الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولار يسحق العملة الايرانية

صافي الياسري

2018 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تعرضت عملات عدة بلدان الى التردي امام الدولار الاميركي ومن بينها الليرة التركية والريال الايراني، الليرة التركية فقدت منذ بداية العام ما يزيد على سبعة وعشرين بالمائة من قيمتها وقد بلغ سعر تصريفها الى حد صباح هذا اليوم الخميس 31 مايو ايار 492 ليرة مقابل دولار واحد وكانت الى حد قبل شهر 370 ليره مقابل الدولار الواحد ، وثمة منظومة اسباب اثرت في هبوط الليرة لسنا بصددها ونحن نناقش اسباب هبوط الريال الايراني ، التي تختلف اسبابا تمام الاختلاف عن اسباب هبوط الليرة التركية وعن اسباب هبوط عملات البلدان التي ربطت اسعار صرفها بسعر برميل البترول وحين ارتفع سعر البترول بدأت تتهاوى .
اما اسعار صرف الريال الايراني فباتت تتهاوى بتعجيل اشد من السابق ، حيث ان مسلسل هبوط الريال ، لم يبدأ هذا العام وبفعل متغيراته ولكن سرعة الهبوط ازدادت بتعجيل كارثي ، كما اوضحت في مقال سابق لي ، وكان اول مؤثر في ترديه هذا الشهر واعتبارا من الثامن منه ، حركة ترامب التي اعلن فيها الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران،فقد كانت الذروة الاعلى التي قصمت ظهر العملة الايرانية ومحقتها ،وكنت شخصيا، قد تابعت مسلسل انهيارها وواكبت اسبابها التي تتلخص في مثلث – الفساد – والعقوبات الدولية – والادارة المالية الفاشلة – فضلا على هوامش عديدة كان دورها تشديد وقع الصدمة وفي هذا التقرير الذي تتداوله هذه الايام صفحات الميديا الاجتماعية ونجد فيه الكثير مما نوقن بصحته نقرأ:
العملة الإيرانية انهارت بشكل غير مسبوق ومنيت بخسائر فادحة في أعقاب قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي. وهبط الريال الإيراني إلى مستوى تاريخي جديد عند ثمانية الاف واكثر مقابل الدولار. وبحسب ما أورد موقع «العربية.نت» أمس فإن بعض المواقع الإيرانية التي كانت تعلن سعر صرف الدولار توقفت عن الإعلان، ومنها مواقع «إيران جيب»، «صراف الأولمبيك»، «دنياي اقتصاد» و«صرافي كيش».
وأكدت مصادر إيرانية أن الدولار مفقود في الأسواق خصوصا بعد اعتقال قوى الأمن أخيرا بعض التجار، ولم يتجرأ أحد أن يبيع الدولار في الأسواق. وأفادت المصادر بأن بعض من لديهم دولار يقومون ببيعه بين معارفهم فقط، ولا يوجد سعر موحد. وأحدث الانسحاب الأمريكي دويا في الأسواق الإيرانية، ودفع بعملة الملالي إلى هبوط تاريخي غير مسبوق مقابل الدولار، وبلغ سعر صرفها ستة الاف مقابل الدولار ابتداءا ولم يكف عن الصعود حتى بعد عبوره حاجز الثمانية الاف في رقم قياسي يسجل انهياراً تاريخياً، أما سعر المسكوكة الذهبية الإيرانية فبلغ 21 مليونا و300 ألف ريال، بزيادة 300 ألف ريال. كما ارتفع سعر الذهب إلى مليونين و750 ألف بزيادة 180 ألف ريال.

وكانت قيمة الدولار قد ارتفعت أمام التومان الإيراني كما اورد الخبير سعيد قاسمي نجاد
بنسبة ٣٧% منذ مطلع 2018 حتى ٩ أبريل منه، مما أجبر حكومة حسن روحاني على اتخاذ قرارات صعبة، إذ أعلنت الحكومة عن تحديد سعر واحد لمنع هروب رؤوس الأموال من النظام المصرفي وعجلة الاقتصاد المحلي، ومنعت بيع وشراء الدولار خارج نطاق النظام المصرفي الذي تشرف الحكومة عليه، وبهذا فقد استهدفت هذه القرارات مصالح القاعدة الاجتماعية الموالية لروحاني في الشريحة الأعلى من الطبقة الوسطى أكثر من غيرها، كما ستؤدي إلى ممارسة الضغوط على هذه الشريحة في ثلاثة أبعاد: الأول هو أن هذه القرارات ستمنع هذه الشريحة من أن تحافظ على أموالها من خطر الضياع من خلال الاستثمار بالعملة الصعبة. والثاني أن إفقاد العملة الصعبة تأثيرها وفق سعر السوق سيؤدي إلى الإخلال بعملية استيراد السلع التي تعدّ هذه الطبقة من مستهلكيها الرئيسيين. والثالث أنها ستؤدي إلى وضع عقبات وموانع كبيرة حول أسفار الإيرانيين إلى خارج البلاد، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على هذه الطبقة التي تشكّل غالبية السياح الإيرانيين في الخارج.
ومن المحتمل أن تتصور حكومة روحاني، من خلال تقييمها للأوضاع، أنّ هذه الطبقة لا طريق أمامها إلا دعم روحاني، ولكن الحكومة لا ينبغي أن تستبعد أن تؤدي الأخطاء التي يرتكبها روحاني بهذه الطبقة إلى معسكر المنادين بتغيير النظام، وذلك في ضوء الآفاق المستقبلية المسدودة وانعدام أي بصيص أمل ولو بسيط لعملية الإصلاح.
لقد أخذ التومان في الهبوط منذ منتصف أكتوبر، أي عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا يستطيع تأييد التزام إيران بالاتفاق النووي، مما تسبب في دقّ أول ناقوس خطر للاتفاق النووي والتومان، إذ إنّ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يعني عودة العقوبات ونهاية شهر العسل المالي للجمهورية الإسلامية،وهو ما حدث فعلا وكان اقلق السوق منذ ذلك الحين ..
وفي نهاية ٢٠㿑 ولمدة ١٠ أيام عمّت موجات عارمة من الاحتجاجات الشعبية ذات الجذور والأسباب الاقتصادية والعقائدية ( الانتماء للمقاومة الايرانية وحمل افكارها ومناصرتها وبخاصة منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الذي ترأسه، وايديولوجيات متقاطعة والفكر الديني الطائفي والتي تخوض الان ومنذ ديسمبر العام الماضي انتفاضة شعبية عارمة تختلف في اهدافها ومراميها عن عموم الانتفاضات والحراك السابق تكشف ذلك شعاراتها الاي تبدأ بالراس الكبير – الموت لعلي خامنئي وترفض لعبة الاصلاحيين والمتشددين وتهدد بحمل السلاح وقد شملت كل مكونات الشعب الايراني في عموم مدنه وقصباتها )) فعمت أكثر من ٧٠ مدينة في إيران، مما أدى إلى مقتل عشرات المحتجّين وإصابة المئات واعتقال الآلاف منهم، ولم تؤدِّ “الاحتجاجات العارمة”، كما سمى المحتجون انتفاضتهم، إلى إسقاط نظام “الجمهورية الإسلامية” ولكنها هزّت اركانها وهزت التومان.
كما أعلن ترامب في يناير ٢٠١٨ أنه سيمدد تعليق العقوبات للمرة الأخيرة، ولكنه أضاف بأنه سيخرج من الاتفاق النووي في مايو في حال لم يوافق الأوروبيون على تعديله، وهكذا استمر هبوط التومان الى ان ضرب ترامب ضربته القاصمه باعلانه الانسحاب من الاتفاق فعلا ..
في فبراير حال البنك المركزي الإيراني دون انهيار التومان لمدة أسبوعين من خلال انتهاجه سياسة العصا والجزرة، إذ تم اعتقال تجار العملة، ورفع سعر الفائدة على الودائع، والبيع بالعاجل للمسكوكات الذهبية، لكنّ وتيرة هبوط التومان تسارعت منذ مطلع مارس. ففي منتصف هذا الشهر وجّه ترامب تحذيرًا جادًّا إلى الاقتصاد الإيراني، وذلك من خلال تغييرات أجراها في فريقه على صعيد السياسة الخارجية والأمن، إذ قام ترامب في البداية بعزل وزير خارجيته تيلرسون عبر تغريدة واحدة، وعيّن محله مايك بومبيو، وهو من معارضي الاتفاق النووي، ثم ودّع ترامب مستشار الأمن القومي ماكماستر، وعيّن بدلًا منه عدوّ الملالي، جون بولتون.
لقد ارتفع الدولار أمام التومان بنسبة ٢٠ في المئة منذ أن قام ترامب بتعيين بولتون في ٢٢ مارس حتى تولى الأخير منصبه كمستشار للأمن القومي بشكل فعلي في التاسع من أبريل، وهو اليوم الذي أعلن فيه ولي الله سيف عن توحيد سعر للصرف يُلتزَم به في النظام المصرفي. كما أعلن سيف عن منع بيع العملة الصعبة وشرائها للأفراد الذين لا يملكون تراخيص حكومية، ومُنِع الاحتفاظ بمبلغ يفوق ١٠ آلاف يورو إلا بتراخيص خاصة، كما تبيع الحكومة لكلّ مسافر نحو ٥٠٠ يورو في العام إذا كانت الوجهة هي الدول القريبة من إيران، ويرتفع هذا الرقم إلى ١٠٠٠ يورو لزيارة الدول البعيدة، وذلك بسعر الصرف الحكومي.
إنّ حظر البيع والاحتفاظ بالعملة الصعبة دون الحصول على إذن حكومي يعني أن الإيرانيين سيواجهون قيودًا كبيرة لزيارة الدول الأخرى، وقد كان المسؤولون الإيرانيون منذ فترة طويلة يشعرون بالاستياء من ارتفاع حجم الزيارات الخارجية للإيرانيين، وهذه السياسة ليست مجرد صدفة.
اذ إنّ ما نسبته ٤٣% من السلع كانت تُستورَد إلى إيران بالسعر التبادلي، أي السعر الحكومي الرخيص، وذلك قبل توحيد سعر الصرف، ومعظم هذه السلع المستوردة سِلع استراتيجية تستخدمها كل شرائح المجتمع، وتشتمل النسبة المتبقية من السلع المستوردة، أي الـ57%، على سلع تستخدمها الشرائح الأكثر ثراءً، ومن المستبعَد أن تقوم حكومة روحاني بتخصيص عملة صعبة بالسعر الحكومي الرخيص لشراء هذه السلع، مما يعني نقصًا حادًّا في هذه السلع وارتفاعًا جنونيًّا في أسعارها.
وكما أوضحنا سابقًا، فإنّ التعيين الإجباري لسعر عملة موحّد سيؤدي إلى ظهور مشكلات اقتصادية ويؤثر سلبًا على الشريحة الأعلى من الطبقة الوسطى في إيران، التي كانت جزءًا من القاعدة الشعبية الموالية لحسن روحاني خلال السنوات الأخيرة، والموالية لمن يسمون انفسهم الإصلاحيين قبل ذلك، وافترقت منذ فترة طويلة بطريقها عن طريق خامنئي والحرس الثوري والأصوليين، ونزلت إلى الشارع بأعداد كبيرة في ٢٠٠٩ للتعبير عن معارضتها لمحمود أحمدي نجاد، وعلى ضوء غياب مخرج وبديل، وغياب برنامج للانتقال من هذا النظام،( البرنامج هنا موجود وهو برنامج المقاومة الايرانية – المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الا ان البعض يغض الطرف عن الحديث عنه كي لا يتهم بانه يحارب النظام ) قامت هذه الطبقة، التي تمُارَس عليها ضغوط كبيرة وتملك أشياء كثيرة لتخسرها، بمساومة وعقد صفقة مع روحاني، فهي تدعمه أمام المنادين بإسقاط النظام والمنادين بمقاطعة النظام، وكذلك أمام خامنئي والحرس الثوري، وفي المقابل فتح روحاني المجال أمام بيع النفط، مما أدى إلى تحسين الظروف المعيشية لهذه الطبقة، كما أن روحاني يقوم بإيجاد متنفس وأجواء مفتوحة نسبيًّا على المستوى المحلي والدولي من أجل أن تستفيد هذه الطبقة من الظروف لكي لا تختنق في ظروف الاحتقان.
إنّ الشريحة العليا من الطبقة الوسطى ليست هي “الشباب الطهرانيين الأثرياء”، وإنما هي شريحة تتمتع برفاه نسبي بسبب عوائد الإيرادات النفطية إلى الاقتصاد الإيراني، وفي الوقت الذي يسجل التومان بوضوح أداءا غير مستقر، تسعى هذه الطبقة إلى حماية رأسمالها المحدود من خلال الاستثمار في العملة الصعبة، ويعدّ السفر إلى خارج البلاد بالنسبة إلى هذه الشريحة بمثابة استنشاق الحرّية ولو لفترة قصيرة، وتشعر من خلال استخدام سلع أجنبية فاخرة بأنها لم تنقطع عن العالم المتمدّن وهي تعيش في سجن “الجمهورية الإسلامية”،( وتلك هي الخيانة بلا مواربة خيانة الشعب الايراني وفقراءه بتقديم هذه الطبقة مصالحها على حساب الفقراء وعامة الشعب الايراني ويشاركها روحاني الخيانة بالتخادم) والآن أصبح التوفير والثروة والشؤون الترفيهية والزيارات الخارجية والسلع الاستهلاكية التي تستخدمها هذه الطبقة في مهبّ الريح وعرضة للزوال بسبب سياسة حكومة روحاني بخصوص العملة الصعبة.
إنّ احتجاجات ديسمبر ويناير والاحتجاجات المستمرة التي تلتها أظهرت أن “الجمهورية الإسلامية” فقدت قاعدتها الجماهيرية بين شرائح كبيرة من الفقراء والعمال والفلاحين والموظفين الذين لا يزالون في الشوارع للتعبير عن سخطهم، وتتوارد الأخبار يوميًّا حول احتجاجات شعبية في مناطق مختلفة من البلاد، وطيلة هذه المدة لم تشارك الشريحة العليا من الطبقة الوسطى في هذه الاحتجاجات.
إنّ ظهور الشرخ بين هذه الطبقة وحكومة روحاني لا يشكّل تهديدًا كبيرًا لحكومة الأخير فحسب، بل لـ”الجمهورية الإسلامية” بأكملها ونظام الملالي برمته فضلا على ما يشكله الخطر الاكبر من ( المقاومة الايرانية من تحديات )، فالتحالف بين الفقراء والأثرياء هو مفتاح سقوط “الجمهورية الإسلامية”، وعلى ما يبدو فقد أصبحت عودة العقوبات الأمريكية التي تشل إيران، وخصوصًا البنك المركزي، واقعًا، وهذا قد يوصل فئات كثيرة من الطبقات الأكثر انتفاعًا إلى نتيجة مفادها أن إعمال إصلاحات في نظام “الجمهورية الإسلامية” ما داموا على قيد الحياة أمرٌ مستحيل، ليس ذلك فحسب، بل إنّ وضعية “لا حرب ولا سلام” التي كانت سائدة بين ايران واميركا لم تعد قائمة فاميركا توجه ضرباتها متتالية وبشدة للنظام الايراني ومن يقف في خندقه، وضمان هذه الطبقة استمرار تدفق الإيرادات النفطية، بات مجرّد وهم من نسج الخيال، وفي هذه الظروف قد تصل الشرائح الأعلى في الطبقة الوسطى إلى نتيجة مفادها أنه من الأفضل لها أن تجازف بالمشاركة في عملية تغيير النظام.
والآن أمام المجتمع الدولي فرصة تاريخية لاستغلال الشرخ المتنامي بين جميع شرائح المجتمع الإيراني من جهة و”الجمهورية الإسلامية” من جهة أخرى، ليعين المجتمع الدولي مكونات وفصائل المعارضة الشعبية الايرانية على كتابة نهاية نظام “الجمهورية الإسلامية” من خلال وقوفه إلى جانب الشعب الإيراني ومعارضي “الجمهورية الإسلامية”.
ومع ذلك فان هذا المجتمع الذي نرى ان من مصلحته ان يقف مع الشعب الايراني ومعارضته في مواجهته المصيرية تاريخيا مع الملالي ان لم يفعل ، فان المقاومة الايرانية اعدت عدتها لكنس هذا النظام ووضع البديل الديمقراطي مكانه ، وسيتضح برنامجها لهذه الانتقاله في مؤتمرها العام في شهر حزيران من هذا العام الذي لم يبق لموعده سوى ايام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا