الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الاحزاب الجديدة في العراق إلى اين؟

علي مرزوك الجنابي

2018 / 5 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قبل الحديث عن إنشاء أي حزب سياسي جديد في العراق، هنالك سؤال مسبق وهام يجب الاجابة عليه، هل هناك حاجة حقيقية لأية أحزاب سياسية أخرى؟
إن تكاثر وتعدد الاحزاب السياسية يكون في بعض الاحيان مؤشرا للديمقراطية التعددية، ويعد الحق والإمكانية لإنشاء الاحزاب علامة دالة على الديمقراطية الحقيقية؛ لكن تنوع الاحزاب لا يكون بالضرورة شيء جيد للديمقراطية او للعملية السياسية في العراق وحتى على مستوى البناء الثقافي السياسي للمجتمع العراقي، بل يربك الناخبين، ويشتت المنظومة القيمية للمجتمع؛ إذ تقسم الأصوات مابين الكثير من الاحزاب (والتي تتجه في الغالب نحو نفس الاهداف)، مما يضيع العديد منها فرص اجتياز العتبة الانتخابية ويحرم الجماعات باكملها في المجتمع من صوت البرلمان، ويُجد انشقاق غير مطلوب ومنافسة داخل العملية السياسية.
لذلك وقبل إقامة اي حزب سياسي جديد، يتيعين ان نطرح تساؤل: هل هنالك فائدة سياسية واضحة من القيام بذلك؟ هل هنالك اختلافات سياسية واضحة ما كافة الاحزاب الاخرى؟ ام هل هذا مجرد مشروع "للافتخار" بالنسبة لسياسي أو صحفي أو رجل اعمال يرغب في ترشيح نفسه؟
ان الحقيقة اذا اردت تحقيق شيء ما، فمن المهم الانضمام للافراد من ذوي التوجهات المتماثلة في الحزب الذي يمثل افكارك بشكل عام، لكن الحقيقة هي ان العديد من الاحزاب الجديدة تؤسس فقط لخدمة مصالح اشخاص بعينهم بدلا من اتجاه سياسي معين.
لكن إذا كان هناك مبرر جيد لإنشاء حزب جديد، فإن الحزب الذي يجب ان يؤسس، ان يعكس نوع المجتمع الذي تعمل من اجل تحقيقه، ويجب على الحزب ان يعكس نوع المجتمع الذي يؤمن به بالطريقة التي تتم ادارته بها، وبنوع الحملة التي يقوم بها وفي السياسات التي يطرحها. لذلك واذا رغبنا في مجتمع حديث وأمين من الناحية المادية وشامل عند الدفاع عن حقوق المرأة والاقليات والديمقراطية المنفتحة، فانه يتيعين على الحزب ان يعكس ذلك ، ويلزم ان تكون حملته ابتكارية، كما يلزم تمثيل النساء وجماعات الاقلية على افضل وجه في جميع مستويات الحزب، ويجب ان تكون هنالك ديمقراطية شفافة داخل الحزب وبالصورة التي يعمل بها (امام الجمهور)، وعلى الحزب تفادي كافة صور الفساد.
ان مفاتيح النجاح للاحزاب السياسية هو تحويل المبادئ العامة الى برنامج سياسي حقيقي، مع السياسات الواضحة والغايات المدروسة والمنظمة والقابلة للتحقيق، وكفى انشغالا بالبيانات الايديولوجية والشعارات الطائفية والقومية واللغوية والجهوية...الخ، فالناخب يريد ان يعرف ما سيقوم به الحزب لتحسين نوعية حياتهم، والناخب الان يرغب عن تفاصيل السياسات التي ستتبعها والاجراءات التي ستطرحها اذا تم انتخاب مرشحي الحزب للسلطة.
ان المبدأ الديمقراطي للانتخابات قائم على التنافس لا التصارع، فمن الضروري ان يعمل الحزب السياسي على صياغة برنامج انتخابي او برنامج سياسي، حيث يعتبر كمشروع وخيار وسياسة ليعكس صورة الحزب او الكتلة او الائتلاف الذي يرتبط حتما بنسق ايديولوجي او عقائدي لكي يقترب من صفة المشروع، وليس (الشعار)، لذلك الابتعاد عن تضخيم محتويات البرنامج السياسي، وان يكتب من قبل مختصين من التكنوقراط لكي يكون البرنامج مستجيبا، وواقعياً، ومصاغ على وفق مسح ميداني للمشاكل ودراسة هذه المشاكل وتحليلها، ومن ثم دراسة امكانيات الدولة المادية والمعنوية على تقبل الحلول التي يضعها الحزب السياسي في برنامج السياسي، مع ضرورة تلافي موضوع التشابه والتشابك مع البرامج الانتخابية للاطراف الاخرى، فالمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية من اكثر من كتلة وبنفس العبارة وبنفس المعنى سوف لا تمنح المواطن فرصة الاختيار الدقيق، ومن الضروري ايضا تحديد سقف زمني محدد لتحقيق هذا البرنامج حتى لا يكون برنامجاً شفاهيا بل برنامج قابل للتطبيق ضمن فترة زمنية يحددها مستشارين وخبراء صياغة البرنامج، وبالتالي يعمل الحزب السياسي على بث وعود وشعارات تحمل حلاً لتلك المشاكل، وعند الوصول الى السلطة لا يفاجئ المرشح عندما يستلم المنصب بعدم امكانية تطبيق البرنامج، لذلك ينبغي صياغة برنامج سياسي من قبل نخبة من التكنوقراط وبالاعتماد على الخبراء والمستشارين والمختصين والمحللين، لاحصاء المشاكل المهمة التي تحتاج الى علاج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي ردود الفعل الدولية حول المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق ا


.. إيران.. لجنة الانتخابات تعلن ارتفاع عدد المرشحين للسباق الرئ




.. أنطونيو كونتي يعود لأجواء الدوري الإيطالي


.. مظاهرة في باريس وباريس للمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار ف




.. حشود بمسيرات لشكر النرويج على الاعتراف بدولة فلسطين