الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبه الدولة المصرية

أحمد بدوي

2018 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لا يترك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فرصة دون تذكير المصريين بصعوبة الأوضاع الاقتصادية في مصر وضرورة السياسات الاقتصادية القاسية التي تفرضها الحكومة المصرية على المواطنين، وفي الوقت نفسه يتجاهل تماما الرئيس المصري ونخبته الحاكمة حقيقة أن أزمة دولتهم لطالما كانت سياسية واجتماعية أكثر من كونها اقتصادية؛ ذلك أنه بافتراض تحسن الاقتصاد المصري فهو عديم الفائدة ما لم تعمل الحكومة على ضبط سياساتها ودمقرطة مؤسسات الدولة وتعزيز الشفافية والرقابة والمحاسبة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي طالب بها المصريون خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير. ولعل أزمة الدولة المصرية تنعكس جيدا في سياسات الحكومة الحالية ومشروعاتها الضخمة التي لا يشعر أو يستفيد بها المواطنون بل وتضر أحيانا بمصالحهم من أمثلة المشروع العملاق لحفر قناة سويس جديدة رغم تحذير الخبراء من أولويتها في ضوء تراجع حجم التجارة العالمية والأوروبية وبالتالي التراجع المتوقع لإيرادات القناة والمشروع العملاق لبناء عاصمة إدارية جديدة بامتدادها السكني الرأسمالي الذي من شأنه ترسيخ الطبقية الاجتماعية رغم تردي وكارثية الأوضاع في العاصمة التاريخية وتهالك بنيتها التحتية وبالتالي أولوية وضرورة التفات الدولة لها والاستثمار في إصلاحها كدور أصيل للدولة وغيرهما من المشروعات العملاقة المشكوك في جدواها الاقتصادية وإدارة نفقاتها على نحو يضمن الصالح العام. تأتي هذه السياسات كلها متزامنة لمعاناة المصريين الكبيرة نتيجة التراجع التاريخي لدور الدولة بشكل واسع في تحمل مسؤوليتها في دعم التعليم والصحة والبنية التحتية والرعاية الاجتماعية مما يوقع المصريين فريسة للبدائل والحلول الرأسمالية التي ترسخ بدورها التفاوت الطبقي والاجتماعي؛ فيعتمد المصريون القادرون مضطرين على المدارس والجامعات الخاصة لضمان الحصول على تعليم جيد والعيادات والمستشفيات الخاصة لضمان الحصول على علاج أفضل ووسائل النقل الخاصة لضمان الأمان والراحة والسرعة كلا في ذلك وفقا لقدرته المادية ثم أخيرا السكن في تجمعات سكنية رأسمالية مغلقة للتحايل والانفصال والقفز على مشكلات المجتمع والدولة، بينما يضطر غير القادرين من الطبقة الوسطى على الاستسلام وتسليم أرواحهم ومعاناتهم في المدارس والمستشفيات الحكومية غير المؤهلة ووسائل النقل العامة المتردية وتحمل أعباء البنية التحتية المصرية الكارثية ومشكلات المجتمع المصري الناجمة جزئيا عن سياسات الدولة، أما الطبقة الفقيرة فتعيش جزئيا على تبرعات وخدمات الجمعيات غير الحكومية التي تعمل هي الأخرى في ظروف غاية الصعوبة وتتحمل الطبقة الوسطى عبء دعمها بالتبرعات. وفي ظل هذه الأوضاع البائسة تعمل مؤسسات الدولة المصرية البيروقراطية وغير الديمقراطية حسب نفوذها وسلطتها في الدولة وفقا لمصالح أفرادها الشخصية وليس مصلحة المصريين كما هو المفترض، كما تبدو البرجوازية المصرية بكل تناقضاتها دعية ورثة وخارج سياق ذلك المجتمع المصري المأزوم كطرفة سماج ودليل على فداحة المرض. أن أزمة النظام العسكري المصرى الحالي تعكسها عداوته ورؤيته لثورة يناير بأنها مؤامرة لإسقاط الدولة المصرية وليس انفجار حقيقي ضد سياسات الدولة وغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ثم في تناقض لاحق يعيد رأس هذا النظام المصري بنفسه توصيف هذه الدولة المصرية بأنها شبه دولة. يبقى السؤال هنا هل يغيب عن إدراك الرئيس المصري بأن أشباه الدول لا تحتاج لمن يتآمر عليها لأنها عرضة لإسقاط نفسها بنفسها وأن من مصلحة المستفيدين منها والمتأمرين عليها أن يحافظوا فقط على تدهور أوضاعها وليس إسقاطها؟ الإجابة نجدها في سياسات نظامه، وفي الفرق بين رواتب الوزراء والعمال في دولته أو شبه دولته، ثم الفرق بين مدارس أولادهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شبح يناير
ركاش يناه ( 2018 / 5 / 30 - 10:36 )

شبح يناير
____

من التحليل الواقعى الذى تقدمه استاذنا ... انتهينا إلى دولتين فاشلتين ... الرئيس و الامن و سكان الكومباوند و العاصمة الجديدة ( حوالى عشرة ملايين مصرى عددهم مُعرض للنقصان )

و الأموات السائرين ( التكتك و كل ماحوله ) و هؤلاء 90 مليون عددهم مُعرض للزيادة

السؤال هو : متى تفترس احداهما الأخرى؟

....

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -