الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حملة المقاطعة الاقتصادية بالمغرب و رفض زواج المال بالسلطة

جلال مجاهدي

2018 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يبدوا أن حملة المقاطعة الاقتصادية خليه يريب التي يخوضها الشعب المغربي ضد مجموعة من المنتوجات و السلع لازالت مستمرة رغم مرور أكثر من شهر على بدايتها , فهل هي مجرد مقاطعة تختزل فيما هو اقتصادي فقط أم تتعدى الاقتصاد لتكون لها دلالات أخرى لتشكل جزءا لا يتجزأ من الحراكات السياسية و الاجتماعية التي عرفها المغرب منذ استقلاله ؟

تجيبنا ردود المسؤولين السياسيين و الحكوميين الذين كالوا الشتم و السباب للمقاطعين كنعتهم بالمداويخ" و الجائعين" و التي وصلت إلى درجة تهديدهم بالمتابعة القضائية و بالسجن , أن ما هو سياسي يختلط بما هو اقتصادي في الواقع المغربي , بل يبدوا جليا من هذه الردود أن السلطة و السياسة هما آليتين في خدمة ما هو اقتصادي , لكن عن أي اقتصاد و عن أية سياسة نتحدث ؟

سمح النظام الملكي القائم في المغرب بتكوين نخبة مجتمعية تحتكر إلى جانبه الثروة و القرار السياسي كوريثة للنخبة التي نشأت في ظل الاستعمار الفرنسي و هكذا أصبحنا أمام مخزن موسع و أمام مغربين مغرب المخزن الاقتصادي المحتكر و المخزن السياسي المسيطر و مغرب الطبقتين المتوسطة و الفقيرة المكافحتين و المنهوبتين.

هذا الوضع الشبه إقطاعي كان لا بد أن يلغي من معادلاته مفاهيم العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروة ليكرس الاستغلال الاقتصادي في صورة واضحة و نرى الآن بعد أن عرت المقاطعة بعض المستور كيف تجني شركات توزيع المحروقات الملايير من الدراهم على حساب المفقرين و كيف تستغل شركة استغلال المياه المعدنية منبعا مائيا ينبغي أن يكون عموميا و كيف تجني من وراء ذلك أرباحا ضخمة لا علاقة لها بكلفة الانتاج و التوزيع و بالثمن الحقيقي للمنتوج.

الحراك الاقتصادي لم يكن فقط رد فعل ضد الغلاء الذي تسبب فيه المخزن الاقتصادي و السياسي بل أيضا رد فعل ضد الغلاء الذي تسببت فيه الرشاوى الاستثمارية التي تحضى بها المستعمرة السابقة فرنسا مقابل خدمات الحماية و المؤازرة للنظام داخليا و خارجيا و التي تتيح للشركات الفرنسية نهب جيوب المواطنين لتحقيق أكبر قدر من الأرباح الممكنة ,لذلك فمقاطعة منتوجات شركة الحليب دانون التي تملك أغلب أسهمها رساميل فرنسية, تحمل في طياتها رمزية الرفض لاستمرار استغلال الشركات الفرنسية لجيوب المواطن المغربي.

إذا الحراك الاقتصادي هو إدانة صريحة للمخزن الاقتصادي و السياسي و رفض صريح لاستمرار الشركات الفرنسية في استغلال المواطن المغربي كما هو إدانة واضحة كذلك للسياسات الاقتصادية للدولة التي تغلب مفهوم النمو على التنمية و المفاهيم الرأسمالية المتوحشة كتحرير الأسعار و العملة و رفع الدعم الحكومي عن المواد الأساسية فقا لمنظور البنك الدولي و صندوق النقد الدولي على حساب الحماية الاجتماعية للفئات المهمشة و الحماية الاقتصادية للقدرة الشرائية للطبقتين المتوسطة و الفقيرة .

لكن في آخر المطاف و من منظور شمولي هل فعلا نجح محيط المخزن الاقتصادي و السياسي المغلق في مسعاه و استطاع أن يراكم ثراوات كما كان يتخيل و حقق لنفسه الأمن الاقتصادي الذي يرومه ؟

كان بإمكان المخزن الموسع أن يجني أكثر بدعمه و تنميته للقدرة الاستهلاكية للأسر و بفتح السوق أمام المنافسة الشريفة لتحسين أدائه في السوق الداخلي و الخارجي و كان بإمكانه أن يحس بالأمن في بلده و أن يستثمر فيها بشكل طبيعي عوض تهريب أمواله للأبناك الأجنبية و ملئه للحسابات السرية , نعم , دولة لا يتجاوز ناتجها الداخلي الإجمالي 110 مليار دولار هي دولة فقيرة و فاشلة اقتصاديا و مهدد سلمها الاجتماعي و حتى أغنياء المخزن الاقتصادي ليسوا بشيء مقارنة بأثرياء دول أخرى فأغناهم بالكاد تصل ثروته إلى 2 مليار دولار و ما ذلك إلا نتيجة لضرب القدرة الشرائية للمستهلك المغربي المفقر و الآن أصبح هذا المستهلك المفقر يمتلك سلاحا مدمرا و هو مقاطعة منتوجات و سلع شركاتهم فهل في حالة تعميم المقاطعة لتشمل جميع سلعهم سيضطرون إلى الاكتفاء بالسلطة دون المال ؟ الأكيد أنهم سيحملون حقائبهم ليغادروا الوطن بدون عودة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -