كانت نوبة قيادة السيارة على عثمان ولعلي لذة تعاطي العرق مع مزته المعهودة المكونة من دخان السجائر المعجون بأنغام عراقية.
ما كان بأستطاعة عثمان سلوك دربهم المألوف بسبب اختناقه بالحشود الملفعة بالسواد والرافعة للصور والرايات واللافتات ؛ فأضطر لسلوك الطريق الترابي.
عثمان: ما الكارثة الجديدة التي حلت بهم؟
دس علي قليلاً من العرق في جوفه ودندن مع فؤاد سالم (..ياعراق ...ياعراق....واحسرتاه متى أنام ...... واحسرتاه....ياعراق) )
عثمان: هناك مجهولون يلوحون لنا بالوقوف.
علي: إن كانوا سنة قل لهم يحيا عثمان وإن كانوا شيعة قل لهم يحيا علي..ها ها ها..
عثمان:إنهم مدججون بكل أنواع الاسلحة!!
علي: وإن كانوا بعثيين قل لهم يحيا صدام وإن كانوا سلفيين قل لهم يحيا الزرقاوي..ها ها ها...
عثمان:ليس من مفر أنهم يحاصروننا من كل جانب!
علي: وإن كانوا افغان عرب قل لهم يحيا بن لادن وإن كانوا امريكيين قل لهم يحيا العم سام ..ها ها ها ..
عثمان: لاأفهم مايقولون ، انهم يتحدثون بلغة غريبة!
علي: وإن كانوا ايرانيين قل لهم يحيا خامنئي وإن كانوا سوريين قل لهم يحيا الأسد أبن الأسد..ها ها ها ...
أجبر الملثمون بعددهم الكبير جداً والمعبأين بشتى انواع الاسلحة المتعددة الطراز ومناشئ وتواريخ الصنع علي وعثمان على الترجل من السيارة ورميهما ارضاً على ظهورهما. كانا يحدقان بالشمس التي بدت ليس كعادتها, فقد كانت معطلة عن السطوع والحرارة , باردة ومظلمة وتشع وحشة وقسوة.
فغر علي فاه مندهشاً من حال الشمس وتمتم بحزن وأحباط (...الشمس أجملُ في بلادي من سواها والظلام..)
لم تنفع استغاثات علي وعثمان وهتافهما بحياة كل تلك الاسماء , فقد كان المجهولون يتناوبون بضرب وحرق وتقطيع وتجديع و سمل و سحل جسدا علي وعثمان الى أن أجهز المجهولون عليهما بضربة رجلٌ واحد بعد أن صرخ عثمان وعلي معاً :
نحن مجرد عمال بناء عراقيون ما خطيئتنا....خ ...ر..ة...ب...ر......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية