الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكافحة الفساد في دولة الفساد

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تعيش اغلب سنوات حياتك في ظل نظام فاسد، تدرك تماما كيف يتحرك هذا الكيان وتتنبأ بما سيقوم به من خطوات، ولا تصدق الدعاية الاعلامية التي يروجها من حين لأخر بشأن مكافحة الفساد.
وعندما يتم الاعلان عن القاء القبض على بعض الموظفين المرتشين كما هو الحال في قضية وزارة التموين الأخيرة على سبيل المثال، لا يفكر أحد المواطنين في أن الرشوة في حد ذاتها هي السبب وراء الاعلان عن هذه القضية، وسيرحل تفكيرهم على الفور للبحث عن السبب الحقيقي وراء هذا الاعتقال، وما اذا كان المضبوط لم يقدم فروض الولاء والطاعة لمن هم فوقه، أو أنه تجاوز حدوده، أو أن هناك من يسعى لتأديبه وقرص أذنه ممن هم أعلى منه وأكثر خبرة وتوغلا في عمليات الفساد والافساد!
وفي بعض الأحيان القليلة يكون السبب وراء الاعلان عن هذا الكشف موظف من الهيئات الرقابية صدق أن وظيفته الضرب على يد الفاسدين كما حدث مع المغفور له هشام جنينة، وهنا يتم عزله من منصبه وسينكل به ويلقى به وراء الشمس حيث لا يبين ثانية أبدا!
ولو كان الأمر متعلقا بمكافحة الفساد – لا سمح الله – فليقل لي أحدكم كيف بربكم ينتقل شخص ما من ادارة الكلية الحربية الى وزارة التموين وما هي العلاقة بين المؤسستين؟ ما هي الخبرة التي يحملها هذا الشخص ليشغل منصبا في وزارة التموين بعد أن أحيل للتقاعد؟
وعموما فإن هذه الحالة متكررة وأصبحت عادة أو روتين في دولة الفساد فكل عسكري يتم احالته للتقاعد يعين في أحد المناصب المدنية وينال مميزات ضخمة في هذه المؤسسة أو الهيئة الحكومية، حتى أن بعض الهيئات مثل هيئة النقل تضم بين جنباتها مائة لواء متقاعد ينالون رواتب شهرية تفوق مجموع ما يناله ابناء الهيئة جميعا من مرتبات شهرية بثلاثة أضعاف!!
وبعد ذلك يتسائلون لماذا تخسر الهيئات الحكومية، ويضعون على المواطن المثقل الكاهل المزيد من الأعباء برفع اسعار الخدمات المقدمة اليه حتى يمكنه أن يكفل مع الهيئة هذا العدد الضخم من اللواءات الذين حصلوا طوال فترة خدمتهم وبعد اقالتهم على مميزات لا يحلم بها المواطن العادي في اجمل وافضل احلامه.
إن أي ادعاء بأن هذا النظام يكافح الفساد هو ادعاء لا يثير الا الضحك والسخرية، فمن يكافح الفساد لا يعفو عن البلطجية والقتلة، ولا يسجن الشرفاء وأصحاب الرأي، ولا يتصالح مع الفاسدين والسارقين ويتركهم يمارسون فسادهم في مناصبهم أو ينقلهم الى مواقع أخرى ليستكملوا مسيرات الفساد.
وكان الأولى له اذا كان بالفعل يكافح الفساد أن يحقق في سرقة عمليات سرقة الأثار الضخمة التي لم يسبق لها مثيل والتي كان احدثها تهريب 24 الف قطعة اثرية في حاوية دبلوماسية الى ايطاليا والتي كشفت عنها السلطات الايطالية وليس السلطات المصرية التي لا تفوت تغريدة ولا تدوينة دون ان تعاقب صاحبها عليها اشد العقاب!
ولنا فيما حدث في قضية فساد القمح عبرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح