الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبيسيات و محافظ حمص

احمد عسيلي

2018 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


انتشرت خلال الأسبوعين الفائتين ، على صفحات التواصل الإجتماعي ، و على ضفتي الصراع معا ( السوريين و الأسديين ) ، مقطع فديو يعود لعام 2014 ، لخلود خادم السروجي ، و هي تنشد بعض المدائح النبوية في المسجد الأموي ، و جرى تداول المقطع على أنه حفلة غناء للقبيسيات في المسجد العريق ، لتنهال الشتائم على هذا التجمع الديني النسائي ، سواء من المعارضين ، أو المؤيدين لدكتاتورية الأسد ،
ما يلفت النظر في الكلام عن القبيسيات ، هو وجود كليشة جاهزة دوما للنيل من هذا التجمع ، ووصفه بكل الصفات الدنيئة و الحقيرة ، بالرغم من السرية التي يحيط بها التنظيم نفسه ، و بالرغم من ندرة (إن لم نقل انعدام ) الدراسات التي توضح طبيعته و مواقفه و تعاليمه ،
و مع أن المقطع لا يخص أبدا القبيسيات ، و هذا واضح من اللباس الذي ترتديه النساء في الحفل ، بل هو لقاء شمل كل التنظيمات الدعوية النسائية في سوريا ( بما فيها القبيسيات ) كتنظيم كفتارو ، و مجموعات البزم ، و غيرها ، لكن الشتائم كانت تصب بشكل خاص على القبيسيات تحديدا ( بالرغم من أن المنشدة لا تنتنمي لهذا التنظيم )
لن أناقش الكلام الذي تردد في صفحات المؤيدين للأسد ، فهم أناس مثيرين للشفقة ، بعد تخليهم عن كرامتهم و شرفهم ، و يبحثون دائما عن (محافظ حمص ) يصبون عليه جام غضبهم ، و أعتقد أنهم وصلوا لمستوى أكثر انحدارا من نقاش أطروحاتهم ، لكن رسالتي موجهة بالأساس للمعارضين الذين يرددون نفس الكليشهات منذ زمن ،
بداية و قبل أي كلمة ، أنا لست ناطقا باسم التنظيم ، و لا صلة لي معه ،إلا الخلاف الأخلاقي حول الثورة السورية ، و أنا ضد التنظيمات الدينية ككل ، لكن القبيسيات ، بالنهاية ، هو تنظيم نسائي ، مدني ، عريض الإمتداد داخل المجتمع السوري ، و لا يملك جناحا مسلحا أو ميليشيا ، و قد هاجر معظم أعضاؤه خارج البلاد مع المجموعات الأخرى التي تركت الوطن ، في أكبر هجرة جماعية شهدها الوطن السوري منذ مئات السنين ، و ما نتحدث عنه هو الأعضاء الذين بقوا داخل البلاد ، لأسباب عائلية غالبا ، أو لأسباب شخصية أو لأي سبب كان ، فماذا تنتظرون من مجموعة نساء في مواجهة أعنف أجهزة مخابرات بالعالم ، و تسكن بالقرب من شبيحة شرسين ، ثمن الروح عندهم طلقة رصاصة ( بل يجعلون أهل الضحية نفسه يدفعون هذا الثمن أحيانا )
لماذا تحولت ظاهرة العنف اللفظي تجاه الآخر شائعة جدا في مجتمعنا السوري ، فما الذي يجعل انسان لا يعرف عن هؤلاء النساء إلا عدة جمل ، أن يقذفهن بعرضهن و بانتمائهن للبلد ؟
القبيسيات لم يشاركوا في حمل السلاح مع النظام ، و لم ينظموا مسيرات مؤيدة له ، لكنهم بالنهاية يعشن تحت رحمته ، و لا أنت و لا كل المجتمع الدولي سيتحرك إن ذبحهن النظام واحدة واحدة ,
و خيار البقاء في البلاد أمر شخصي ، لا يمكن أن تجبر الجميع على اللجوء ، أو حمل السلاح ضد النظام ، فهن بالنهاية تنظيم مدني سلمي ، بغض النظر عن أفكاره .
و هناك الملايين من السوريين الذي اختاروا ، أو أجبرتهم الظروف على البقاء في البلاد ، و لا نتسطيع مطالبتهم بالعداء للنظام ، لأن النتيجة معروفة ، و تبقى درجة المعارضة أو الصمت أو القبول لبعض مطالبات الأجهزة الأمنية أمر شخصي ، يعتمد على قوة الشخصية ، و خيارات الإنسان في العمل بالشأن العام .
المشكلة ليست في القبيسيات ، بل في طريقة تعاطينا مع الآخر ، وفق ظروفه و امكانياته و خياراته ، و أن نحترم و نستوعب هذه الظروف ،
فهذا الإنشاد مر عليه حوالي الأربع سنوات ، إبان ما يسمى بالإنتخابات الرئاسية السورية ، و على حد علمي ، و منذ أربعة سنوات ، لم يقم القبيسيات بأي نشاط مؤيد ،
و من منا كسوريين ، الذين عشنا معظم حياتنا تحت رحمة نظام كهذا ، لم نخرج بمسيرة مؤيدة للأب ثم للإبن لاحقا ، مع علمنا بكل جرائمهم ووحشيتهم ، لكنه الخوف ، و هي صفة انسانية ،
أنا لا أدافع عن تنظيم القبيسيات كتنظيم سياسي ، و أعترف أني لا أعرف عن أفكاره إلا القليل ، من خلال متابعاتي على الإنترنت و علاقاتي الشخصية ، لكن أناقش طريقة الكلام عنهم ، و ترداد نفس الإتهمامات دون تمميز ، بل و طريقة تعاطينا مع خلافاتنا ،
إن لم تكن عزيزي السوري قادرا على تفهم ظروف شريكك في الوطن ، و تستطيع بالمقابل اتهامه بكل الجرائم ، فقط لأنه مختلف معك في التوجهات و الظروف الحياتية ، فهذا يعني أنك أنت من بحاجة لثورة أخلاقية تنظف رأسك الكريم من نفايات الأحقاد و الرواسب الأسدية......فنظف رأسك سلمت يداك....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صلاة العيد بين الأنقاض في قطاع غزة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البيان الختامي لقمة سويسرا: تحقيق السلام يستدعي إشراك جميع ا




.. هدنة تكتيكية تثير الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية | #رادار


.. محادثات التهدئة بين شروط هنية وضبابية نتنياهو | #رادار




.. جدل واسع بإسرائيل إثر إعلان الجيش توقفا تكتيكيًّا للعمليات ج