الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدى الذاكرة .!

ميشيل زهرة

2018 / 5 / 18
الادب والفن


في وضح الضوء تساقطت الظلمة ، كبياض الثلج ، في الأزقة و فوق سطوح الخيال الجامح عشقا .
هنا يتراكم الضوء المظلم في الطرقات كروث البقر ..و هناك شاهدت الجدّة تجرفه بجاروف ، و تكنسه بمكنسة حصدتها من زرع زرعوه فوق صدر جدها ، الذي حفر قبره بيديه يوما ، في الحلم ، دون أن يدري ، لأنه كان يسير في نومه كما تناقل المجانين سيرته ..!
في ذلك الوقت ، الموغل في الكآبة ، تساقط القمر في الطرقات ..و غابت الشمس وراء سحابة من جراد العوذلات ، و ....
بأم عيني ، يومذاك ، شاهدت القمر يمدّ أشعته بحنان الأمهات ليضيء الأكواخ الكافرة بالنور ، و العقل الكلي الوطأة ..
رأيته ، يتجسس ، بعشق ، على نوافذ المتعبين ..يغطي الصغار بملاحف منسوجة من حنان مضيء ..و يخطف من النسوة سراويلهن المضمخة بدماء الدورة القمرية ليغسلها في عيون الذكور المتخمين بالموت و الدم ..!
و هناك على ضفة الموت رأيتها تندب رحمها ، فتخصبه بأن تعانق شجرة السنديان المنتصبة التي في قمة الجبل .. الموت الذي أرسل غصنه الغضّ ليداعب القمر ..هناك تحت تلك الشجرة عوى ذئب الخطيئة معاتبا القمر البدر ، عندما يتقمص أحدى وجوه السلف الذي اغتصب ذاكرة الطفولة ..! و هناك في الذاكرة الحالمة ، رأيتني أخطف جاروف الجدة ، و مكنستها ، كي أكشط ما نبق ، من دمامل متقيحة خمجة ، على وجه القمر الموغل في العذوبة ، و الدنس ..! هناك خلعت نعليّ ، و رحت أحفر في التربة كي أدفن كل ركام القيح المتعفن من صديد الذاكرة ..و هناك في البعيد ، حيث كنت أضع كفيّ فوق عيني اتقاء لشدة الظلمة ، رأيت الجدة ، ترفع يدها بالتحية ، و تبتسم لي ابتسامة عميقة الدلالة ..فرفعت لها كفيّ كقبعة كانت فوق عيني اللتان أرهقتهما ظلمة نور وجه الجد ..! فمضت الجدة إلى عوالمها الغامضة في ظلمة دورتها القمرية ..و بقيت أنظف الذاكرة من أجل أن يسكن السلام و السكينة روحها التي أغرقتني بضياء القمر ..رأيت كفيها ، و هي تمضي بشغف ، كمسرح إغريقي متاح لي كي أرقص رقصتي الخالدة.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال