الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذراً سيادة الوزير.. قضاؤنا ليس مستقلاً

ميشال شماس

2006 / 3 / 18
حقوق الانسان


في لقاء السقف المفتوح الذي نشرته صحيفة الثورة يوم 16/3/2006 دافع السيد وزير العدل عن مرسوم صرف القضاة بقوله : "إن هذا القانون له قوة أي قانون أخر.. الأداة التي صدر بها المرسوم أداة قانونية تماماً فقد صدر قانون يوازي بالقوة قانون السلطة القضائية"
نحن نعلم إن مرسوم صرف القضاة من الخدمة قد صدر متوافقاً مع الآلية التي حددها الدستور لكيفية إصدار المراسيم والقوانين،التي حصرها الدستور بمجلس الشعب أو رئيس الجمهورية،والخلاف ليس متعلقاً بهذا الأمر، وإنما يتعلق بمخالفة مرسوم صرف القضاة لأحكام الدستور ولاسيما المادة 28/من الدستور التي نصت : (1- كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم 4- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون) كما جاء خلافاً للمادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه سورية : ( لكل إنسان الحق في أن يلجأ إلى المحاكم ويلقى لديها الإنصاف عند ارتكاب أي فعل ينقص عليه الحقوق الأساسية التي يقر بها الدستور والقانون ).
والسؤال المطروح الآن هو هل يجوز لمجلس الشعب أو رئيس الجمهورية أو الحكومة أن يصدروا قانوناً أو مرسوماً أو قراراً يحجب حق التقاضي ويمنع القضاء من سماع الدعوى أو يمنع الطعن أو المراجعة بشأنها كما في مرسوم صرف القضاة؟
يمكن الاجابة على هذا السؤال من خلال الدستور نفسه الذي لم يعط السلطة التشريعية أو أية سلطة أخرى الحق في حجب حق التقاضي في موضوع معين استناداً إلى قانون تصدره، بل إن الدستور قد أوكل إلى القانون أمر تنظيم حق التقاضي وسلوك سبل الطعن أمام القضاء دون أن يبلغ هذا التنظيم حق حجبه.
فليس للسلطة التشريعية عندما تستعمل حقها في ترتيب وتنظيم استعمال السلطة القضائية وتحديد اختصاصها أن تتعرض إلى سلطة القضاء بحد ذاتها ، كأن تسلبها جزءاً من اختصاصها وتعطيه لجهة أخرى غير قضائية، باعتبار إن ولاية السلطة القضائية يجب أن تشمل مختلف المنازعات سواء كانت إدارية أم مدنية أو جزائية ، بغض النظر عن طبيعة القضية أو الأفراد المتنازعين. هذه الولاية ناشئة عن طبيعة السلطة القضائية المستقلة والمنصوص عليها في الدستور الذي أناط بها وحدها أمر أداء العدالة وتحقيقها، بموجب المادة 131منه التي نصت على أن : السلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال يعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى.
لذلك يمكن القول إن إغلاق سبيل الطعن أو المنع من سماع الدعوى ضد أي تصرف أو قرار تصدره السلطة التنفيذية أوأية سلطة أخرى هو بمثابة إعفاء السلطة من أية مسؤولية تترتب على تصرفاتها حتى تلك المخالفة للقانون والدستور ، وبالتالي حرمان الناس من اللجؤ إلى القضاء بأية وسيلة كانت . ومن شأن ذلك أن يؤدي مبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه المنصوص عنها في المادة 25/ف2 و3 من الدستور والتي نصت ف2: سيادة القانون مبدأ أساسي في الدولة والمجتمع ف3: المواطنوان متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات . ويعني هذا خضوع الناس حكاماً ومحكومين لحكم القانون، ويعني أيضاً إخضاع تصرفات السلطة التنفيذية لحكم القانون ، بحيث لايتمتع أي تصرف صادر منها بامتياز عدم الخضوع إلى القانون، كما على السلطة التشريعية أثناء سنها لأي تشريع أن تهتدي بالقواعد الدستورية المتلائمة ومبادىء الحق الطبيعي واالعهود والمواثيق الدولية المؤسسة على إحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية العامة .
ورغم دفاع السيد الوزير عن مرسوم صرف بعض القضاة من الخدمة إلا أنه نأى بنفسه عنه عندما أكد " وأنا أقول إن السلطة التشريعية هي التي أصدرت القانون وهي التي قدرت إن ذلك في مصلحة البلد ونتمنى أن يكون القضاء السوري أحسن قضاء في الدنيا".‏ وكأن به يقول أنه لاعلاقة له بمرسوم صرف القضاة ، ولكن نسأل سيادته من هو الذي أعد قائمة القضاة المصروفين وقدمها للحكومة التي أقرتها كما هي دون أي تعديل؟! ونسأله أيضاً ماهي المعايير التي تم على أساسها صرف القضاة المذكورين، هل من خلال التقارير التي أجمعت عليهم، ولم تجمع على غيرهم اللذين مازالوا على رأس عمهلم .؟ أم من خلال الجهة القضائية التي تحدث سيادته عن إنشائها بعد استلامه مباشرة مهامه كوزير للعدل وحدد مهمتها بالتفرغ لدراسة الأحكام التي تردها من المحاكم السورية ليس كمرجع طعن, وإنما كمرجع تقييم على الكفاءة والنزاهة.‏؟
ثم يرى سيادة الوزير " أن القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية وأن الدستور ضمن لهم ذلك وأن قانون السلطة القضائية يضمن لهم هذا الاستقلال وأن السيد رئيس الجمهورية يضمن لهم ذلك.."
وقد نسي سيادته أنه وزيراً في السلطة التنفيذية يرأس وزارة العدل ، وبصفته هذه يرأس مجلس القضاء الأعلى مناباً عن السيد رئيس الجمهورية.وفقاً لأحكام المادة 65من قانون السلطة القضائية الحالي الذي لايضمن استقلال القضاة، بل يعطي وزير العـــدل نفوذاً واسعاً على القضاء، مما يجعل السلطة التنفيذية حاضرة ومؤثرة في جميع الحلقات الإجرائية التي تنظم شؤون القضاة من التعين والترقية إلى التأديب والإقالة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق مجلس القضاء الأعلى المعين من قبل السلطة التنفيذية والذي تتمثل فيه بأكثرية أعضائه.
ونحن مع السيد الوزير نؤكد على حماية أي قاض يحافظ على استقلاله وعدم المس به ، لكننا نسأله بالمقابل ماهو الإجراء الذي سوف تتخذونه ضد من يتدخل من السلطة التنفيذية أوغيرها بعمل القاضي، ولماذا لاتتعهدون مثلاً بحماية القاضي من أي تدخل كان، وتمنعون عنه تلك التدخلات ومن أية جهة أتت ؟
وأخيراً أتمنى كما تمنى سيادة وزير العدل في حديثه أن يكون القضاء السوري أحسن قضاء في العالم، ولكن مانفع التمنيات إذا لم يقم على تطبيق نصوص القوانين والدستور نقابة محامين حرة مستقلة وسلطة قضائية مستقلة تحمي حقوق المواطنين وحرياتهم. ومانفع التمنيات أيضاً إذا لم نسع إلى تأصيل روح الحرية واحترام القانون لدى الحكام والمحكومين على السواء، وجعل هذه الروح حية على الدوام في قلوب الجميع.
دمشق 17/3/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ


.. نتنياهو: شروط غانتس تعني هزيمة إسرائيل والتخلي عن الأسرى




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 160 موقعًا أمميًا دمرته


.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في




.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط