الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة الثقافة في الإرث الحضاري للأمة

صاحب الربيعي

2006 / 3 / 19
الادب والفن


اندثرت العديد من الأمم عبر التاريخ وهناك أمم في طور الاندثار لأنها مشاركتها هامشية في بناء الحضارة الإنسانية، وتحيا أمم ثانية لأنها مشاركتها في الرفد الحضاري للإنسانية عبر التاريخ والحاضر مستمرة. وقد تصاب أمة ما بكبوة خلال مسيرتها الحضارية فينحسر رفدها المعرفي فترة من الزمن لكنها تبقى حاضرة عبر روافدها السابقة، وحين تنفض عنها غبار كبوتها تستعيد دورها لتساهم ثانية في رفد الحضارة الإنسانية.
وبالرغم من أن الرفد الحضاري مساهمة واعية للأمة لإعلاء شأنها بين الأمم لكنه في المحصلة النهائية يعتبر إعلاءً ورقياً للإنسانية جمعاء. وهذا لاينفي خاصتها ومسعاها الأساس للتنافس على الصدارة مع الأمم الأخرى لكنه في نهاية المطاف يصبح رفدها الحضاري من خاصة البشرية جمعاء تنهل منه جميع الأمم لأجل رقيها وتطورها.
في حين تعتاش الأمم الهامشية على المساهمات الحضارية للأمم الرئيسية الحية في العالم، لذلك فإن دورها يكون ثانوياً في الفعل الحضاري....ومع الزمن يضمحل دورها نهائياً وتذوب في الأمم الأقوى من حيث الفعل الحضاري لتكون في المحصلة جزءً من تاريخها وحضارتها لعدم قدرتها على تأسيس حضارة خاصة بها.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن الثقافة ليست بضاعة مادية لأمة من الأمم وأنما ثقافة كل أمة ملك البشرية كلها، لأنها خلاصة تفكير البشرية جمعاء. ثقافة أي أمة ليست سوى (عسل) استخلص من زهرات مختلفة الشعوب على مر الأجيال، فليكن همنا العسل من النظر إلى جماعات النحل".
الرفد الحضاري للأمة هو فعل الصفوات من أبناءها وليس فعل اجتماعي لكافة أبناء الأمة وليس بمقدور الأمة صناعة صفواتها وروافدها المعرفية بمصنع خاص لكنها تسهم في تهيئة الظروف اللازمة لبروز الصفوات وتدفق الروافد المعرفية. وبالمحصلة فإن الفعل المعرفي ذاتي يخط مسار الأمة الحضاري، ويحدد مستوى الأدوار الذي يمكن أن تلعبه في الحاضر والمستقبل.
إن مجموع الروافد المعرفية لصفوات الأمة هو المحدد لدورها الحضاري، فالمساهمات المعرفية تسجل بأسماء أصحابها وليس باسم الأمة المنتمية لها لكن عند إجراء فعل المقارنة والمساهمة المعرفية للأمم في الحضارة الإنسانية يأسر المجرى المعرفي الرئيس للأمة جميع الروافد المعرفية الفرعية لأبنائها ليصب في محيط المعرفة البشرية جمعاء.
يرى ((توفيق الحكيم))"أن الممتاز في رياضة البدن لايمثل إلا نفسه وجسمه، أما الممتاز في العلم والأدب أو الفن يمثل خلاصة التاريخ الثقافي لبلده الذي يمتد جذوره إلى مئات السنيين. لهذا كان من الصعب على أمة أن تدرب وتظهر عالماً أو فناناً بالسرعة التي تدرب لها وتظهر اللاعب الرياضي".
يمكن لأي أمة تتوفر على المال أن تشتري مظاهر الحضارة من الأمم المتقدمة عليها حضارياً، وتمرن أبناءها على استخدام التقنيات المعاصرة لتدعي أنها متقدمة حضارياً!. لكن جوهر الحضارة لايمكن استيراده إطلاقاً، إنه فعل ذاتي للأمة تسهم التقنيات المعاصرة في تعزيزه فيعكس الجوهر مظهره الحقيقي.
وبخلافه فإن مظاهر الحضارة المستورة لايمكن أن تغلفه مظاهر التحضر الزائفة، إنه فعل وممارسة تنطلق من الواقع وترجع إليه فإن كان جوهر الإنسان غير متحضر لايمكن للتحضر المستورد أن يستر جهله على صعيد الواقع.
يعبر ((توفيق الحكيم)) عنه قائلاً:"إن استطعت بالمال تشتري مظهر الحضارة، فلن تستطيع شراء روح الحضارة".
إن الرفد الحضاري من الثقافة والعلوم للأمة هو أرثها وهويتها وشخصيتها التعريفة أمام الأمم الأخرى في العالم، فالأمة التي تعاني من نقص في رفدها المعرفي لايمكن أن تجد موضع قدم لها بين الأمم. ويصبح دورها هامشي يعتاش على الروافد المعرفية للأمم المتقدمة عليها حضاريا، فيتحدد دورها وتتقزم ذاتها لتكون رهناً لبقية الأمم.
تؤشر نظرة عابرة على المساهمات الحضارية للبشرية أسماء الأمم المساهمة في الرفد الحضاري وأدوارها التاريخية ومسارها في الحاضر والمستقبل، وكذلك أسماء الأمم التي تعاني من ضعف مساهماتها الحضارية وما لعبت من أدوار هامشية في التاريخ ومسارها في الحاضر والمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده