الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية انتصاب أسود لأيمن الدبوسي.....ثرثرة و جنس و قيئ

احمد عسيلي

2018 / 5 / 20
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


هل هناك صلة بين الثورة و الحرية و الجنس ؟
هل هناك رابط بين الإباحية و الديمقراطية ؟
أعتقد أن عقدة السؤال تأتي من بساطته ،أو بديهيته الموهومة ، فكل من يقرؤه ، سيجيب عنه بكل عفوية إجابة تتماشى مع قناعاته و رغباته ، دون أي قدرة (أو رغبة أحيانا ) على البحث الجاد عن جواب لهذا السؤال ،لأنه ببساطة ، لكل منا سيل من الأدلة العقلية و التاريخية على وجهة نظره ، و تغيير القناعات (خاصة بموضوع الجنس ) يتطلب قدرات نفسية جبارة من الصراع مع الذات و العقيدة و المجتمع المحيط ، صراعات نحن في غنى عنها ، طالما أننا نسقنا و رتبنا حياتنا بشكلها الحالي ، و لدينا قناعة أن وضعنا ، هو أفضل ما يمكن أن يكون ضمن ظروفنا و شروط حياتنا .
من هنا يمكن أن نعتبر أن رواية الطبيب النفسي التونسي أيمن الدبوسي (انتصاب أسود ) جاءت بشكل لا تبتغي الحوار أو صوغ شخصيات لها قناعاتها و ووجهة نظرها ، و لم يحاول الكاتب التأثير في المتلقي ، بمقدار رغبته في الصدمة .
فالرواية مليئة بالالفاظ الإباحية بشكلها العامي ، و بصور و مشاهد ايروتيكة غاية في الجموح ، من جنس جماعي ، الى ممارسات مختلطة ( مثلية و غيرية ) الى تقديس للقيئ ، كأحد الرفاق المخلصين للمشروبات الروحية ، و التي تلعب دورها في كل ممارسة جنسية ثقيلة (أي غير بسيطة و غير مكتفية على شريكين فقط ) ، بل افرز فصلين كاملين من روايته ، بعنوان (أجمل قيء في العالم ) ، و لا يدرك مقصده ،إلا من خاض أو كان شاهدا على خوض تجارب الخمر و الجنس و القيئ !!!
لا بطل في روايته ، بل مجموعة شباب و صبايا تونسيين ، يربطهم الثورة ، و الجموح ، و العلاقات مع الصحفيين الغربيين الذين أتوا إلى تونس للتواصل المباشر مع المجتمع بعد ثورة الياسمين , و لأنهم شباب ، و لأنهم متمردين على قيم المجتمع ككل ، و ربما لأنهم يخوضون مرحلة جديدة من الحرية ، فلا بد من ممارسة (فعل الخروج ) بكل معنى الكلمة ، بما فيها الخروج عن كل القيم التي أفرزها المجتمع الشرقي منذ لحظة تأسيسه .
في الرواية الكثير من العري ، الكثير من الشباب الذي يتجول في البيوت بأعضاء منتصبة ، ليتكلم عن المظاهرات ، و لحظة نزع الخوف ،
لكن بها أيضا الكثير من التكريس لبعض المقولات الإستغرابية ( أي عكس الإستشراقية ) التي تتحدث عن الفحل العربي ذو القضيب الضخم ، الذي يرضخ لجبروته الشباب الغربي الناعم و الهش ، و الذي يخبأ مثلية جنسية بشكلها السلبي ، و التي لا تظهر إلا أمام شاب أسمر لحظة مضاجعته لامرأة ذلك الغربي (المخنث ) ، كما في فصل (كريستوف ، لا تحاول )
هي مقولات ترضي الضمير العربي ، و تضفي بعض الرضى على الإحساس بالهزيمة ( او الانكسار ) الذي أصاب النرجسية الذكورية العربية منذ لحظة الغزو الأوربي ، للبلد الشرقي ( لاحظ المعنى الرمزي لفتح الارض ) ، و هي مشاهد يرغبها العربي بشدة ، و تحقق مشاهدات عربية عالية في المواقع الإباحية ، و هي تيمة شبه دائمة لدى الممثل الإباحي السوري انطونيو سليمان .
و لأن الكتاب ثوري ، فلا بد أيضا من مهاجمة ( الإمبريالية الأمريكية ) و هي الجزء الأضعف في الرواية ، من حيث اللغة و السرد ، و الأكبر حجما (حوالي ثلث الرواية ) ، و الذي جاء بعنوان ( رسائل إلى امريكا ) ، و مكررا بها أيضا لنفس المقولات التي يرددها اليسار العربي النائم ( و خاصة اليسار التونسي ) عن دعم أمريكا للقاعدة ، و تخليها عن نظام علماني عربي كنظام بشار الأسد !!!
الرواية ( حسب علمي ) من أولى التجارب العربية في الأدب الإيروتيكي الصرف ، و ربما هذا ما يشفع لها ضعف لغتها و تفككها ، و تشوش الكاتب الواضح ، وكأنه بدأ عملا ، و لا يعرف كيف ينهيه ، لكن لديه رغبة قوية في طباعته بأسرع و بأي شكل ، فجاءت بصفحات قوية و جليلة ، و بصفحات ركيكة و مكررة ، و بصفحات أشبه بالمقالات العفنة في صحفنا العربية .
لكنها تجربة تستحق التقدير لريادتها ، و لفتحها الباب أمام كل الكتاب الذي يرغبون بنص ( خارج ) ، ليبدعوا لنا لاحقا أدبا إيروتيكيا متأخر جدا في لغة ألف ليلة و ليلة ، و رجوع الشيخ الى صباه
اقرؤوا هذه الرواية.......فلا بأس بها.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي