الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إهانة جديدة لسوريا وشعبها جبهة خدام بيانوني

نور الدين بدران

2006 / 3 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كما تكون السلطة تكون المعارضة ، سوريا ليست خارج هذه القاعدة ، لا
قديما ولا راهنا.
نهاية سبعينيات القرن المنصرم ، مع بدايات تعفن وتحلل النظام
البيروقراطي السوري وتضخم أجهزته الأمنية بشكل سرطاني واستشراء هيمنتها
على الاقتصاد والثقافة وإلغاء المجتمع وسحق مؤسساته المدنية التي لم
تكن تجاوزت حالتها الجنينية ، وتذرير أحزاب المعارضة عبر السجون والقمع
والملاحقة ، وحقن أحزاب السلطة الاحتياطية أي ما سمي بالجبهة الوطنية
التقدمية بلقاحات الترهيب والترغيب ،في تلك الأثناء كان السيد عبد
الحليم خدام أحد مؤسسي هذا النظام وأحد أهم أركانه ومنظريه ، وكان حزب
جماعة الإخوان المسلمين وتفرعاته وتفريخاته الصورة الأكثر وضوحا
وانعكاسا لذاك التحلل ولكن في الجهة الأكبر مساحة من المعارضة السورية.

هذه الصورة الفاشية الإخوانية كانت الانعكاس الحقيقي للسلطة
الاستبدادية المتخلفة ، حيث راح الطرفان يغذيان التطرف والتعصب ويسحقان
الشعب السوري تحت ألوية صراعهما الدموي ، وكلاهما كانا (وأجزم اليوم
أنهما مازالا) بريئين من جميع شعاراتهما وإيديولوجيتهما.

لقد أحبط الوعي الشعبي السوري وقواه المتنورة ، مشروع الحرب الأهلية
لكنه لم يتمكن من إلغائه كليا، بحكم قوة الوحشين المتصارعين اقتصاديا
وعسكريا وتحالفات كل منهما إقليميا ودولياً، وهكذا عاشت سوريا حربا
أهلية نسبية محدودة على طريقة الحرب الباردة ، أو نوعا من حرب المواقع،
لكن كانت الفاتورة على حساب سوريا وشعبها وبالأخص قواه المتنورة
ومثقفيه ومبدعيه.

اليوم أيضا كما تكون السلطة تكون المعارضة، فهذه الميوعة والتذبذب بين
الإصلاح والبقاء في الخط القديم ، والشطارة الغبية في المماطلة
والمتاجرة العتيقة بالشعارات والخطابات ، من جانب السلطة وعدم اتخاذ
طريق واضح وحازم في مواجهة الاستحقاقات الواقعية على جميع الأصعدة
السياسية وافقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي مجالي السياستين
الداخلية والخارجية ، كل هذا يعكس نفسه على صفحة مستنقع المعارضة الذي
يحتل الإخوان المسلمون أوسع حيز فيه ، على الأقل عدديا أو كميا.

لكن الاستنقاع والميوعة والتذبذب أيضا تعكس نفسها على الحيز الباقي
الذي تتناثر عليه بشكل فسيفسائي قوى المعارضة التي تدعي العلمانية
والديمقراطية وهي بمعظمها لم تخرج عن ارتهان ساذج وتعلل مجاني بأوهام
تتعلق إما بالإخوان أو بالنظام.

اليوم تمر سوريا بأسوأ الظروف داخليا وخارجيا ، يأتي لقاء السيدين خدام
/بيانوني ليعبر عن الواقع السوري ، بأنه اللقاء الأسوأ بين أسوأ طرفين
عانى منهما الشعب السوري.
أقول وليس على سبيل الاستدراك ولا العزاء، وإنما كحقيقة هناك إيجابية
كبرى في هذا اللقاء ، ولكن لمن يقرأ ، وهي حقيقة أكدتها التجربة
المجبولة بالدم والوحل والعار أن الطرفين : النظام والإخوان ليسا إلا
وجهين لعملة إرهابية استبدادية واحدة ، سواء لبسا أزياء السلطة أو
جلباب االمعارضة، وليس المراهنون سابقا ولاحقا من قوى تدعي العلمانية
والديمقراطية .......إلخ على أي من الطرفين إلا صورة عن الغباء السياسي
السوري النادر.

إن مراجعة البيانوني وحزبه للتجربة المرة ،لا تختلف عن مراجعة خدام ومن
يلتحق به ، وليس مصادفة أن يلتقيا ولا عرضا أن يتاجر كل منهما بآمال
وأحلام الشعب السوري ، بل كل ذلك استمرار طبيعي لماض أسود لن يتم غسله
بمائه الوسخ ، وإنما يحتاج إلى أجيال جديدة متنورة ومستقلة عن
ديناصورات العهد القديم ، سواء في السلطة أو في المعارضة على حد سواء.

أما المستسهلون من القوى الأخرى كسذّج إعلان دمشق ، فسيكتشفون عاجلا أو
آجلا أن التغيير عملية أعقد وأطول من بياناتهم الأكثر سذاجة من رسالة
يكتبها مراهق في المرحلة الإعدادية لحبيبة متخيلة.

نورالدين بدران .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة