الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافتنا العربية اسئلة البحث عن الوجود والهوية

علي حسن الفواز

2006 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


هل تعيش الثقافة العربية مأزقا وجوديا حقيقيا؟ وهل ثمة غياب فاضح لاي مشروع ثقافي فاعل يخرج ثقافتنا من مأزقها وعزلتها؟ وهل وضع المثقف العربي التنويري ساقا على ساق واستسلم لسكرته او هزيمته ؟ وهل دخلت الدولة العربية لعبة التوافق المخذول ما بين دور الحارس على الماضي التليد ودور العسكري المهووس بلعبة النصر حتى ولو على الوهم !!؟
تلك الاسئلة تحتاج حقا الى وقفة تتجاوز التأمل وتدخل في عمق الفحص والقراءة البنيوية الكاشفة عن معطيات هذا المأزق الذي يبدو انه قد وصل الى نخاع الهوية والوجود والذات ، فما الذي حدث ؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟
ان ما نفترضه من واقع ومن ازمة ومن اوهام طاعنة انخرطنا جميعا في تداولها لم يكن حادثا بفعل الصدفة .. ولم يتحول الى تهديد حقيقي للفكر دون معطيات وتداعيات وضعت الفكر ذاته خارج حقائق الفحص والتجديد و شرعنة الحرية كخطاب وارادة ومسؤولية وكأن فكرنا هو الوحيد الذي يملك الحصانة ضد حرية الاخرين ويملك شروط وفحولة القوة لانه فكر امة خا لدة!! وبالتالي انتج هذا التقوقع ما بين المحنة والخلود فكرا يابسا انكسر مع اول مواجهة حقيقيا مع العقل الاستعماري ذات الصبغة الامريكية طبعا ! وربما انتج نوعا غرائبيا للمثقف الشرس في عاداته وعقده واوهامه بانه الحارس الامين للهوية !!!
ان حديث الهوية هو حديث في غياب انتاج الافكار وتجديد الفاعلية الثقافية عبر تبني الوعي النقدي كضرورة ومفاهيم وصيانة دائمة للفكر .. وهذا ماجعل ثقافة الهوية ثقافة تقوم على الثوابت والمسلمات وتنأى عن التجديد تحت ايهام الذوبان في ثقافة الاخر والانزياح الى مشروعه الاستحواذي...وربما اعطى هذا الفهم الضيق والعزلة مبررا للاخر في فرض معاييره وتسريب ثقافته كمشاريع في الاصلاح السياسي والاقتصادي وفي تسويق تصورات عن مفهوم ديمقراطية الدولة وتعددية والمكونات السياسية في هذه الدولة ،أي تدمير مركزية الدولة العربية التقليدية ذات المرجعيات العسكرية الانقلابية والقبائلية وكذلك في مجال الاصلاح الاقتصادي في فرض نظام الخصخصة ووضع الشروط السوقية للدخول في نظام التجارة العالمي مع افتراض وجو د السوق المتحررة في نظامها البضائعي والاستيرادي والضرائبي بما فيها اقتصاديات الثقافة!!
ان هذه الحقائق تبدو غائبة عن بصائر الكثيرين ،ومخفية تحت اوهام كبيرة لم تدرك اسبابها حتى النخب الثقافية العربية التي بدت هزيلة ازاء تداعيات الصراع التنويري الجهالوي !!اذ هربت النخب الثقافية العربية الى المهجر المطمئن وبدأت بتسويق ثقافة الانترنت وثقافة الاعلام الضاج في المكان الغربي و المحدود بنتائجه في حاضنتنا طبعا !!!! وكذلك خلت الجامعات العربية بكل هيلمانها القديم من أي دور فاعل وتأثير حقيقي على الاجيال الجديدة في مجال اشاعة قيم الثقافات الانسانية،،مقابل تحول هذه المؤسسات العريقة في علميتها وتنويرها ورموزها الى مفقس لتفريخ ثقافة العزلة والكراهية والعطالة !!
ان مشكلة الصراع مع الاخر تحتاج الى شروط داخلية فاعلة وضرورية وذات موصفات على درجة من العلمية والموضوعية وحتى السبرانية كما يسميها الدكتور علي حرب من اجل افتراض مواجهة حقيقية تحاول منع الاستحواذ والاحتلال وفرض ثقافة الحرمان وتغييب الهوية كما يقول اصحابها،دون النكوص والاستكانة عند مجموعة من المفاهيم المستهلكة والعاطلة وغير القادرة على تحويل الوعي الى سلوك ، والسعي الى تأسيس مشروع ثقافي/ حضاري يقوم على حراك الفكر وانتاج المفاهيم التي تجعل المثقف/ البطل في نسق يؤكد حيويته خارج اطار ادلجة التاريخ والعقائد والمعنى..
من هذه الزاوية يمكن النظر الى الواقع مكشوفا ومؤنسنا ،وخاليا من عقد وامراض نخب اصحاب الهويات ، الذين لايعرفوا ان يدافعوا عن هوية وجودهم سوى الانعزال والعطالة وفرض خطاب الحرب العشوائية على كل القيم والمعايير الخارجة عن سياقهم ،،وبالتالي سيكون الوجود العربي هو الهدف الواضح للبلدوزر الغرب/ امريكي وسياساته التي تعمد الى القسوة والتطعيم الاجباري !! لذا نحن اما م استحقاقات حقيقية في ضرورة الانعتاق من هذه الواحدية والعمل على انتاج معنى اخر في التعاطي مع اليات الصراع والتحول من صناعة الايدولوجيات الى صناعة مشاريع حضارية تدرك ان الهوية ليست خارج الحضارة وليست خارج التواصل والتحول ،اذ هي غير محددة الشكل والمعنى لانها تأخذ شكل الوجود المتحرك والمفتوح على طاقة الانسان في عمله وفي قدرته على بناء علاقات انسانية منتجة تقوم على التسوية او على الاعتراف المتبادل كما يقول علي حرب ..
ان تقويم هذه التوجهات لايحدث خارج نظام الدولة ،وان حديث الثقافة النقدية وتشكيل ملامح نخب ثقافية فاعلة واعادة الثقة بالجامعة كمؤوسسة حقيقية للتنوير العلمي والتعليمي والثقافي لايحدث ايضا خارج وجود دولة حقيقية وقوية لها مؤسساتها ولها خطابها ولها شرعنتها في الادارة وتصريف شؤون العباد ضمن سياقات العدل الاجتماعي وحقوق الانسان ، اذ تمثل الدولة هنا الواقع العياني والجهة التخطيطية والتمويلية والرقابية التي تضمن وتحمي المتحقق على الارض ..لذا لا بناء حقيقي دون دولة حقيقية ، واظن ان بناء الدولة هو المشكلة الحقيقية التي ينبغي ان تدركها القوى الصراعية ، وان تقف ازاءها بحجم مسؤولياتها وايمانها بجدية وجود الدولة التي تنتمي الى العصر وتتفاعل مع المحيط العالمي ومع تحولاته ، اذ لاوجود لدولة خارج العالم !!! ولا وجود لدولة تضع التاريخ فقط ايديولوجيا وحيدة لها ..ان وجود الدولة القوية ، الدولة المؤسسية هو الضامن الوحيد للحفاظ على الوجود ،وهو الكفيل بانتاج النخب الفاعلة الحاملة لحراك الهوية والفكر ضمن سياق حضاري يمشي على قدمين ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ