الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن استقلالية القضاء وليس دفاعا عن الصحافي بوعشرين

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2018 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


وظيفة القاضي تقترن في الوعي الجماعي بالوقار والاجلال والاحترام الذي يصل الى التقديس، كون القضاء من الوظائف العظيمة والخطيرة في ذات الان لانها تمس وتحتك في العمق بمصير وحرية المتاقضين وحقوقهم على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية.
فدور القاضي الاساسي والدائم احقاق الحق وانصاف المظلوم في مواجهة اية قوة سياسية واقتصادية واجتماعية عبر تفعيل وتطبيق القانون مع ترك مسافة للاجتهاد القضائي في جميع القضايا.
مؤشرات نزاهة القضاء واستقلاليته في المغرب تمر هذه الايام بمحك واختبار حقيقي في قضية الصحافي بوعشرين المتهم بجرائم غليظة وسمينة تتعلق بالتجارة في البشر والاستغلال الجنسي من خلال محضر المتابعة الذي تم نشره على نطاق واسع في الجرائد والمواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تحولت الى طرف ثالث في القضية باصدار احكام الادانة المسبقة في ضرب صريح وواضح لقريئة البراءة.
قضية الصحافي بوعشرين لم تعد قضية متهم استغل موقعه في شركة اعلامية وراح يفحش بالعاملات المتزوجات والعازبات باستغلال فقرهن وحاجتهن الى العمل واشهار العلاقات السياسية القوية لتخويف الضحايا والتحكم فيهن واخاضعن للنزوات الرعناء لتلبية واشباع نهم جنسي لا يكتمل الا بالتلذذ بالامهن حسب ما جاء في تصريحات الدفاع الذي زاد من جرعة النفخ في القضية وحملها من ملف عادي الى قضية ثقيلة تحظى باهتمام كبير من الفعاليات السياسية والحقوقية والاعلامية وطنيا ودوليا ادت الى خلق التوتر والادانة والشجب والحدة وانقسام الراي العام الوطني وازعاج اكيد لهيئة الحكم التي تتعرض بطبيعة الحال لضغوطات شديدة.
المحاكمة في عمقها وابعادها الحقوقية الداخلية والخارجية ينتظر منها الشيء الكثير على مستويات متعددة وضعت العدالة المغربية في موقف حرج جدا تجاه المتهم الذي يتعرض للرجم والسحل والتقطيع والتشويه من جهات مختلفة بعيدة عن القضاء.
هذه الاطراف المحركة عن بعد تنفخ في الكير وتضيف الحطب الى النار المستعرة ليصل لهيبها وحرارتها الى عمق المجتمع بالتحامل والتواطؤ المتعمد والمقصود في فبركة واخراج سنياريوهات ومشاهد بائسة وتزييف الحقائق واستحضار وقائع مبتذلة لقتل المتهم معنويا وتجريده من الروح الانسانية وتقديمه على شكل وحش اسطوري لا يرتوي الا بنهش الاعراض والتفريغ وتمريغ الاحواض لنيل الرضا والعطف المادي كلما نجح استنفار وتاليب وتوجيه الراي العام ودفع القضاء الى اصدار العقويات القاسية لاشفاء غليل الخصوم والحساد وانتصارا لجنود الخفاء الذين يعاكسون طبعا التحول الديمقراطي في الوطن وليس من مصلحتهم ان يكون هناك اعلام قوي ومقتحم يتجاوز الخطوط الحمراء ويقفز على الطابوهات الى جانب عدالة نزيهة مستقلة شفافة وقوية تؤتمر بالقواعد القانونية والضمير المهني اليقظ ولا شيئ غيرهما ،لان استقلالية القضاء يهدد وجود ومستقبل لوبيات الفساد بسبب الوعي الطبقي المتنامي في السنوات الاخيرة.
التدخل الخارجي في الشؤون القضائية يحصل بالواضح في ملف المتهم بوعشرين الذي ادين مع سبق الاصرار والترصد قبل النطق بالحكم ، والتدخل والضجة والافتاء والتشويه والتناوب في سلخ وجلد المتهم/ الضحية لارهاب الاخرين لمنع اي تعاطف واستخدام سلطة العقل والفكر في قراءة منحنيات وتشعبات وازلاقات الملف التي تضرب وتجهز على حقوق المتهم في العدالة تحترم كرامته وتحميه من الاحكام الجاهزة والمسبقة لحملة الابخرة والمجامر.
و يراد من التدخلات الهامشية بالاساس ضرب استقلالية العدالة والسلطة الفعلية للقاضي و الدستور المغربي. لان التدخل في العمل القضائي في قضية المتهم بوعشرين لم يعد امرا مستترا ويلمس صراحة في تداخل عوامل متعددة منها الثقل التاريخي المرتبط بالسياسي والقانوني وحتى الاجتماعي الذي يحصر تطبيق القانون على الطبقات الكادحة وهذه المعادلة يجب القطع معها من خلال تقديم جميع اشكال الدعم والمساندة للقضاء وحمايته لان المتربصين على اختلاف مشاربهم في عمل القضاء يسعون للتاثير عليه يريدون التحكم في اختصاصات القضاء ولا يتركون له مسافة لتطبيق القانون بناء على استنطاق الوقائع والاستماع الى الضحايا وشهود النفي والاثبات للوصول الى الحقيقة وتوقيع الجزاء في اطار دولة الحق والقانون والمؤسسات.
ان الهجوم على المتهم بوعشرين واعداد المشانف والانشوطات يضع القضاء المغربي امام تراجيديا الخراب والتدمير لاعلان الانسحاب التراجع عن المكتسبات المحققة في مجال حقوق الانسان في العشرية الاخيرة كما ان الرغبة المبسترة في اضعاف القضاء وتحويله الى اذاة طيعة رغبة واضحة في اضعاف الدولة اي اساس الحكم.
إن إقامة العدالة في ملف المتهم بوعشرين مطلب مشروع في ظل التقطابات والصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للطبقات المسيطرة والمتحكمة في القرارات التي تفرمل وتعرقل وتجعل من تطبيق المفهوم التقليدي (الناس سواسية امام القانون) امرا مستحيلا لانه يمهدم للطقع مع قضاء التعلميات الذي يستجيب لمعركة التغيير الافقي والعمودي التي خاضها الشعب المغربي مند الاستقلال لردم الفوارق الاجتماعي وسيادة القانون
بوعشرين ضحية لسلوكاته وافعاله وفتوحاته الجنسية تجاه ضحاياه من النساء اللواتي يطالبن بالعدالة والانصاف وهذا من حقهن المشروع ومن واجب الفعاليات المجتمعية مؤازتهن لمنع جميع اشكال و انواع استغلال المراة في العمل وخارجه، ما دام الملف معروض على القضاء اذن فعلى لوبيات الفساد السياسي والاداري وبعض الاقلام الماجورة واصحاب النوازع الشخصية وتجار الذمم والمحاربون بالوكالة الابتعاد والكف عن الخوض في اختصصات القضاة وحمايتهم من التاثيرات الهامشية لمجرى العدالة لمنع ضرب المادة القانونية.
ونعتقد انه لتجاوز الاكراهات والمعيقات والمثبطات المحيطة بملف الصحافي بوعشرين وضحاياه وتحقيق العدالة يجب ان تمر في المقام الاول باستنطاق الحجج والقرائن والادلة وتوفير الاليات والادوات المساهمة في كشف الحقيقة عبر منح الهيئة الوقت الكافي للتمحيص والتدقيق وبناء راي قوي ما يضمن بحق استقلالية القضاء دون النظر الى المتهم والجهات التي تسعى للنيل منه عبر استعمال القضاء مطية لتحقيق طموحات شخصية. فالدفاع عن استقلالية القضاء حماية لحقوق جميع المتقاضين يمر بالاساس في الامتناع عن التدخل في الاختصصات القضائية والدفاع عن استقلالية الجهاز لتحقيق العدالة للجميع.
الحسان عشاق- الخميسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم