الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجريد افتراق ولقاء لتأصيل الوعي الفني .. لوحات الفنان اسعد الشطري انموذجا

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 5
الادب والفن


بما ان الفنون بمثابة مرآة للانسان تنعكس على صفحاتها أحواله الاجتماعية، والاقتصادية ومعتقداته الدينية وغيرها من رؤاه الحياتية الاخرى ، وحينما ندخل عالم التجريد ، نجد ان المعنى الاقرب له في الفن التشكيلي ، هو محاولة تجريد المحيط من الواقع ، واعادة صياغته برؤية فنية جديدة فيها تتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال ، اي محاولة لتجريد الطبيعة من عناصرها التفصيلية، والاكتفاء بالتعبير عن الجوهر، لاستبقاء ما هو جوهري وأساسي أو ما هو ثابت وباقي، فالموضوع أو الطبيعة محوّرة أو مصاغة بصياغة جديدة مجردة من تفصيلاتها الأساسية للوصول إلى التعبيرات الجوهرية للبناء الشكلي، دون أن تفقد الأشكال دلالاتها الطبيعية. وبنظرة تاريخية فاحصة ، نجد إن التجريد قد وجد في الفنون التشكيلية على مر العصور ، فقد أتجه الفنان منذ عهوده البدائية إلى التجريد في إنتاجه الفني؛ هروباً من قسوة الطبيعة وما يعانيه من ضراوتها المتسلطة على وجوده ، حيث كان اتخاذه لتلك الأوضاع الهندسية التجريدية بمثابة الابتعاد عن المباشرة في التقاط المعاني ، كما أشار التجريد في العصور الإسلامية إلى نزعة صوفية وجدانية تهدف إلى ما وراء الطبيعة للوصول إلى المطلق، بينما أتجه الفن الحديث للتجريد تعبيرا عن الخلاص من المظاهر الجمالية وقيمتها التي أسقطتها مبادئ الفن المعاصر؛ والهروب من واقع الحياة الأليم بالبعد عن كل ماله صلة بمظاهر الطبيعة وأشكالها العضوية في مختلف صورها إلى عالم من التجريد. وتأصل هذا الفن وتمخض عن مدرسة فنية اهتمت بالأصل الطبيعي، ورؤيته من زاوية هندسية، حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر، وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان. ويعني ذلك أن العمل الفني هو صورة مختلفة في بعض جوانبها وتفاصيلها عن الأشكال الأصيلة في الطبيعة فالموضوع أو الطبيعة تمثل نقطة البداية عند الفنان وتمثل الانطلاقة، كما تمثل النهاية أيضاَ, غير أن بعض الاتجاهات التشكيلية مثل التكعيبية، قد تلخصت واختزلت الأشكال إلى درجة كبيرة وابتعدت بها عن دلالاتها المعروفة, مما يصعب معه التعرف على صلتها بالطبيعة، فجعل نقاد الفن يطلقون عليه مصطلح (أشكال نصف تمثيلية أو نصف تجريدية). وهنا في مقالتنا القصيرة ، نأخذ انموذجا من الفنانين الشباب الجادين في تحميل اللوحة حرارة الحياة ، واعطاء الحداثة مسحة الوعي والقصدية فان الثابت في اللوحة هو اللون والخط والشكل أما المتغير هو قدرة الفنان التشكيلي في مزج الألوان والتعامل مع المساحات ، لنقل رؤاه إلى داخل اللوحة ونستشهد بقول باشلار: (بان جماليات المكان تؤجج حنينا وعاطفة وذاكرة) ، واستشهادنا بهذا القول يأخذ منحاه في أننا نتناول بعضا من أعمال الفنان التشكيلي اسعد الشطري الذي تمسك في معظم لوحاته بالمكان وأخذت حفرياته فيه مداها ، لنجد إن إبداعه تكرس في مراقبة الكون بمفرداته المرئية وغير المرئية ، وبحالات التجريب تارة والتجريد أخرى وأحيانا بالتسجيل الانطباعي ، ونحن إذ نلاحظ على الفنان الشطري استغراقه في الخطوط والمسطحات والكتل خالقا منها فراغات تحمل الكثير من رؤاه ، فهو يعمد إلى مزج الألوان الثنائية التي يتكون مزيجها من لونين أساسين ، وهما البرتقالي والأخضر ، أي انه لايعمد كثيرا إلى الألوان الأساسية ، كالأحمر والأصفر والأزرق محاولا الإيحاء بإرهاصاته الكامنة والتي تحركه ، لتكوين فلسفته الخاصة ورؤى فنية متجذرة في ماضي المكان وحاضره ، لذا حاول بكل صبر وروية التجسيد والترميز بفهم عصري غير مقطوع الجذور ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??