الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقي صاحب الحقيبة

باسم الهيجاوي

2006 / 3 / 21
الادب والفن


كسربين من طيور مهاجرة .. سرنا وحيدين يا صديقي .. يا صاحب الحقيبة .. كلانا يسير نحو الوطن ولم ندرك الاتجاهات بعد .. عرفنا الريح والبحر وكستناء المواقد .. ولم ندرك بعد ماهية اللحظة الصعبة .. حيث تنطلق الطيور في الاتجاه المعاكس .. ولكننا سرنا .. وكلانا يرسم حبه الأبدي .. وكلانا يوقظ نورساً يعيد شواطئ المتوسط نحو البراري الموغلة في الرمل .. ولم نرسم لليل قمراً مشتهى .. أو أنجماً لا تعرف السقوط في خزينة المملكة .. ولم نرسم للبحر صورة النوارس .. وللصحراء نخيلها المنفعل .. وللرمل ، حتى للرمل ، شهوته المكتنـزة بحرارة التقدم .

ولكننا سرنا .. ولم نمر من حلكة الانكسار عبر نشيد التوجع .. ليفرح القادمون بلؤلؤة لا تضيء سوى أفق الأصابع في اليدين .. واكتنزنا الهم والريح وهي تودِع سرَّها في طينة الشجر .. ولم نمر إلى عنابر الجراح .. بحثاً عن قامة لا تودِع أسرارها في زمن يغترب .. هي القافلة .. ولكن سنمضي إلى ملتقى .

هل تراني ، يا صاحبي .. يا صاحب الحقيبة ، وأنا ممسك بقامتي .. أرفعها إلى قمر لا يغيب ؟ هل أراك عابراً من حدودك إلى ما تشتهي شوارعنا المتعبة ؟ لتضيء قمر الياسمين على جدران البيوت التي رقصت ساعة الانهيار .. وهي تبحث عن وطن مليء بقصائد الرعاة .. وهم يحلمون بفاتحة البدء عند انكسار الحصى .. أو نافذة تبحث عن امرأة غضَّة في هزيع مثقل بالمرايا .. تضيء لها شهوة التأمل في دم لا يستريح بلا ثورة عابقة .. بلا شارع في الطوق .. أو ممر في الجبال البعيدة عن شجر الوصول ؟؟

كيف لي يا صاحبي الذي غاب في طينة الوجع المبهم .. كيف لي أن أسترد طقوس الأغاني في واحة لم تشهد الدم ؟ كيف لي أن أعبر الى أفق فسيح لا يكتظ بالخجل المتوارث من أرصفة لا تعرف عصافير المقاثي ؟؟

وهل سأحمل قامتي الى ظل انكسار جديد يومئ للقصيدة أن تراجع ما تشتهي من عنب الروح في منازل الأفق ؟ أم تراني ، يا صاحبي ، أرَّختُ سنبلة لم تراجع في الحصاد مواجع الحقل البعيد من الفرح ؟؟

لعلها تلك المنازل لم تفارق شهوة الوصول حين رقصت .. وكتبت الى قمر الحكايات ما أرَّخَ القادمون من البلاد المتعبة .. لعلها النار أيقظت حطب أغانيها القديمة وتصاعدت في شهوة التساؤل المرتقب !

ايه ، حين كان السؤال وميضاً لاقتراب المسافات .. ونجماً طالعاً في قلب ليل يبتعد الى حدود التلاشي .. !

ايه يا قمر المساءات .. هل أدركنا مواعيدنا وعرفنا أدق تفاصيلنا حتى نعيد دورياً لم يألف الحقائب ولا محطات القطارات ولا صفارات الموانئ .. ولم يزل يحمل بردَهُ في حرارة التشرد .. ؟

فاقترب ، يا صديقي ، يا صاحب الحقيبة .. اقترب لأن اللحظة الصعبة آخذة في الزوال .. وآخر المدن التي لم تسقط بعد .. تلملم لحظة الاقتراب من الحلم .. والسياج الذي يحاصرها لا يكبر كما يكبر الأطفال والشجر .. وسيان ان ظل لامعاً أو اعترى مفاصله الصدأ ..

اقترب .. لكي لا يكون حزننا أكبر .. ولعلنا نشعل من همّنا سراجاً يضيء تعب الشوارع المظلمة .. أو نوقد فضة أرواحنا نهجاً بديلاً للتراجع .. لعلنا نكون .. لعلنا نكتب سيرة للأمهات وهن يؤرِّخن العذاب على صدور أحلامهن .. ويسكبن آخر دمعة في هزيع آخر ليل سينجلي .

اقترب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-