الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاطعة سوط انتخابي سابق لأوانه...

طارق ليساوي

2018 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


المقاطعة سوط انتخابي سابق لأوانه...
طارق ليساوي
عاش المغرب منذ 13 مايو على وقع احتجاجات شعبية تضامنا مع غزة وإحياءا لذكرى السبعين للنكبة، هذه الاحتاجات بعضها دعا لها حزب العدالة و التنمية الذي يترأس أمينه العام الحكومة، وبالموازاة مع هذه الدعوات لمسيرة تضامنية انطلقت دعوات عبر وسائط التواصل الاجتماعي منادية بضرورة مقاطعة المسيرة و عدم المشاركة فيها...
مبدئيا، نعبر عن تضامننا المطلق مع الشعب الفلسطيني ومع ضحايا الغطرسة الصهيونية وشهداء مسيرات العودة، ونحن مع فلسطين و أهلها قلبا و قالبا، وبشكل عام ، تحتل فلسطين و القدس مكانة سامقة في وجدان معظم الشعب المغربي ليس اليوم فقط وإنما منذ ما قبل الحروب الصليبية...
وهذه المقدمة الاستهلالية لابد منها ، لأن المقال ينساق إلى الرأي الداعي لمقاطعة المسيرة، ليس رفضا لمبدأ التضامن مع الشعب الفلسطيني و أهلنا في غزة أرض العزة...بل على العكس فنحن مطالبين وجوبا بدعمهم ماديا و معنويا، لكن وجه الاعتراض حول مصدر الدعوة للتظاهر، فالحزب الذي انقلب على إرادة من صوت عليه، من الصعب بل من المستحيل أن يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه والانتقام لعرضه...
فموقف رئيس الحكومة ووزراء الحزب تجاه حملة المقاطعة الشعبية لبعض المنتجات الأساسية، كان مخيبا للأمال و فيه تحامل شديد على جمهور المقاطعين و انحياز متطرف لفائدة الأوليغارشية المتحكمة في الثروة والسلطة..
رد الفعل العدواني للحكومة و المتحيز ضد أغلبية الشعب، يعد موقف مجانب للصواب و لايعبر عن الحكمة و الكياسة.. فمن المفروض أن الحكومة تعبر عن رأي غالبية مواطنيها، وتنصاع في الغالب لإرادة الشعب ، لاسيما وأن مقاطعة هذه المنتجات هو نتاج لإرتفاع أسعارها مقارنة بمستوى الأسعار في بلدان أخرى، وأيضا لأن هناك نوع من الاحتكار القائم على وجود كارتيل بين الشركات المنتجة ضد المستهلك...
دور الحكومة في البلدان القائمة على الفلسفة الليبرالية واقتصاد السوق، يتمحور حول ضمان حرية الأسعار و الحد من التضخم عبر توظيف مختلف الأليات التي يتيحها اقتصاد السوق ، ومن ذلك مكافحة الاحتكار ،واستغلال الموارد العمومية لتحقيق مكاسب شخصية...
موقف الحكومة المغربية يتسم بغياب المهنية والوعي السياسي، فهي لاتدرك أن الشعب المغربي قد قاطعها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة الفعلية في الانتخابات ٣٠℅ ، وقد اعترف ملك المغرب في أحد خطبه بأنه ملك لجميع المغاربة بما فيهم المقاطعين للانتخابات..
فإذا كان هذا هو موقف رأس السلطة السياسية تجاه المقاطعين لصناديق الاقتراع، بل و التعامل بمرونة مع دعوات مقاطعة الانتخابات، فكيف للحكومة التعامل بهذه العدوانية مع المقاطعين لبعض السلع، فهو موقف غير طبيعي، ولكنه يؤكد الأطروحة التي استند عليها المقاطعون لهذه المنتجات عبر استعمالهم لعبارة " المحكومة" لتعبير عن الحكومة..
وهو ما يعني أن الحكومة غير مستقلة تجاه أصحاب رؤوس الأموال و الطبقة المخملية و المهيمنة اقتصاديا..وهو ما عبرنا عنه في السابق بزواج السلطة بالمال...
ولكل هذه الأسباب فإن الحكومة العاجزة عن حماية حقوق المستضعفين من شعبها، والحكومة المخالفة لقوانين البلاد وتشريعاتها الضامنة لحرية التعبير و الاحتجاج، يصعب أن تواجه بجرأة وفعالية المحتل الصهيوني..لكن أن يتم توظيف هذه القضية المقدسة و الجامعة لمختلف ألوان الطيف السياسي في المغرب ، بغرض تلميع صورة الحزب و القفز عن المواقف والمثالب السلبية، التي عبر عنها قادة الحزب في العديد من القضايا التي أثارت جدل ملايين المغاربة، فذلك يعد استغباء للمغاربة واستهتار بحقوقهم وتطلعاتهم المشروعة ، في إقامة نظام اقتصادي و سياسي عادل و شفاف ، وترسيخ لمبادئ الحكم الرشيد وفي مقدمتها المساءلة و المحاسبة...
فموقف الحزب كان سلبي تجاه مطالب ساكنة الريف و جرادة...وعبر قادته ووزراءه عن موقف عدواني تجاه المقاطعين للمنتجات الاستهلاكية..لأجل هذا ينبغي مقاطعة هذا الحزب شعبيا ، و ليس في ذلك تحامل علي هذا الحزب وقيادته، فلطالما عبرنا عن مواقف داعمة له منذ 2004 عندما ارتفعت الأصوات المطالبة بحظره ومنعه علي خلفية تفجيرات الدار البيضاء..
لكن أن يصبح الحزب غطاءا لقهر الشعب المغربي، و تمرير سياسات اقتصادية و اجتماعية عدوانية وغير شعبية في تجسيد صارخ للبيرالية المتوحشة، فذلك أمر لاينبغي السكوت عنه...
فالمغاربة الذين قاطعوا انتخابات 2017، أو الذين صوتوا لصالح هذا الحزب نكاية في خصومه السياسيين، مطالبين اليوم باتخاذ موقف حازم، فالمقاطعة لا ينبغي ان تقتصر علي منتجات استهلاكية يمكن استبدالها بعلامات تجارية منافسة، وإنما ينبغي مقاطعة المنظومة السياسية الحزبية عبر تفعيل شعار "المجرب لا يجرب" ، فهذه الأحزاب الحاكمة و أغلب قادتها عبروا عن إفلاسهم السياسي و الأخلاقي ...وعلى حزب المقاطعين أن يهيكل نفسه تنظيميا و شعبيا.. فمن دون شك مستقبل البلاد و أمنها واستقرارها، سيكون بيد هذه النخب الجديدة و الأيام بيننا...و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون...
*أكاديمي و إعلامي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ