الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر امير ناصر، مسار شعري وتجربة ..!!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 2
الادب والفن


عبر مسار شعري تجذرت من خلاله تجربة ونضجت على نار هادئة، هو مسار الشاعر امير ناصر، لاشك هناك مبررات لهذا، كون الشعر نابع من التجربة الفكرية والمعاشة انسانيا وجماليا من قبل الشاعر نفسه، مضافا لها معطيات الواقع والبيئة والتاريخ، وحينما تكون التجربة بهذه المواصفات، تكون اشعاره من الحرارة بمكان، تحرك شعور المتلقي، وتلامس وجدانه، وتخلخل ثوابته، وأن تعيد رسم خريطة الحياة من جديد، فالشعر حسب معطياته مغامرة تمتاز بالجرأة، الا انه فعالية عقلية تمتاز بالرقي، هذه المغامرة الشعرية تحاول تفسير العالم، بمعنى تعطيه معنى، وقد تجبره على البوح بالحقيقة، يقول الشاعر الصيني (لوتشي):‏ (نحن الشعراء، نصارع اللاوجود لنجبره على أن يمنح وجوداً، ونقرع الصمت لتجيبنا الموسيقى. إننا نأسر المساحات التي لا حد لها في قدم مربع من الورق، ونسكب طوفاناً من القلب الصغير في مساحة بوصة...)، هذه المعطيات تجعلني ألامس اوجاع الشاعر امير الناصر عبر مساره هذا، كونه عاش سليلا لاوجاع متلاحقة في حياته، التي كان لايعبأ بها، منتشيا بسعادة الحياة النسبية، فحين الوقوف عند قصيدة (تاريخ أصابع يدي)، يتبدى لي انها حملت الكثير، الذي تلمسته من خلال اصقاعها المترامية على مساحة الفجيعة، وذلك الألم وصراع امير ناصر بين مساحات الفجائع ومساحات السعادات المختطفة في طريق سريع وهفوات الحياة ..فيقول الشاعر : (احترقت صفحة الأهل وهذا رماد الفجيعة بيدي/ ولأن العشق مضى مع (كريمة ) عدت مدميا النواجذ مسجلا تاريخا لخرابي .)، فلحد السطر الاول من القصيدة، هناك احتراق، وهناك فجيعة، وهناك فقدان العشق مع كريمة ..كل هذا سجل له تاريخا من الخراب ..لكن القصيدة لازالت تحمل اصرارا على ايجاد وجود من لاوجود، كما اظن من مقاصد الشاعر الصيني لوتشي، بدليل صرخة امير ناصر اثناء القصيدة المتمثلة بقوله : (فلنفرش فجة الكلام ونتقاسم الفجيعة)( يا من علمتنا البكاء و ملأت العالم بالوئام)، الحقيقة هذه اعطت معنى البحث عن الخلاص، والخلاص وجود اخر، يزاحم وجود الفجيعة في تاريخ اصابع يد الشاعر.. وبين الانفعالات المركبة، والهدوءات المستدعاة، تكمن مساحة البحث عن وجود اخر، وهذا احتمال ان يكون وجود جمالي ذهني، وسط ارض مملوءة بالموت، وهي ارض حرب مشتعلة، فالشاعر يلامس الوجود، بذلك الدفء الذي تتركه النسوة في مقاعدهن، الا ان (الغياب على أطراف أصابع يدي .)، وبين حضور وجود مرفوض، وبين وجود جمالي احتمالي، تفترضه ذهنية الشاعر وسط ساحات الحرب، حرب مشتعلة تفتح فاها لتبتلع كل الموجودات، يقول ابن عربي : (فالوجود والعدم عبارتان عن إثبات عين الشيء أو نفيه، ثم إذا ثبت عين الشيء أو انتفى فقد يجوز عليه الاتصاف بالعدم والوجود معًا، وذلك بالنسبة والإضافة؛ فيكون زيد ــ الموجود في عينه ــ موجودًا في السوق معدومًا في الدار. فلو كان العدم والوجود من الأوصاف التي ترجع إلى الموجود كالسواد والبياض لاستحال وصفه بهما معًا.. وقد صحّ وصفه بالعدم والوجود في زمان واحد، هذا هو الوجود الإضافي، والعدم مع ثبوت العين، فإذا صحّ أنه ليس بصفة قائمة بموصوف محسوس ولا بموصوف معقول وحده دون إضافة، فيثبت أنه من باب الإضافات والنسب مطلقًا، مثل المشرق والمغرب واليمين والشمال والأمام والوراء، فلا يُخَصّ بهذا الوصف وجود دون وجود.)، فالوجود موجود اصلا في علم الله، لكن المشكلة في مسارات البحث عن الخلاص، الذي هو وجود في خضم ذلك الصراع الذي مثلته الفراغات قبل بعض الكلمات في القصيدة، وكذا بعدها، كقول الشاعر : (........ أيها الشيخ الجليل/كل أيامي تحت قدميك الداميتين/النار أمحت / الميم / من الحائط/هذا أمر جد خطير يزيل الـ ...................)، فالفراغات كلام مسكوت عنه، قد لانعلم جوهرحقيقته، لولا ان هناك معطيات نضعها، ونفترض لها مخرجات .. إذًن فوجود الشيء في العلم هو مرتبة وجودية، وإن انتفى وجود الشيء في الظاهر أو المحسوس، وهكذا وجود الانسان له مسار تصطف على جانبيه اشياء الحياة : النجاح والفشل، السعادة والشقاء، الغنى والفقر، الصحة والمرض الخ .. والسؤال المطروح ماهي المواقف تجاه هذا؟؟ .. يقول الناقد عبد العزيز بومسهولي : (إذن فالشعر من هذا المنظور تحفيز دائم على المشاكسة المؤزمة لنسق العقل [الأداتي]، وهي مشاكسة ومكاشفة في آن واحد، فالمكاشفة تجلٍ للمفارقة الحيوية، والمشاكسة تجلٍ آخر للاختراق والخلخلة وتأزيمها للعقل يتم باغتصاب قانون اللغة وتدمير قواعد التواصل اللساني، ومن ثم لا تصبح الكلمات دالة على العالم الوضعي، ولكنها تغدو دالة على الأشياء ذاتها، وهي في كامل عريها ووحشيتها، وهو عري إغراء ولذة، وانكشاف وافتضاض)، فوجود الشاعر والشعر واللغة مشاكسة للوجود، عبر مسار رؤيوي يتصير من خلاله موقف من الحياة والعلاقات ..
هامش :
قصيدة (تاريخ أصابع يدي) للشاعرأمير ناصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع