الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تعريف فن الرحلة

وليد موحن

2018 / 5 / 20
الادب والفن


إن الرحلة إبحار في خبايا متنوعة ،ووصف مباشر لما يتراءى للعين ،تجمع بين طياتها عدة معطيات يستفيد منها شتى الباحثين من مؤرخين وجغرافيين وأنتروبولوجيين وحتى علماء اللسانيات وغيرهم .
إن فن الرحلة لون أدبي قديم قدم الزمان، من أيام حانون القرطاجني ،إلى رافعة رافع الطهطاوي المصري ، فيه فائدة كبرى وجمة للمؤرخ والانتروبولوجي والسوسيولوجي كما أسلفنا. كما أنه ضرب من السيرة الذاتية في مواجهة ظروف وأوضاع، وفي اكتشاف معالم وأقطار، وبلدان ووصفها، والحكم عليها وعلى المجتمع فيها، حكاما ومواطنين، فهو وصف في النهاية لكل ما انطبع في ذهن الرحالة عبر مسار رحلته وفي احتكاكه بالمحيط، يتآزر في ذلك الواقع والخيال، وأسلوب القص والحقائق العلمية التاريخية والجغرافية والاجتماعية والنفسية وغيرها.
وتكمن أهمية الرحلات في كونها تمثل مظهراً من مظاهر الحضارة العربية الإسلامية... بحثت في الأخر المختلف، واستقصت عاداته، واحتضنت شوارعه وبيوته، ودونت فنونه ومجالسه ، واقتحمت حدوده، وطرقت أبوابه.
وأدب الرحلة يأتي في جلة من النصوص بأسماء عديدة ومتنوعة : أدب الرحلة ـ أدب الموسوعة ، الأدب الوصفي ـ ـ ولعل أكثر هذه التسميات تداولاً هو أدب الرحلة، أو أدب الرحلات ،أو الرحلات الحجازية التي بلغ معها المغاربة طوقا وشأوا عظيما ودون معظمها ،ولا زال يحقق زاد تراثها
فالقاسم المشترك في كل الرحلات هو الرحلة لديار الأخر،وتدوين المشاهدات والانطباعات والتمثلات،وإطلاق الأحكام والمواقف ،فكل سفير هو رحالة ،و كل رحالة بسفير،لذلك فأصحاب هذه الرحلات جميعهم رحالة،وليس كلهم سفراء.
ويقوم أدب الرحلة على عنصرين أساسيين لا يستغني أحدهما عن الآخر، نص أدبي لا يخلو من الخيال، ورحلة واقعية. ويقتضي ذلك أن تطفو أدبية النص ـ وما تستلزمه من حضور تعبيري يقطر سرداً ووصفاً وبهاءً لغوياً ـ على سطح مادة رحلية واقعية حدثت بالفعل في الواقع المكاني للكاتب.
إن أدب الرحلات من الفنون الأدبية التي شاعت لدى العرب منذ القديم. والواقع أن هذا الفن موغل في القدم، عرفته قبل العرب أمم أخرى كالفراعنة والفينيقيين والرومان والإغريق. ثم جاء الرحالة العرب الذين جابوا الآفاق، واشتهر منهم كثيرون مشرقاً ومغرباً أمثال: ابن جبير وابن بطوطة والإدريسي وغيرهم، إذ نقلوا إلينا ما كان يضطرب في العصور السابقة، وشاهدنا من خلال رحلاتهم مستوى الحضارة التي بلغتها الشعوب.
وقد برزت الرحلة كفن أدبي مدوّن ابتداء من القرن الثالث الهجري بجهود بارزة، ومن بينها عمل " اليعقوبي " (ت284ه) صاحب كتاب " البلدان "، ومن بعده " المسعودي " صاحب كتاب "مروج الذهب "، جامعين بين المادة التاريخية والجغرافية والإطار الأدبي الفني. إلى جانب "أبي حامد الأندلسي (ت564) بكتابه "تحفة الأصحاب ونخبة الأعجاب.
وقد أبدع فيها المغاربة إبداعا ،وشاركوا في انتاجها بشكل جم وغفير ،انطلاقا من ابن بطوطة ،وصولا الى المكناسي ،والجعايدي ،والحجوي،ومن سار على نحوهم ونهج نهجهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو