الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم قائظ في أريحا

ريما كتانة نزال

2006 / 3 / 19
القضية الفلسطينية


آخر مشهد للصراع كان في" أريحا"، ولم تكن "أريحا أولا؛ حتى تكون أخيرا، إذن هو القرار العدواني المتكرر، قرار متجدد بأشكاله المتنوعة، فقد أتى بالموت بكل الاشكال والألوان وفق آخر صيحات الموضة، وجاء مجنزرا وحصارا ودمارا وجدارا استباحيا، ورقع متفرقة من الأرض الحزينة تسمى "بالكونتونات", يحدها الموت من الجهات الأربع؛ في وضع تاريخي فريد يسهل دروس الجغرافيا ويعقد رسم الخرائط.
العذاب الفلسطيني تحول على يد الابداع الصهيوني الى دعاية انتخابية مميزة؛ ومادة تنافسية بين الأحزاب الصهيونية، تجعل الدم والقيود والأشلاء والركام اصواتا انتخابية دسمة، تحسم معركة "اولمرت" كوريث أصيل لشارون، ففي طبعة حديثة للتوحش العصري، وتعديلات طفيفة على خطط السلام، وبإشارة من منظمي الحملات الانتخابية يقتحم لحمنا المعتقل ليؤكل نيئا، والغاية الانتخابية تبرر الوسيلة في العرف البريطاني الأصيل، وفي البدع الديمقراطية الأمريكية.
ما بين قتل وقتل يوجد الكثير في جعبة الجنود الضجرين، ولقتل الوقت والروتين الاحتلالي لا بأس من اقتحام السجون واستبدالها بسجون جديدة، وما بين إبادة وأخرى لا بأس من التسلية في اجتياح ليس على جدول الأعمال, واغتيال ودمار لتمضية الوقت بمهنية لائقة، فكل شيء ممكن ومستباح لحسم نتيجة الانتخابات.
لحظات الزمن البطيء في أريحا؛ تفاصيل مخزية للواقع العربي الداخل في المألوف، تفاصيل لا تختلف نوعيا عن السيرة العربية الحديثة المحتضنة للهوان، فهي تفاصيل اعتيادية مألوفة في بلاد العراق، يدور إيقاع الدم فيها على وقع الصمت العربي المدوي بجدارة.
في أوطأ بقعة على وجه الأرض لا أحد يسمعنا، الصرخات ابتعلتها "سدوم وعمورية"، وللعرب آذان من طين وأخرى من عجين، فلم يسمع أحد منهم صلوات الأمهات ولانحيبهن، ولا أحد في بني يعرب يبالي بعرينا على الشاشات، ولا بظهرنا المدمى من أثر السياط، ولا من مكترث بانسحاب الكرامة من اللغة، ولا من مبال بدخول الذل بقوة إلى قيم العروبة الاصيلة. لقد فضل العرب أن يشاهدوا الاسرى وقد تحولوا إلى شهداء يتغنون ببطولاتهم، فهذا المشهد الفلسطيني المفضل بالنسبة إليهم، وانقسمنا نحن بين من يرون الاستشهاد وقد أصبح ملاذا من الهزيمة، ومن لا يرى فرقا بين أن يكون الفلسطيني شهيدا او اسيرا في أرض تستوي بها الحياة مع الموت.
غير مسموح في أعقاب أريحا ان يتحدث مفاوضنا عن العودة للمربع الأول، فبعد أريحا علينا العودة إلى مربعنا الصفري؛ بالتفاوض أولا على الاحتفاظ بملابسنا، وعلى حريتنا في اختيار سجوننا، وعلى حقنا في الإخلاص لأسلاكنا الشائكة، وجدران سجوننا وحماية اسمنتها من نتش الجرافات، وحريتنا في تعديل نص موتنا المعلب في الاتفاقات, وقبل كل هذا وذاك ان نتعلم بأن لا نلدغ من الجحر مرتين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟