الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الحكومة الاسلامية في فكر المحقق الاردبيلي

فاطمة عطا العبودي

2018 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نجد من الضروري القاء الضوء على نوع الحكومة الاسلامية في فكر المحقق الاردبيلي وان كانت عائدة لزمن ماضي ومرتكزة على فكر فقيه ينتمي للقرن العاشر الهجري الا انها مبنية على اسس فكرية ما زال يوجد من يؤمن بها ويحاول تعميمها على بقاع المعمورة ولاسيما الاسلامية منها وان اختلفت الطرق والوسائل الى ذلك.

من هو المحقق الاردبيلي: هو احمد بن محمد الاردبيلي المشهور بالمقدس الاردبيلي والمعروف بالمحقق الاردبيلي وكان من مشاهير ومفاخر علماء الامامية في القرن العاشر الهجري ومعاصراً للعهد الاول من
السلطنة الصفوية محل ولادته في قرية نيار من توابع مدينة اردبيل.

مفهوم الحكومة الاسلامية عند المحقق الاردبيلي:

تعد الحكومة في فكر المحقق الاردبيلي ضرورة اجتماعية لحياة البشر لحاجة الانسان اليها لكونه مخلوقاً مدنياً بالطبع فحياة البشر لا تستقيم او تسير بدون القانون والشريعة التي هي عبارة عن " تعليم حسن المعاش والمعاد طبقاً للصواب والسداد ورفع الظلم والفسق والفساد " فوجود الحكومة في حياة البشر له ضرورة عقلية وهي من اللطف الالهي بالناس اذ يرسل اليهم الانبياء لكي يعلموهم الشريعة والقانون والمصالح لكي يتبعوها والمفاسد ليتجنبوها وان هذا الامر هو في عهدة اشخاص ينصبهم الله لهذا الغرض يعلم اهليتهم ويرضى عنهم وهو ما يقع تعيينهم على الله بنفسه . فلا يترك مخلوق من المخلوقات بدون قائد اوامام وذلك حتى في بدن الانسان فاللحواس الظاهرة والباطنة قائداً وهو القلب فاذا كان صحيحاً وسالماً فان جميع الاعضاء تكون سالمة واذا فسد تؤول جميع الاعضاء الى الفساد وتوجب خراب معمورة البدن الانساني ولكي لايكون الناس بالضلال والحيرة فانهم لايتركون بدون قائد او رئيس.
على ما ورد اعلاه فان وجود الحكومة في حياة البشر هو ضرورة حتمية ومن ثلاث منطلقات:
الاول عقلي والثاني يتعلق باللطف الالهي والمنطلق الثالث الاجتماعي للانسان لكي لاينحو الى الفساد والخراب من دون قاطع مابيه وبينهما يدله على الصواب والصلاح.

من هو قائد او رئس الحكومة الاسلامية في فكر المحقق الاردبيلي:
يكون مصدر الحاكمية للحكومة الاسلامية "الهياً " اي ان الله يعين الحاكم او القائد لها بالخصوص وعلى ذلك فأن الله يفوض رئاستها الى رسوله واوليائه المعصومين وتكون حاكميته مطلقة على امور الناس الدينية والدنيوية معاً بلا انفصال او فراق ، وهذا النوع من الحكومة يسميه الاردبيلي بالحكومة المشروعة لكونها ارتكزت على حاكمية الله المتمثلة بولاية النبي وولاية المعصومين ونوابهم العامين اي الفقهاء الجامعين للشرائط. والولاية النبوية افضل واكمل وجه للحاكمية الالهية على الارض فحكومة الرسول هي اصلح حكومة وهو اصلح فرد للتدخل في اور الناس الدينية والدنيوية وهو الذي يستطيعان يجلب المصالح ومنافع الناس الدينية والدنيوية ودفع مفاسد ومضار الامور عن حياتهم وتنظيم مبدأهم ومعادهم بافضل نحو .
وبما انه لانبي بعد نبي الله (محمد ) (ص) لذا وجب ان يكون له خلفاء في امور الناس الدينية والدنيوية لهم نفس صفاته وشرائطه ما عدا النبوة ، ويقومون بنفس الواجبات التي قام بها النبي من حيث تبليغ الاحكام الالهية وحفظ الشرع بعد الرسول ويتصف الامام الذي يخلف النبي برئاسة الحكومة الاسلامية بنفس خصائص وصفات الرسول وهي: ( العصمة ، الخلو من العيوب العمى والطرش وسوء الخلق والقسوة والجبن والتخلق باخلاق وضيعة ولدغة اللسان ، اي ان يكون افضل من جميع الامة) وعلى ذلك فخلافة الرسول لا تكون الا على ايدي الائمة المعصومين ذلك ان جميع الامور الدينية والدنيوية التي تحتاجها الحكومة تقع على علوم وشروط غير محدودة وهي لاتوجد في غير المعصوم .
ولابد من الاشارة الى الاختلاف في الفكر السياسي لفرق المسلمين بشأن تعيين الامام ، اذ يعتبر اهل السنة ان المهم تعينه عن طريق الاجماع او النص او بيعة المسلمين ، في حين ان طريق ثبوت الامامة و الولاية باعتقاد الشيعة هو نفسه طريق ثبوت النبوة ويجب ان يكون بنص من الله او النبي او الامام المعصوم فطريق التعيين امام المسلمين هو النصب من قبل الله والرسول والامام المعصوم ويتعبره واجباً
من الله والرسول . وبما ان التكليف باقٍ لحاجة البشر الى الشريعة الالهية والحكومة باقية حتى في عصر الغيبة وهنا يكون محل اشغال الحكومة للقيادة والرئاسة عليها من قبل الفقهاء الجامعين للشرائط فقط (كالعلم والعدالة وهم ورثة الانبياء وقائمين مقام امام العصر ونوابه ويعتقد ان اذذن الامام بنيابتهم معلوم وبديهي لانه في غير هذه الصورة سيحدث الاختلال في نظام عصر الغيبة وسيختل نظام المجتمع وتؤول حياة الناس الى الضيق والحرج . لان الحكام الفاسدون والجائرون من غير الممكن ان يتولوا القيادة الدينية والدنيوية لجماعة المتدينين حيث لايقبل الله ابد حكومة الفاسقين على المؤمنين وعليه فالحكومة في عصر الغيبة جائزة لاشخاص يكون الله ورسوله راضٍ بحكومتهم .فبدون الامام لايمكنالاقتراب من الصلاح والابتعاد عن الفساد.ويورد ادلة عقلية ونقلية لذلك وهي الحكومة المشروعة في فكر المحقق الاردبيلي. ان نموذج الحكومة المطروح في فكر المحقق الاردبيلي نجده يتوافق مع الحكومة الاسلامية في جمهورية ايران الاسلامية عن طريق توظيف فكرة الولي الفقيه ، وبالاشارة الى ان دستور جمهورية ايران الاسلامية قد اشار اليها في مواضع عدة والى السعي نحو تصديرها الى الدول الاخرى.

المصدر
* علي خالقي،افاق الفكر السياسي عند المحقق الاردبيلي، ترجمة :فاطمة شوربة،(ايران، مؤسسة دار معارف الفقه الاسلامي،2006).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا دولة في الاسلام
د. ليث نعمان ( 2018 / 5 / 17 - 05:42 )
سيدتي خلال عشرة سنوات عاشها عليه الصلاة والسلام في المدينة لم يصك عملة ولم يكن هناك جيش نظامي ولم ينصب ولاة او قضاة أو جباة كما نجد في الدولة الساسانية او البيزنطية او غيرهما

اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟