الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعاق و التخلف

المهدي مالك

2006 / 3 / 18
الادب والفن


مقدمة لا بد منها
ان الانسان بشكل عام يحب أحيانا ان يسافر الى افاق الخيال بكل ابعاده الجميلة و العجيبة و هذا الخيال يعد شيئا مهما بالنسبة لهذا الانسان الذي يفكر بمنطق الايمان بمعتقداته الدينية او الفكرية الهادفة الى تنمية العقول و القضاء على مجموعة من الظواهر المجتمعية كالفقر و الجهل و التخلف و هو اخطر مرض فكري يصيب الانسان و التخلف يعارض التقدم و التنمية بكل معانيها المختلفة و المتعددة في مجتمعنا المغربي الذي دخل الى عصر قراءة ماضيه المؤلم بنوع من المسؤولية و الواقعية التي تساعد على تحليل أي واقع اجتماعي او سياسي او ثقافي و العهد الجديد الذي اراد ان يفتح ملفات ماضينا الأسود بهدف بناء مغرب قرن الواحد و العشرين الذي يعترف باخطاءه السابقة و الذي يسعى الان الى قضاء على التخلف بكل ابعاده العديدة و التي مازالت تعيش في مجتمعنا العريق .
و هذا المعاق قرر ان يستحضر بعض ذكرياته المؤلمة مع هذا التخلف بهدف توعية الناس بهذه الظاهرة الموجودة في مجتمعاتنا الاسلامية بصفة عامة و في مجتمعنا المغربي بصفة خاصة و يتميز هذا الاخير بانه يؤمن بمجموعة من الاشياء كالفكر الخرافي الذي يجعل الناس يمشون على خطى الظلام بكل معانيه و يجعلهم يعبدون التخلف بكل ابعاده المختلفة .
و هذا المعاق عانى الكثير من المعانات و من المشاكل بسبب التخلف و الذي يعتبره مجرد انسانا لا يتكلم و لا يمشي مثل الجميع و لا يستحق أي اهتمام في التربية او في التعليم لانه انسان يعاني من الاعاقة بمختلف أنواعها و اشكالها و التخلف الاجتماعي يرى ان المعاق هو وصمة عار او عيب الذي يجب على الناس اخفاءه او سجنه في بيوتهم لا يخرج منه الا في حال مرضه او موته و هذا التفكير الرجعي ليس له اية علاقة بديننا الاسلامي الذي هو دين الاحسان و الرحمة الى هؤلاء المعاقين و الذين لهم احتياجات خاصة في التربية و التعليم بطريقة التي تتناسب مع نوع الاعاقة الخاصة به و الاعاقة انواع و اشكال مختلفة .
و هذا المعاق قد عانى من هذه الافكار الرجعية و التي تجعله يشعر بالنقص و عدم الانتماء الى هذا المجتمع .
و بدء هذا المعاق يتذوق طعم المرارة بكل معانيها و الياس القاتل و كان يبكي دموعا أحر من الجمر و كان يسافر الى افاق الاحزان و التفكير في الانتحار نعم الانتحار بسبب انه تعب مع هذا التخلف الاجتماعي و الذي اصبح قويا عليه في وقت من اوقات مراهقته القاسية و يعد ذلك الوقت بالنسبة له كمعاق بمثابة جهنم فوق الارض و كان هذا التخلف يقتله في اليوم مائة مرة باهاناته المختلفة و متعددة الاساليب القمعية و الوحشية بالنسبة له و كان يحطمه امام اسرته تحطيما شديدا و كان هذا التخلف يعتبره بمثابة حيوان و اسف على استعمال هذا المصطلح المعبر عن واقع المعاق الحقيقي في مجتمعا يسوده التخلف و الجهل و كان هذا المعاق لا يستطيع التعبير عن مشاعره امام التخلف الذي ربما لم يفهم ظروفه الخاصة او المختلفة عن الانسان العادي الذي يمشي على رجليه و يتكلم بلسانه و شعر هذا المعاق بنوع من الياس و الإحباط و رغبة في الموت و حاول هذا الاخير الانتحار من فوق سطح بيتهم و كان هذا المعاق في اعلى درجات الياس و الحزن و كان يذهب الى مركز وردة الجنوب في حي الخيام انذاك و كان مديره في ذلك الوقت هو صديقه السيد الصمدي الذي ساعده كثيرا و كذلك معلمته زهرة .
و في احد الايام سالته اخته العزيزة عن ما بيه فحاول ان يفهمها طبيعة مشاكله و معاناته مع التخلف كفكر و كايديولوجية التي تقصي المعاق من حقوقه الطبيعية كانسان في هذا المجتمع .
و عندما يدخل هذا الاخير الى غرفته في الليل يعاني لكن بصمت رهيب و يسبح في بحور تأملاته الفكرية العميقة في افاق المستقبل المجهول في ظل تلك الوضعية و كان هذا المعاق لم يكن يتخيل انه في يوم من الايام سيكون في هذا المستوى المتواضع من النضوج الفكري .
و كان ينتظر يوم الاستقلال من هذا التخلف لعله يتذوق اخيرا طعم الافراح و السعادة بعد معاناته القاسية و الطويلة بالنسبة له لكن التخلف له راي اخر و الذي جعله لم يتذوق طعم الافراح و السعادة بل جعله يتذوق الالم الشديد في قلبه المتحطم سالفا و جعله يقوم برحلة طويلة الى عالم الكوابس المزعجة بكل ابعادها و الى عالم الياس من هذه الحياة و كان هذا المعاق يسافر في تاملاته الفكرية الى كوكب الاسئلة ذات معاني مختلفة مثل ما هو الدور الذي يلعبه هذا الانسان المعاق في مجتمعه و ما هي حقوقه و واجباته تجاه هذا المجتمع الذي ليس كله يعترف بان المعاق انسان بكل معنى هذه الكلمة و الانسان له مكانة عظيمة في ديننا الاسلامي و في المواثيق الدولية التي تنادي الى احترام حقوقه المتعددة كحقه في العيش الكريم بعيدا عن التفكير الرجعي الذي يجعله يدخل الى خانة الخرافات الشعبية .
و هذا المعاق الذي يكتب اليكم عبر هذا الموقع المتميز انسان ادرك منذ تلك الوقت ان المعاق في مجتمعاتنا الاسلامية بصفة عامة يعيش تحت ظل مجموعة من المشاكل و المعانات و سببها الرئيسي هو التخلف الاجتماعي الذي لا يعترف بالمعاق كانسان ذو عقل و كرامة و يستطيع ان يساهم في بناء مجتمعه على اسس الديمقراطية و احترام حقوق الانسان و خصوصا حقوق المعاق في العيش بسلام في هذا المجتمع المغربي الذي دخل الى عصر الوعي و طي صفحة هذا الماضي المؤلم بكل ابعاده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??