الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذعر الأخضر

أحمد عمر النائلي

2018 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن أن تكون السلطة في الدول الرأسمالية المتقدمة , صاحبة التاريخ الطويل في الممارسة الديمقراطية والنتاج العلمي , مثل الولايات المتحدة الامريكية خادمة للطرف الأقوى في المجتمع , وهي الشركات الكبرى المهيمنة على الاقتصاد الوطني وعلى حساب المصلحة العليا للوطن , مثلما تفعل على سبيل المثال المباحث الفيدرالية FBI مع الناشطين البيئيين....
هذا القضية يطرحها كتاب GREEN IS THE NEW RED لمؤلفه الامريكي وول بوتر Will Potter , والذي يتحدث فيه عن الذعر الاخضر او الحراك الاجتماعي البيئي المحاصر من قبل السلطة باختلاف انواعها , والذي يمثله الناشطون البيئيون في الولايات المتحدة تجاه أصحاب الشركات الضخمة , ومنعهم من تحقيق ارباح طائلة على حساب البيئة , مما دعى هذه الشركات الضخمة الى استخدام استراتيجيات الاعلام والعلاقات العامة ومؤسسات الدولة , للتقليل من خطر هؤلاء الناشطين البيئيين ,والذين خلقوا ذعراً جديداً للرأسمالية الامريكية بعد الذعر الاحمر الذي صنعته الشيوعية, مما ادى الى تورط مؤسسات الدولة مثل المباحث الفيدرالية الامريكية في محاربة الارهابيين البيئيين (كما يسمونهم ) , واستخدام الاموال المخصصة لمحاربة الارهاب في محاربة انصار الحياة النظيفة و انصار البيئة .. نحن هنا نتحدث عن الولايات المتحدة صاحبة اضخم اقتصاد عالمي وصاحبة قيم الحرية ومعايير الشفافية والصحافة الاستقصائية و افضل جامعات العالم ,والتي من المفروض ان تساند البيئيين في نضالهم لخلق بيئة نظيفة , من خلال الشرعية التي يفرزها البحث العلمي بدل ان تعيش على دعم هذه الشركات من خلال التمويل الذي تقدمه لها لتحقيق أهداف محددة , فلقد خلق النظام الامريكي مكارثية جديدة تحارب الخطر الاخضر المزعوم بديلاً للمكارثية التي حاربت الشيوعيين في ستينيات القرن الماضي , حيث يحذر بوتر Will Potter في كتابه ( وهو أحد المساهمين في منظمة "المحاربين البيئيين القادمين ) من أن الحكومة الأمريكية تستخدم موارد مكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر لاستهداف نشطاء البيئة والناشطين في مجال حقوق الحيوان (والذين لا يفعلون شيئًا سوى الدفاع عن البيئة بالكلام فقط ) , و يحذر من انهيار "الجدار القانوني الذي يفصل " الإرهابي " عن نصير البيئة ، ويدعوا إلى العمل وشجب الظلم الذي ينتج عنه وضع العلامة " الإرهابية " . على أولئك الذين يهددون مصالح الشركات الأمريكية من انصار البيئة .
وتأثير الشركات الامريكية الضخمة على الداخل الامريكي وبهذا الشكل يقود الى طرح سؤال حول خطورة هذه الشركات على دول العالم وخاصة الضعيفة والهشة , من خلال تمويل السياسيين بالتالي تسخيرهم لمصلحتها , في سبيل تحقيق اكبر قدر ممكن من الربح , والذي قد يؤدي الى اسقاط هذه الدول وقتل ابنائها في سبيل تحقيق المكاسب المادية لرجالات الامبراطورية , بل وتوظيف الاقتصاد العالمي لخدمة الإمبراطوريات القائمة واهمال مصالح بقية الدول , وخاصة ونحن نعيش زمن الشعبوية الامريكية بامتياز والتي تقوم على دغدغة عواطف القطيع واستغلال غرائزهم , وفي ظل هذا المناخ يظل الاعلام والعلاقات العامة خادمة مطيعة لسياسات الاقلية البسيطة الحاكمة في ملكوت البشر , فهي تستخدمها وبنهج استراتيجي في محاربة المظاهرات السلمية المدافعة عن البيئة وفق قول وول بوتر , فهذه الاقلية والتي قد لا تتجاوز 8% من السكان, تسعى من خلال الاعلام الى تكريس هذه السيطرة وجعلها امراً مقبولاً مشرعناً وافضل المتاح , كما يرى فرنسيس فوكوياما الليبرالية الغربية , لذلك يجب ان يتجاوز الفكر الانساني اللحظة الليبرالية الغربية الى توسيع دائرة المشاركة في السلطة وضمان مصالح المجتمع امام مصالح الاقلية الغنية والتي تملك الاعلام والمال والسياسة , إن الذي لا أفهمه كيف سنقنع (نحن اساتذة العلاقات العامة )طلاب العلاقات العامة في كليات الاعلام بالحفاظ على مصالح المجتمع على حساب مصالح المؤسسات التي ينتمون اليها في حالة تقاطع مصالح مؤسساتهم مع مصالح المجتمع , هذه المؤسسات التي تدفع لهم المرتبات وتقدم لهم التأمين الطبي وكافة المزايا , إن رجل العلاقات العامة يشبه المحامي الذي يدافع عن اي شخص تقدم اليه يريد توكيله للوقوف امام القضاء , دون النظر ما إذا كان برئ أو متهم وفق الادلة المتاحة, ومن الناحية العملية لا تقف العلاقات العامة مع مصالح المجتمع , في حالة تقاطعها مع مصالح مؤسساتها , لان هذه الحقيقة لو وجدت لما رأينا مختصي العلاقات العامة يعملون في شركات التدخين والخمور والمشروبات ذات السكر المضاف مثل البيبسي كولا والعصائر والسلاح و و و الخ , إن النصيحة التي يتحدث عنها مؤلفي كتاب " الكتابة للعلاقات العامة Writing for public relations " والتي تقول : إنه يجب على مختص العلاقات العامة ان يلتزم بقيم ومهنية العلاقات العامة في حالة تقاطعها مع مصالح المؤسسة , إن هذه النصيحة لو طُبقت لترك المئات من المختصين عمل العلاقات العامة ,فلن يدفع أرباب هذه المؤسسات أموالاً لأناس سيفلسون بهم , ستظل اشكالية احتكار القلة للسلطة والمال والاعلام مدعاة للصراع وطريقاً لإيجاد طرح سياسي فكري آخر , يحاول أن يقلل الفجوة بين الاكثرية والاقلية , فحالة التخدير التي تقوم بها أذرع السلط المختلفة لن تدوم الى أبد الدهر , خاصة في ظل تنامي وسائط اعلامية جديدة مثل الفيس بوك والتويتر وغيرها , تحول فيها المتلقي الى كائن فاعل وإيجابي ومنتج للرسالة الاعلامية , بل زادت من إمكانية التواصل والحوار المجتمعي , فقللت من حجم الاغلبية الصامتة أو ما يسمى حزب الكنبة , وهذا لن يسمح للسلط القائمة ان تنتج وتحتكر خطاب الحقيقة , هناك حالة تنامي للعقل الجمعي تجاه وسائل الاعلام تجدد فيه آلية تعاملها معها , من حيث القبول والرفض لكل ما تنتجه , إننا نتجه الى نمط مجتمعي آخر قد لا تتشابه موصفاته مع ما سبق , ستكون فيه الشعوب أقوى من ذي قبل , لان النخبة ستكون عاجزة عن اقناع الاغلبية بنخبويتها وتميّزها , بالتالي عجزها عن انتاج خطاب للحقيقة يمكنها من الاحكام على الاغلبية لمدة طويلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل