الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة عراقية الى الغرباء

سعد الشديدي

2006 / 3 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


حضرات السادة
لن احييكم لا بتحية الأسلام ولا بتحية العراقيين فلا اجدكم تستحقون اي تحية أو سلام. فما جلبتموه علينا جعلنا نشعر باليأس ونتمنى الموت السريع.
الموت السريع في انفجارٍ لا نسمع منه سوى ازيزه الأول ثمّ ينتهي بعد ذلك كلُّ شئ. أو تحت جنازير دبابة تسحق بمنتهى اللامبالاة عظامنا دون ان يقدم احد بعد ذلك كلمة اعتذارٍ أو أسف.
حضرات السادة
كنت دوماً اكتب مخاطباً العراقي. القارئ الذي يقد يجد بالصدفة ما اكتب في جريدة يومية او موقع على الشبكة العالمية. استفز فيه قيماً نشترك فيها جميعاً، نحن العراقيون، وأفكاراً ان لم تكن ذات فائدة فهي بالتأكيد لن تزيد الوضع العراقي سوءاً. متوهماً ان العراقيين هم من سيصنع التغيير وان ما نكتب سيصبّ حتماً في نهر البناء والتقدم. فمنذ سنين ثلاث، عجاف بلا ريب، ونحن نعتقد ان عجلة التغيير تسير في بلادنا. وكان املنا ان تتجه الى أمام.
الآن اتضحت الصورة. ولم يعد لديّ ادنى شك بأن ما يجري في بلادي مأساةٌ من طراز خاص. ولن اعرض لما يحدث يومياً من مذابح، ترتكبونها انتم أو تشاركون فيها، يذهب ضحيتها العشرات من اهلي، شيعة وسنّة وأكراداً وتركماناً وكلدوآشوريين ومندائيين. فوسائل الأعلام باتت تعيش على دمائنا التي تقطر من شاشات التلفزيون كل ساعة. ولا اريد الحديث عن تفاصيل الوضع السياسي. وقد اثبتنا لأنفسنا، قبل ان نثبت للعالم، بأننا ممثلين بأحزابنا التي انتخبناها في انتخابات حرة ونزيهة لا نملك في قرارنا عدلاً ولا صرفا. فبعد ثلاثة اشهر من الأنتخابات لم نستطع تشكيل حكومة. ومازال الطريق مفتوحاً امام المزيد من الخلافات رغم زعم القيادات الحزبية بأن الجليد الذي كان يلف الحالة العراقية قد بدأ بالذوبان. كلنا نعرف ذلك. ونحاول ايجاد الأعذار متوهمين ان ما يحدث لنا ما هو إلا قدر من الأقدار.
اما الآن فانا لا اخاطب العراقيين، من ابناء البلد. فقد اتضح انهم بلا حول ولا قوة. ولكن اتوجه اليكم يا من جئتم من خلف الحدود لأسقاط النظام الديكتاتوري الفاشي قبل ثلاث سنوات ومن لحق بكم بعد ذلك لأعاقة مشروع التغيير. اتوجه الى الأمريكيين والى العراقيين المتحالفين معهم. وأيضاً الى التكفيريين الذين عبروا حدودنا كالجراد ليزرعوا الموت والدمار في شوارع وساحات عراقنا.
ماذا تريدون من العراقيين؟ هل جئتم جميعكم بقرارٍ مسبق لحفر انهار الدم وحرق اجساد العراقيين؟ ماذا تريدون منّا؟
خذوا ما شئتم من خيرات هذا البلد واتركونا وشأننا. اقولها ولا أندم عليها. فمنذ عقود اربعة، هي عمري بأكمله، وأنتم تستولون على ثروات العراق. ولم يصلني من ثروات بلادي فلساً واحداً. ما وصلني منها هو التشريد والسجن والملاحقة والمقابر الجماعية والقصف بالنابالم والغازات الكيمياوية. ما وصلني كمواطن في واحد من اغنى بلدان العالم من ثروات بلادي كان ومايزال كلمة واحدة: الموت.
فاذا كان ماتريدون هو النفط والغاز وما تخبأه الأرض فخذوه. واذا كان ماتريدون هو المناصب والكراسي فهي لكم ولا نريدها.
واذا كنتم تريدون الأستحواذ على نظام الحكم بأكمله وتسخيره لطائفة او قومية دون غيرها. فتفضلوا. ولكن اوقفوا دوامة طوفان الدم العراقي فلم يعد ابناء وبنات هذا الوطن بقادرين على السير في شوارع مدننا بأمان.
اخيراً تذكرت هذا اليوم بأنني لم اسمع خبراً سعيداً ولم احضر حدثاً سعيداً منذ اكثر من سنتين. وحتى تلك التي كنت اتمنى ان يكون فيها بعض الأمل كانت تنتهي دوماً الى ما يشبه المأساة بعد ذلك.
أهذا ما جئتم من أجله؟
خذوا ما تشاؤون واذهبوا الى اي جحيم تختارون واتركونا ننعم بقليل من الأمان. فهذا كل نريد هذه اللحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار