الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة اسلوبية ( الجزء الأول ) في قصة ( لا ذاكرة للوطن ) للأديب عقيل الواجدي بقلم الكاتب الاستاذ جعفر حاجم البدري

عقيل الواجدي

2018 / 5 / 27
الادب والفن


دراسة اسلوبية ( الجزء الأول ) في قصة ( لا ذاكرة للوطن ) للأديب عقيل الواجد
المتوّجة بالمركز الاول في مسابقة احمد بوزفور القصصية
بقلم : جعفر حاجم البدري
1- مقدمة :
تعتبر الأعمال الأدبية الناجحة هي انعكاس واقعي و تصوير منطقي لأفكار و أحوال كاتبها و ترجمة صحيحة لما أختزنه في عقله من حوادث مرت به أو بالمحيط الذي يقطنه كالوطن .. و من ميزات الرجاحة الأدبية هي التناسق المنطقي بين الدلالة الفكرية للعمل الأدبي و الحالة البنيوية له . و شرع علماء الأسلوبية - سواء بالأدب العربي أو الأدب الانجليزي – يتعقبون الأعمال الأدبية من كافة النواحي البنيوية ليعكسوا الفكرة التي يريد الكاتب ايصالها للقاريء من خلال أدواته التكوينية المجردة كعدد الفقرات ، و طول الجمل ، و استخدام علامات التفريز و التنقيط ، و التكرار الصوتي للحروف ، و استخدام الصور البلاغية و غيرها الى درجة حساب عدد الكلمات و ابراز الاسماء و الأفعال و الصفات و الظروف و غيرها ... و لعل علماء اللغة العربية من المغرب العربي لهم يد طولى في هذا المجال ..
2- لا ذاكرة للوطن :
كما نعلم أن القصة القصيرة ( لا ذاكرة للوطن ) للأديب الأستاذ عقيل فاخر الواجدي نالت قصب السبق بين عدد كبير جدا من القصص القصيرة في مسابقة أحمد بوزفور للقصة القصير في دورتها الخامسة عشر في المغرب .. و قرأت حتى الآن دراستين نقديتين لهذه القصة الرائعة جدا .. و يجدر بالذكر أن الثيمة الرئيسية للقصة هي الألم الكبير الذي يختزنه راوي القصة بداخله و هو يروي كيفية فقدانه لساقه في احدى حروب العراق و كيفية انفضاض صحبه من حوله و تركه يعيش بعزلة ، ثم يعرج بذاكرته الى اللحظات التي رأى بها جثة والده محمولة على سيارة ليتساوى ليله و نهاره بالعتمة منذ حينها و ليعترف بمرارة أن الحروب في بلده تتوارث بعضها .. و من هنا أنطلق بدراستي البسيطة تلك ..
3- التحليل :
حاولت أن أدلو بدلوي ضمن اختصاصي كباحث في علم اللغة التطبيقي و الذي من فروعه الأبرز هو الأسلوبية ... و تعقبت عدد فقرات تلك القصة و عدد كلمات كل فقرة ... فخرجت بالتحليل التالي :
أولا- عدد فقرات القصة هي سبع فقرات ...
الفقرة الأولى : و عدد كلماتها ( 32 ) كلمة .
الفقرة الثانية : و عدد كلماتها ( 88 ) كلمة .
الفقرة الثالثة : و عدد كلماتها ( 62 ) كلمة .
الفقرة الرابعة : و عدد كلماتها ( 109 ) كلمة .
الفقرة الخامسة : و عدد كلماتها ( 49 ) كلمة .
الفقرة السادسة : و عدد كلماتها ( 60 ) كلمة .
الفقرة السابعة : و عدد كلماتها ( 104 ) كلمة .
ثانيا - الفقرات الأكثر كلمات هما الفقرة الرابعة و الفقرة السابعة .
ثالثا - الفقرات الأقل كلمات هما الفقرة الأولى و الفقرة الخامسة .
4- الاستنتاج :
و خرجت الدراسة بالاستنتاجات التالية :
1- عدد فقرات القصة ( سبعة ) تساوي تماما عدد الحروب المفصلية بعد تأسيس دولة العراق الحديثة ( الجمهورية ) و هي :
أولا : انقلاب تموز 1958 وسقوط الملكية في العراق وتولي عبد الكريم قاسم رئاسة الجمهورية
ثانيا : انقلاب 8 شباط 1963 وسقوط نظام عبد الكريم قاسم وتولي عبد السلام عارف الرئاسة
ثالثا : انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 وتولي أحمد حسن البكر رئاسة العراق
رابعا : حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية 1980 م - 1988 م
خامسا : حرب الخليج الثانية أو عاصفة الصحراء عام 1991 م
سادسا : اسقاط حكم صدام عام 2003 م
سابعا : العمليات العسكرية ضد داعش .
2- تسلسل أقسى و أطول حربين في تاريخ العراق الحديث تاريخيا هما الرابع و السابع و هذا التسلسل يساوي تماما تسلسل أطول فقرتين في القصة و هما الفقرة الرابعة ( 109 كلمة ) و السابعة ( 104 كلمة ) ، بل أن الفقرة الرابعة هي الأطول تماما كما هي الحرب العراقية الايرانية التي التهمت بنيرانها أكثر من مليون قتيل من الطرفين . و ثاني أطول و أعنف حرب قاسية هي حرب العراق ضد التكفيريين و تسلسها موازي لتسلسل الفقرة السابعة .
3- تعتبرا الحربان الأولى و الخامسة هما نقطتا تحول في تاريخ العراق و لم يخسر بهما عددا كبيرا من القتلى بحسابات المعارك العسكرية و يتوازى تسلسلهما الزمني مع تسلسل الفقرتين الأولى ( 32 كلمة ) و الخامسة ( 49 كلمة ) من حيث عدد الكلمات .
ختاما ... ليس بالضرورة أن يكون الكاتب واضعا نصب عينيه الاحصاءات الرقمية و لكن طرحه لفكرته بأسلوب وجداني ماهر يقرب ما بخلده من فكره لتتناسب و ما يحيط به من مكان و تاريخ ...
انتهت الدراسة ..
و اليكم النص الكامل لقصة ( لا ذاكرة للوطن ) بقلم الواجدي
علامة فارقة سيجارته التي في يده ، معقود قِرانها منذ اول فجيعة المّت بروحه ، دخانها الذي يعبّأ المكان يرسمُ ذات المشهد دون خروج عن النص ، هما عنوانان – يده وسيجارته - لأيامٍ تعيد نفسها .
ساقهُ التي اَلْقوها كيس القمامة بقيمة وطنٍ بخلَ عن لحظةِ اتكاءٍ له ، خيالهُ الذي يتكسرُ على الزاوية من الغرفة الناعسة الضوء لحظةُ ندم ، وعيناه التي تشيحُ عن التركيز مقصلةٌ تقطعُ منه في كل لحظة منها حُلما تعثر عند ابواب العوز . رؤوفا كان المشرط به فهو لم يقطع ماتبقى من ساقه فحسب انما قطع الوجوه المزيفة التي تلاشت تباعا ليبقى في عالم من الوحدة لاانيس له الا نافذة هي عينه التي يطل بها على العالم ، وبقايا امنية كهذا الدخان ما ان تتسع دائرته حتى يختفي !
العويلُ الذي اصاختْ السماء عن سماعة سِمَةُ البيوت التي تُفْردُ روحها سخاءً ، على ضيقها ، وحدها من تتناوبهُ – العويل – اياتٍ بيناتٍ تُتلى اناءَ اليتمِ واطرافَ الموت ، فالليل يرنم الانين المنبعث من الصدور حتى تخال ان البيوت تصغي اليه لتنعم بالسكون ، لاابلغ من صمت الحزن بارواح انهكها الترقب وخداع النفس ان العيون ستصحو على وجوه طال ترقبها ...
الليل ملاذ المنكسرين الخائبة احلامهم الرامقين السماء بعين التلطف ، هاهو الليل يزف الى مسامعه عويلا اخر ، وآخر من هناك ، وآخر ... ماعاد صوت العويل يخطف قلبه كما قبل ، فربما لانه بلاقلب منذ ان خطف العويل قلبه على صراخ تجمهر عند باب بيته لتشيخ احلامه دفعة واحدة وهو يرى اباه مسجى على ظهر سيارة ! اودع قلبه حيث ماتبقى من ابيه في حفرة ادرك فيما بعد انها قبر ، هو الليل الذي ماعاد يرهبه فكل الايام من دون ابيه ليل ... وكل البيوت المحدودبة حزنا ضحايا للحروب التي لاقود لها الا الفقراء ... الحروب ترث بعضها في وطن ادمنه الموت .
لا فيروز للصباحات الكسولة في مدينة تتلفتُ طيورها فزعا من حصى الصبية الذين يسبقون الفجر نحو المزابل ، هي روحٌ اخرى يشيعها العويل نحو السماء لتُمطر َ البيوتَ وجوما وحزنا . الحالمون بسقفٍ وحدهم من يشيدون الجدران وينسجون الاماني سلالما ، ووحدهم من يهبون الارواح بلاثمن ..
سكون قاتل هذا الليل لا يكدره سوى صريرِ ابواب الصفيح لبيوت تراصفت الى بعضها كأنما تنشد الدفء ، عيناه وحدهما من يرقبان العالم وهذه السماوات التي تتعطل عند ابوابها الادعية وارواح المغادرين ، لا انباء عن الفقراء الذين شيَّعهم العويل ، معطلة حواسنا عن ادراك ذلك ، من كان عبدا في الارض لاشك لن يكون ملكا في السماء !
منسي – هو - كفكرة لم تُدَوَّن ، منذ ان تخلى الوطن عن ذاكرته ، النافذة عالمه الفسيح ومتكؤه الذي لا يَضْجَر ، اعقاب السجائر التي تتطاير من النافذة بحركة لولبية بعض متعته وهو يراها تندفع من يده كرصاصة ، الرصاص الذي كاد ان يفجر الرؤوس لازال دَويّه في اذنه وهو يقفز السواتر تباعا للوصول نحو الرابية التي تنفث رصاصها نحوهم ، قلبه الذي دفنه نبضت به الارض ، الفقراء وحدهم من يخافون على مالايملكون ووحدهم من يظنون انهم يملكون كل شيء !! لكنما ما كانت الشجاعة كافية لان يعود بساقه ولا الدماء التي تناثرت كافية لاخضرار غد !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا