الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية -نوّة- للكاتبة التونسية وحيدة المي: قتلة الروح

سلوى الرابحي

2018 / 6 / 4
الادب والفن


لا تيأس حتى ممّا أنت يائس منه" كفكا.
"نوّة"، ابنة الفقر والشقاء، ابنة "شامة" العاجزة أمام جبروت زوج يسكر من رغوة ٱلامها ويتلذّذ اغتصاب جسدها وروحها وأمومتها، ابنة التهميش والجهل والحيوانية المأسورة في ماء القذف الذكوري، ابنة البشاعة المكبوتة في أب يراها جسدا طريّا ويبيح الممنوع وسفاح ذي القربى... نوة الصغيرة، رفيقة الماعز والشياه إلى الكلإ والماء وكان نصيبها من القوت الخبز اليابس الدائم يقضم أسنانها. نوة، راجمة الشيطان والغول بحجر جعل من الأب أعور ثمّ جثة قد يلفظها الدود والتراب والطبيعة بأسرها.
بلغة شهية تشبه جوع نوّة الشابة إلى" كفكا" و" رمبو"، بنثر شعري مدهش، بصفاء نغمات شوبان، بجرأة الرفض والقهر،بصمت العجز، بوصف ما يرفضه الحياء، بأجراس الذكريات تنقر الألم، روت نوة قصتها ، حكاية طفلة خرجت من قريتها إذ تبنّتها زليخة وغيرت قدرها من زريبة الجهل إلى كائن يتغذى من العلم والمعرفة. لكنها كانت سجانا ٱخر فلم تتفهم أن "نوة" الصغيرة كبرت وفتحت باب الحب والتمرد فطردتها من جنة العائلة إلى زريبة أخرى، زريبة الشارع، كان الرفض عاما، والطرد من كل باب طرقته : باب الحب وباب العائلة حتى باب الحلم إذ تطاردها الكوابيس كما كان يطاردها الأعور ليشفي غليله منها إما بانتهاك جسدها وغرس شجر يابس في طينها الطري، أو بتعليقها على شجر ٱخر كعصفور لا هو قادر على الطيران ولا هو ساكن للقفص. نوّة، جسد جميل منتهك، فكر حر تذلـه الحاجة، حب جارف إلى "نوّار" تخدشه أظافر هروبه منها حين كان شجره عاجزا على الاستقامة والفوران. نوّة، توق إلى الصفاء ، زخات القلب تمطرا ماء ودما، بياض البراءة يمر من غدير إلى غدير. تقول : كم يلزمك من الوقت لتشفى وتبرأ أيها القلب". نوة، بائعة الجسد في مبغى الذكورة تنتهي إلى قتل الغريب وكأنها تقتل الفكر الذكوري بأن قطعت قضيبه وتعود حرة الى قريتها وكوخ القش من جديد لتصبح أسيرة للذكريات ونار الحرقة والموت " فعلا صراخها والنار تتغلغل في الجسد الحطب.. أمسكت يدها... احتضنت لمساتها الناعمة بحرارة وذابت في رائحة شواء عمّت المكان". فمن هو القاتل أيها القارئ: هي قاتلة أبيها والغريب أم هما قاتلا الروح؟ يقول جبران خليل جبران: وقاتل الجسم مقتول بفعلته
وقاتل الروح لا تدري به البشر
هامش: أرى أن هذه الرواية كتبت لقارئ افتراضي حر، حر من الذكورة المتعصبة ومن المحاكمات الأخلاقية للشخصيات والكاتبة، إن لم تكن كذلك أيها القارئ، لا تلج هذه الرواية لأنك ستكون جلادا جديدا ل"نوّة". أو ربما ستفتح لك أبوابا جديدة للتساؤل عن رؤيتك للعالم.
https://scontent.ftun4-1.fna.fbcdn.net/v/t1.0-9/34303064_10214927402711793_2690038055863058432_n.jpg?_nc_cat=0&oh=904503948a5adc5668e704cf338559a3&oe=5BB7F4A2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث