الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد والمسود في العراق في عصر ما بعد الاحتلال

نجاح يوسف

2003 / 3 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 تقترب عقارب الساعة من موعد انطلاق أولى الموجات من صواريخ كروز, لكي تتبعها موجات أخرى أشد ,  لتدك وحسب تصريحات المسؤولين العسكريين الأمريكيين, مواقع وأهداف عسكرية عراقية, من أجل شل قدرتها على الصمود والمقاومة, ولكي يسهل بعد ذلك اندفاع القوات البرية للتقدم نحو بغداد واحتلالها,  وطوي الصفحة الأخيرة القاتمة من نظام البعث,  الذي أذاق شعب العراق الذل والعذاب والهوان, وفرط باستقلال الوطن,  وبدد ثرواته الوطنية عن طريق شراء وتطوير الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا واستخدامها في حربه ضد شعبنا في كردستان العراق أو ضد الجارة إيران,  وكذلك من خلال مغامراته العسكرية الفاشلة, كما حول عراقنا الجميل إلى سجن كبير ينوء تحت ثقل قوانين جائرة تحمل بين سطورها الموت والهلاك , ومنذ وصول هذا النظام إلى السلطة في شباط عام 1963 بمعونة وإسناد من الأمريكان وبعض الدول العربية(الشقيقة)  ولحد اليوم.. 

لقد أوصل صدام ونظامه جراء سياسات القمع والإرهاب, والحروب المستمرة, إضافة إلى سياسة (طحن العظام) التي انتهجتها الولايات المتحدة منذ حرب الخليج عام 1990 ضد شعبنا العراقي , والتي أدت إلى إفقاره وإذلاله وإركاعه , لكي يسهل في النهاية تدجينه والقبول بحكم الشيطان , إن كان هذا الشيطان سيخلصه من نظام صدام الجائر, ويوفر له الطعام والدواء (حسب قول الرئيس بوش),  وبأي ثمن حتى ولو كان ثمنه تدمير العراق واحتلاله ونصب حاكم عسكري أجنبي عليه!!

فهناك العديد من قوى المعارضة العراقية وهي تتبنى المشروع الأمريكي , رغم معارضة خجولة لبعض رموزها لما تخطط له الإدارة الأمريكية وما يتسرب عن بعض مسئوليها , وخاصة فيما يتعلق بتنصيب حاكم عسكري أمريكي على العراق, لم تستطع هذه المعارضة عمليا طرح بديلها والضغط على الإدارة الأمريكية لتبنيه , والسبب يعود إلى أن هذه الإدارة قد همشت هذه المعارضة منذ البداية, ورسمت لها دورا شكليا لا يتعدى دورها كتابع ومنفذ للتعليمات التي تصلها من قبل رؤسائها, هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن الإدارة الأمريكية لا تريد شركاء في عملية (تحرير) العراق , لذلك فإنها قد حذرت الأحزاب المعارضة والتي لها ميليشيات مسلحة(الأكراد والمجلس) بعدم التدخل في سير العمليات العسكرية الأمريكية , وتحذير السكان أيضا بعدم الخروج من منازلهم عند بدء العمليات العسكرية , بحجة أن النظام العراقي سيستخدم الأسلحة الكيماوية ضدها , حسبما جاء في عدد من المنشورات التي تم إلقاءها من قبل طائرات التحالف في جنوب العراق!! أما السبب الحقيقي فهو تخوف القادة العسكريون وسياسيو الولايات المتحدة من انتفاض الشعب العراقي وأخذ زمام المبادرة بيده وفرض واقع جديد يصعب عليهم التحكم بنتائجه!!

قد لا نستطيع , وفي هذه الظروف المأساوية التي يعيشها شعبنا, والمواقف المتقلبة للدول العربية وعموم المنطقة, أن نتوقع من شريحة واسعة من الشعب العراقي في داخل العراق,  طرح حلول منطقية للخروج من المأزق الذي أدخلها إليه حاكمها المتهور...  إذ كيف يتمنى شعب عريق وعنيد كشعب وادي الرافدين الذي طرد الإنكليز من العراق وطرز هامة وادي الرافدين بالغار, حينما قدم مئات الألوف من الشهداء على مذبح الحرية وحقق أمل العراقيين بالاستقلال من عبودية المستعمر في 14 تموز 1985 .. كيف يتمنى أن يدمر بلده ويعيش تحت احتلال عسكري أمريكي , ومن أجل فقط تخليصه من صدام وزمرته؟!

 يصعب وصف ما يعاني منه شعبنا للعالم , ولهذا سيكون من الصعب جدا على العالم قبول هذا الحل المؤلم والغير المنطقي يصدر من معارضتنا ومن أعداد لا يستهان بها من جماهير شعبنا, وسيكون من المستحيل أن تنال هذه المعارضة احترام وتقدير شعوب العالم إن هي شجعت وروجت ودخلت في لعبة احتلال بلدها العراق!!! فسيد لعبة (تحرير) العراق له قوانينه وشروطه, إلى جانب جيش جرار مدجج بأحدث الأسلحة ,كما سيكون سلاح محاربة (الإرهاب) مسلطا على من تسول له نفسه من العراقيين (الأحرار) مطالبة (السيد) بالرحيل !!

إن الأيام القليلة القادمة , ستكشف زيف ادعاءات الإدارة الأمريكية بإحلال الديمقراطية في العراق , , كما ستكشف لأبناء شعبنا أن التخلص من صدام وزمرته بأيدي أجنبية سيكون مكلفا جدا, فالحرب إن اندلعت , فإن طرفي النزاع بوش وصدام سيخلعا قفازيهما,  كما يقولون,  وسيتحمل عندئذ شعبنا فقط شرور هذه الحرب ونتائجها المأساوية المدمرة, من قتل وتدمير وتخريب للحياة والبيئة , إلى جانب احتلال العراق لسنين طويلة!!  وستكشف هذه الأيام أيضا سلامة ومنطقية مواقف عدد من الأحزاب الوطنية العراقية وبدائلها المطروحة لإيجاد حل سلمي للقضية العراقية,  والتي تعتمد بالأساس على وحدة كافة قوى المعارضة العراقية وعقد مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة وبحضور فاعل من المعارضة العراقية لمناقشة القضية العراقية وإيجاد حلول لها وتبني قرار دولي لإجبار النظام, بإجراء انتخابات حرة وديمقراطية تحت إشرافها كما حدث في بلدان أخرى تحت طائلة الحل العسكري الذي يستخدم  اليوم من اجل إجبار النظام الكشف عن أسلحته المحرمة دوليا..وتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 688 الذي ينتصر لحقوق شعبنا وإرسال مراقبين دوليين لمراقبة انتهاكات النظام لحقوق الإنسان , وتقديم صدام وزمرته لمحكمة دولية لما اقترفت أيديهم من جرائم ضد شعبنا وجيراننا والعالم.. وبذلك فقط يستطيع شعبنا تحقيق أمانيه في حياة حرة وديمقراطية,  وأن يكون سيد نفسه وليس عبدا لحكامه أو للغازي الأجنبي !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و