الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاضطراب السياسي في الوضع السياسي العراقي

جاسم الصغير

2006 / 3 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


دروس وعبر وأثر غياب
المشروع الوطني العراقي الجامع
جاسم الصغير
شهد الوضع السياسي في العراق في الأيام الماضية تأزماً كبيراً جداً بفعل الأحداث التي حصلت أثر التفجير الإجرامي لقبتي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) والتي حصلت على أثرها تداعيات خطيرة جداً تتمثل في سريان الهيجان الشعبي وحصول توترات كبيرة جداً على المستوى الشعبي والتي أبرزت أن الانشطار المذهبي والطائفي هو الذي يسود على مستوى الساحة السياسية العراقية في هذه المرحلة المعاصرة والهامة جداً مما يعني أن المشروع الوطني الديمقراطي الذي يجمع العراقيين بكافة خلفياتهم الدينية والمذهبية هو غائب تماماً عن الساحة السياسية العراقية في هذه المرحلة . لقد أثبتت الأحداث السياسية التي جرت أن المجتمع العراقي هو بحاجة ماسة جداً لهذا المشروع الوطني الديمقراطي الذي هو بداية العلاج الحقيقي للأمراض المزمنة التي يعاني منها مجتمعنا ، فبعد التغيير الديمقراطي وسقوط دولة الاستبداد الصدامي كان من الطبيعي نوعاً ما أن تطفو الهويات الفرعية على السطح وأن يتم التعبير عنها من عدة جهات تعتنقها ولكن كان من المؤمل ايضاً أن يستمر ذلك زمناً قصيراً يساهم في تفريغ تراكمات العهود الاستبدادية السابقة وحالما يشعر أتباعها أنه تم لهم التعبير عما يجري في صدورهم بحرية وحرموا منه في التعبير في الماضي وبعدها يتم الالتفاف حول مشروع وطني جامع للعراقيين يبرز الوجه الحضاري لهم ومنها يمكن أن يدخلوا العصر مدخل سليم وأن يبعدوا شبح التقسيم الطائفي عن المجتمع العراقي ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالابتعاد عن الهويات الفرعية التي تعزز هذا التقسيم الطائفي (ولا اعني بالتأكيد من سردي هذا أن يفهم أن يتم التنكر للمعتقدات الدينية للتكوينات السوسيولوجية للمجتمع العراقي لا بالطبع لكن لا يصح أن تكون هي المعبرالسياسي عن آمال وتطلعات المجتمع لأنها تعزز التقسيم الطائفي وهذا ما أكدته الأحداث الأخيرة في العراق) . إن الأحداث التي حصلت في مجتمعنا العراقي بحاجة إلى وقفة جادة من قبل كافة المسؤولين سواءكانوا ممثلين في الحكومة أم خارجها لان مصالح ومسيرة المجتمع تخص الجميع وبحث اشكالاتها بشكل مستفيض امر ضروري جداً مشخصين الأسباب الحقيقيةالتي أدت إلى وقوع هذه الأحداث والتداعيات التي خلفتها والسبل التي تكفل عدم تكرار ذلك لأن حصول هذه التداعيات بعد مرور ثلاث سنوات على التغيير له مؤشر خطير جداً في أن المشروع الوطني الذي يجب أن يسود هو في الحقيقة غير موجود وأن السائد هو افرازات بعيدة كل البعد عن ملامح هذا المشروع الوطني لأن المشروع الوطني المطلوب في الحقيقة أصبح من الضرورة والحاجة الماسة بحيث لا يمكن أن ينكره أي متابع للأحداث لأنه لو كان هذا المشروع الوطني موجود وتتغلغل في الذات العراقية لما كان يسمح بحدوث الذي حدث ومن قبل أي جهة كانت . إذاً أن المشروع الوطني العراقي الذي يتجه بخطابه إلى الجميع وينظر لهم نظرة مساواة بغض النظر عن الدين أوالمذهب أو القومية والذي يجب أن يقوم على برنامج سياسي حضاري يعيد اللحمة إلى الذات العراقية التي تعرضت إلى التمزيق خطير مع الأسف الشديد نتيجة للضغوطات الحياتية والسياسية في الماضي وبما أننا لا نملك أن نغير الماضي ولكننا يمكننا التحدث والتوجه للمستقبل والذي نتمنى أن يتم التوجه له من قبل الجميع بروح شفافة ووطنية وتعبر عن تطلعات الجميع حتى يستطيع المجتمع العراقي أن يتابع ويواصل مسيرته السياسية والاجتماعية بهدوء وسلام أيضاً بنجاح ، وبما أننا نعيش في ظل نظام يتسم بالديمقراطية وحرية التعبير وغيرها من الأهداف الديمقراطية ، كان يفترض أن يتم معالجة إفرازات الماضي التي تساهم في تشتيت الصف الوطني وأن يحل محلها متغيرات وبرامج تعكسها حركات وأحزاب سياسية عصرية قائمة على أسس عصرية علمية ووطنية وتساهم في تعزيز الوحدة الوطنية لا أحزاب وتجمعات قائمة على أسس عصبية وطائفية ، وكما عبر يوماً المفكر العربي ابن خلدون الذي عاب على التجمعات السياسية أساسها هذا لأنه لا يمكن أن ينتج مثل هذه التجمعات خطاباً جامعاً وعصرياً . ومن هنا نرىفي الوضع العراقي المعاصر بات من الضرورة العمل جدياً على إعداد البرامج والخطط في تشخيص عوامل الضعف والتشرذم التي تنتاب الجسد الاجتماعي والسياسي العراقي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق المعاصر وأن يتم من قبل جميع المسؤلين ممارسة سياسة إيثار حقيقي في التسامي على الاختلافات التي قد تكون موجودة لدى بعض الشخصيات السياسية تجاه الآخر ، وأن يتم تغليب المصلحة العراقية الوطنية على أي مصلحة شخصية أو فئوية لأن من ميزات السياسي الناجح هو التسامي فوق أي اعتبارات شخصية وأن يتم وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وأختم كلامي وتحليلي بحكمة عظيمة لأحد الحكماء الفرنسيين الذي قال :
((لطالما رفضنا الجلوس والتحدث معاً في الماضي لكننا الآن مرغمون على الجلوس والتحدث لأن الحقيقة المُرة التي إن حلت ستدمرنا جميعاً ولن تدمر فئة واحدة)) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: البدأ بترحيل مهاجرين أفارقة الى بلدانهم، فما القصة؟ |


.. هجوم إلكتروني على وزارة الدفاع البريطانية.. والصين في قفص ا




.. -سابك- تستضيف منتدى بواو الآسيوي لأول مرة في الرياض


.. السياحة ثروات كامنة وفرص هائلة #بزنس_مع_لبنى PLZ share




.. المعركة الأخيرة.. أين يذهب سكان رفح؟ | #على_الخريطة