الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى السابعة للشهيد عماري.. الحادث والمسار

عبد الله النملي

2018 / 6 / 1
حقوق الانسان


حدث في مثل هذا اليوم: 02 يونيو 2011

أزهرت حركة 20 فبراير المغربية في فصل الربيع العربي و الدينامية النضالية للشعوب العربية. و منذ ولادة الحركة، عرف المغرب حراكا سياسيا و اجتماعيا، بقيادة شباب الحركة، وبمشاركة ودعم القوى السياسية و النقابية و الحقوقية و النسائية و الجمعوية و الثقافية بالداخل و الخارج. و منذ انطلاقتها كحركة تنشد التغيير، اعتمدت أسلوب التظاهر و الاحتجاج السلميين، و أبدعت أشكالا حضارية للتعبير عن مطالبها، وهو ما جعلها تحظى بالتفاف شعبي، تَجسّد في المشاركة الواسعة لعموم المواطنين في المسيرات التي دعت إليها، بحيث لم تستطع أي حركة سياسية منظمة منذ عقود، أن تحشد ما حشدته 20 فبراير من جماهير .

وعوض الاستجابة للمطالب العادلة لحركة 20 فبراير، لجأت السلطات أحيانا إلى استعمال العنف، و التدخل بقوة لفض التظاهرات، وتصورت أن الربيع العربي قد انتهى وحَلّ محله الخريف، و أن الإصلاحات لا تحتاج إلى مسيرات أو اعتراض. وأدى هذا المسلسل القمعي إلى اعتقال بعض الناشطين، و سقوط كمال عماري شهيدا بآسفي، حيث تعرض، بحسب حركة 20 فبراير، " لاعتداء يوم 29 ماي 2011 من طرف سبعة عناصر من القوات العمومية الذين انهالوا عليه بالهراوات، أثناء ممارسته لحقه في التظاهر السلمي، بحي دار بوعودة بآسفي، مما أسفر عن إصابته في رأسه و في عموده الفقري، إلى أن فارق الحياة بمستشفى محمد الخامس بآسفي يوم 02 يونيو 2011 " . وبقية الحكاية معروفة من الروايات المتضاربة بشأن وفاته ( السكتة القلبية !، الاعتلال الرئوي !، حادثة السير المزعومة !، والبحث عن الدراجة المزعومة ! ..). والحقيقة أنه لا حاجة لتقارير طبية لتبيان حقيقة العلاقة السبيبة بين الاعتداء والوفاة، فعائلة الشهيد ودفاع العائلة يتوفرون على ملف طبي أنجز قبل الوفاة من قبل طبيبين، يشير إلى آثار العنف الخارجي الذي كان ظاهرا على جسده، مما يستبعد مطلقا فرضية المرض الداخلي، ويضع أي تقرير للتشريح يساير أطروحة المرض أصحابه في شبهة التحيز وخرق قسم أبوقراط.

و لازالت جمعية عائلة و أصدقاء الشهيد عماري تعتبر أن (أجهزة الدولة مُصرة على محاولة طمس معالم الملف بكل الطرق الملتوية التي لم تُجْد نفعا.. (و) لازلنا نعيش على نفس النهج البائد (..) في دعم الإفلات من العقاب، وهدر حقوق الشهداء والمظلومين والتستر على الجُناة الظالمين)، كما أن ( اخفاء المعالم امتدت للتقارير والدلائل(..) مانعة حق العائلة والدفاع وكل الشعب المغربي في الإطلاع على التقرير الطبي وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهذا ما يفند و بالملموس شعارات حقوق الإنسان و تحكيم القانون وضمان الحقوق ويؤكد أن دار المخزن لازالت على حالها). وطالبت الجمعية إلى (الإفراج عن التقرير الطبي وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان (..) و مُعاقبة الجناة الذين عذبوا الشهيد في جريمة نكراء أدت إلى وفاته)، كما حمّلت (كامل المسؤولية للدولة التي تمارس تعتيما واضحا على الملف وتضمن إفلات الجناة من العقاب).

وقد سبق أن أصدرت هيئة الدفاع في ملف الشهيد بلاغا للرأي العام خَلُصَت فيه إلى أنه (لم يوجه أي إجراء من إجراءات البحث أو التحقيق ضد أي من رجال القوة العمومية رؤساء ومرؤوسين، رغم أن تقرير المجلس الوطني يشير صراحة إلى مسؤولية عناصر أجهزة الأمن ورؤساء تلك الأجهزة). و أضاف البلاغ أن (الاعتداء على الشهيد كمال عماري هي جريمة تتضمن المس بالحق في الحياة وفي السلامة الجسدية و التعذيب، وانتهاك الحق في الانتماء و الحق في التعبير و الحق في الاحتجاج السلمي، وهي جرائم سياسية بعضها لا يسقط بالتقادم وفقا للقانون الدولي والجنائي المغربي). كما احتجت هيئة الدفاع على (رفض الجهة القضائية المعنية من تمكين هيئة الدفاع من حقها في الحصول على نسخة من وثائق القضية بما يمكنها من القيام بعملها بما تقتضيه مهامها القانونية)، و (كشف الحقيقة كاملة، وتحديد المسؤوليات الفردية والمؤسسية، ومحاكمة الجناة، وكل المتورطين في القضية أمام قضاء مستقل ونزيه، مع توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة).

وقد أصدر سابقا المرصد المغربي للحريات، والوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان تقريرا أكدا فيه أن ( الاعتداء العنيف الذي تعرض له الفقيد عماري من طرف رجال الأمن هو السبب المباشر وراء موته). كما دعت الهيئتان الحقوقيتان إلى ( كشف الحقيقة كاملة في ظروف وفاة كمال عماري وتحديد المسؤوليات، مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمساءلة مرتكبي الاعتداءات)، و ( تحديد المسؤوليات على مستوى القرار الأمني في مختلف مستوياته، بخصوص استعمال القوة و ما رافقه من اعتداء و اختطاف و احتجاز و تعذيب و معاملات مهينة و حاطة بالكرامة).

وفي تقرير منظمة التحالف الدولي، اعتبرت فيه أن وفاة عماري (كانت بعد قمع واسع للمتظاهرين الذي بلغ ذروته في 29 ماي 2011). و أشارت المنظمة إلى أن الشهيد عماري ( بينما كان عائدا من المظاهرة، و في الطريق إلى عمله أوقفه رجال شرطة، و طلبوا منه وثائق دراجته النارية، ثم سألوه عن مشاركته في المظاهرة، فأجاب "نعم". في هذه اللحظة انهال عليه سبعة من رجال الشرطة بالضرب، و لم يستثنوا أي جزء من جسده (..) و في هذا الجو من الرعب و الخوف لم ينقل كمال إلى بيته إلا متأخرا بعد أن تدهورت حالته. و لم يجرؤ على زيارة المستشفى خوفا من اعتقاله و الاعتداء عليه مرة أخرى، لكن بفعل الآلام المبرحة، و تدهور حالته الصحية، و في ظل رواج إشاعات عن حضور قوات الأمن للمستشفى لمنع الجرحى من ولوج المستعجلات، اضطر للذهاب إلى مستشفى محمد الخامس يوم الخميس 2 يونيو 2011، و قد أظهرت أشرطة فيديو على الأنترنيت كمال يحتضر إلى أن مات بالمستشفى نفسه).

وبعد مرور سبع سنوات، على ملف التحقيق المفتوح ضد مجهول في المحاكم المغربية، لا زال الملف يُراوح مكانه، " منذ أن بدأ مساره من يوم 2 يونيو 2011، حين أمر الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بآسفي بتشريح جثة الشهيد كمال عماري، بعد تقرير إخباري للشرطة القضائية، ليتحول الملف إلى قاضي التحقيق بتاريخ 23 يونيو من نفس السنة، .. (ودون أي تقدم يُذكر)، بحيث تم الإعلان عن الانتهاء من التحقيق بتاريخ فاتح أبريل 2014، ليُعْلَن بشكل مفاجئ عن فتح البحث من جديد في جلسة 3/8/2014 للاستماع للشهود مرة أخرى. وظل الحال على هذا المنوال سنوات، قبل أن يتجه الملف فجأة إلى عدم التوسع في التحقيق بتاريخ 4 فبراير 2016 ، حيث أصدر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بآسفي قرارا غريبا بعدم المتابعة وحفظ الملف مؤقتا إلى حين ظهور عناصر جديدة. بعدها قامت هيئة دفاع الشهيد كمال عماري باستئناف القرار، والذي بدوره رفض بتاريخ 3 يونيو 2016 ، ليصل الملف إلى محكمة النقض ..، بعد أن قام الدفاع بالطعن بتاريخ 13 يونيو 2016 ".

وأكدت هيئة الدفاع أنه " رغم محاولات الدولة لإقبار الملف عبر قرارها القاضي بعدم المتابعة، (فإن) هذا القرار لا يغلق الملف نهائيا بل بالعكس يبقيه مفتوحا، لأن قرار عدم المتابعة لم يستند على عدم ثبوت الجريمة وإنما استند إلى عدم العثور على الفاعل، إذ أن الضرب والعنف الذي قام به عناصر من أفراد الأمن العمومي ضد المرحوم كمال عماري ثابت قضائيا ". و أشارت هيئة الدفاع أن " قاضي التحقيق كان يملك سلطات واسعة للبحث عن الدليل لكن لم يستعملها، ولم يبحث عن قصد أو غير قصد في الاتجاه الذي يمكن أن يوصله إلى إقامة الدليل والتعرف على الجناة. و رغم ذلك قررت محكمة النقض، في الملف عدد 23321/2016 ، قرار رقم 1911-6-1-2017، الصادر بتاريخ فاتح نونبر 2017 ، رفض طلب دفاع عائلة كمال عماري، الرامي إلى نقض قرار قاضي التحقيق المؤيد من قبل الغرفة الجنحية الاستئنافية بآسفي و القاضي بعدم المتابعة و حفظ القضية إلى حين ظهور عناصر جديدة ".


و رغم المناشدات والمراسلات التي تقدمت بها هيئة الدفاع، فإنها لازالت حتى الآن محرومة من الحصول على صورة من وثائق الملف، خصوصا تقرير التشريح الطبي الذي انفردت النيابة العامة بنشر ملخص مبثور منه، فضلا عن أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ممتنع عن نشر أو تسليم دفاع أو عائلة الشهيد نسخة من تقرير مهمة التقصي التي قام بها في الملف. كل ذلك يفتح الباب للسؤال عن واقع حقوق الإنسان في المغرب، ومصداقية المزاعم التي يُرَوج لها في المحافل الدولية حول احترام المغرب لحقوق الإنسان، بالنظر إلى استمرار شكاوى التعرض للقمع و تكريس سياسة الإفلات من العقاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل


.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800




.. مصادر إسرائيلية: نتنياهو خائف جدا من احتمال صدور مذكرة اعتقا


.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام




.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف