الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجه قصور مشروع القانون المتعلق بالتوطين

جلال مجاهدي

2018 / 6 / 6
دراسات وابحاث قانونية


و أخيرا عرف مشروع القانون المتعلق بالتوطين رقم 13.68 الذي أعدته وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي في غضون سنة 2011 تقدما كبيرا بوصوله إلى مرحلة التصويت عليه من طرف البرلمان , و كانطباع عام فإن هذا المشروع الذي جاء لسد الفراغ القانوني في مجال التوطين قد أحاط بمعظم الأوضاع القانونية التي تنشأ بين الموطن و الموطن لديه و مالك المحل و مختلف الإدارات و رتب هذه الأوضاع على شكل التزامات و حقوق , لكن بقيت جوانب عديدة لم يتطرق إليها مشروع القانون وهي التي سنحاول التعرض لها و بيانها
نشير بدأ بأن مشروع القانون قد أشار إلى الاشتراك في المقر الاجتماعي كجوهر للارتباط بين الموطن و الموطن لديه , لكنه لم يعرف عقد التوطين كرابطة قانونية و لم يعرف التوطين كنشاط تجاري و اكتفى بذكر أن الموطن يختار الموطن لديه و بأن إجراء التوطين لا يتم إلا بموافقة الموطن لديه و كان هذا التقديم بهذه الصيغة قاصر جدا و لا يقدم أية إحاطة بالمفهوم , فالتوطين كمفهوم هو عبارة عن علاقة قانونية وتجارية تنشأ بموجب عقد كتابي رضائي محدد التاريخ بين الموطن و الموطن لديه عن طريقه يمكن للموطن الاستفادة من العنوان القانوني للموطن لديه و من بعض الخدمات التي يوفرها مقابل أدائه لفائدته مبالغ بصفة دورية أو بدون مقابل حسب الاتفاق و قد يبرم لمدة محددة غير قابلة للتجديد أو لمدة محددة قابلة للتجديد أو لمدة غير محددة و ينتهي التوطين عمليا بفسخ العقد و قانونيا بالتشطيب على رسم الضريبة المهنية و السجل التجاري للموطن المؤسسين على المحل المشترك و ذلك إما إثر حل الشخص الاعتباري أو نقله و إما بالتشطيب على الشخص الذاتي من جدول الضريبة المهنية و من السجل التجاري أو انتقاله , لذلك و كما قلنا فإن التقديم الذي أتى به مشروع القانون الذي يتحدث عن الاختيار و التوافق هو بعيد جدا عن أن يعرف أو يحيط بالمفهوم .
هذا من حيث التعريف , أما بخصوص أشكال التوطين , فمشروع القانون لم يفرق بينها رغم أهمية ذلك و هنا نفرق بين حالتين , فهو إما توطين قانوني محض بحيث لا يستفيد الموطن في هذه الحالة سوى من عنوان المقر الاجتماعي للموطن لديه إضافة إلى الخدمات التبعية كاستلام الرسائل و التبليغات والطرود و الرد على الهاتف و استلام الفاكس و استعمال قاعة الاجتماعات بينما يزاول نشاطه المهني خارج المقر الاجتماعي للموطن و يمسك وثائقه الادارية و المحاسبية خارجه أيضا وإما توطين قانوني مع الاستعمال المادي للمحل المشترك بالتواجد فيه ماديا و الاشتغال فيه حيث يستفيد الموطن من جميع الخدمات التي يوفرها الموطن لديه إضافة إلى شغل حيز مكاني على شكل مكتب مثلا و تأتي أهمية التفرقة في كون الوضعية الأخيرة تشبه إلى حد كبير وضعية الكراء , لكن مشروع القانون لم يتطرق إليها و لم يقم بتقنينها ابتداء من كيفية إبرام العقد مرورا بالوضعيات القانونية المترتبة عن عدم الأداء و و آجال الإخطار و حالات وجوب الإخلاء و ترك ذلك لاتفاق الطرفين الذي يتخذ واقعيا شكل عقد إذعان حيث يرضخ الموطن لشروط الموطن لديه و التي تكون في الغالب الأعم غير منصفة له.
إضافة إلى قصور التعريف و إضافة إلى عدم التطرق إلى الأشكال التي يتخذها عقد التوطين فإن مشروع القانون لم يخصه كما خص المشرع العلاقة الكرائية بتقنين متكامل من بيان أركانه و شروط صحته و آثار علاقة التوطين و انتهائها و حالات عدم أداء مقابل التوطين و ما يترتب عنها و ما إلى ذلك و ترك ذلك لقوانين أخرى عامة كقانون الالتزامات و العقود و لفصول أخرى من مدونة التجارة , لكن إن كان الأمر ممكنا بخصوص بعض الوجوه مما ذكر , فإن بعض الأوضاع التي يطرحها عقد التوطين تستلزم التطرق إليها بشكل مفصل خاصة و أن باقي القوانين لا يمكن لها أن تحتويها أو أن تجيب عن إشكالاتها و هي المتعلقة بالإنهاء القانوني لعقد التوطين و بانتهاء علاقة الموطن لديه بالمحل المشترك وعلاقة ذلك بمصير الموطن.
كما سبقت الإشارة للأمر , فإن انتهاء عقد التوطين قانونا يستلزم التشطيب على رسم الضريبة المهنية و السجل التجاري للموطن المؤسسين على المحل المشترك , لكن في حالة إذا ما رفض الموطن القيام بذلك إثر فسخ عقد التوطين أو انتهاء مدته فهل من حق الموطن لديه أن يطلب التشطيب على الموطن لدى إدارة الضرائب و مصلحة السجل التجاري لينهي بذلك التوطين إن تعلق الأمر بشخص ذاتي و هل من حقه أن يطلب حل الأشخاص الاعتبارية لذات السبب لتعذر إمكانية التشطيب بدون اللجوء إلى حلها ؟
استمرار تواجد الرسم المهني و السجل التجاري بالمحل المشترك هو استمرار للتوطين و الجواب عن التساؤلات الأخيرة يطرح عدة إشكالات خاصة أمام استحالة القيام بالتشطيبات أو حل الأشخاص الاعتبارية دون مباشرة ذلك من طرف الأشخاص الذاتيين أو المسيرين كما تقتضي ذلك المساطر و هذه الحالة كان لابد أن يتطرق لها مشروع القانون ,كأن يعلق عقد التوطين إثر الفسخ و أن يلزم مسيري الموطن شخصيا بالقيام بإجراءات التشطيب أو الحل تحت مسؤوليتهم و تحت طائلة عقوبات مادية أو غيرها تطالهم بصفة شخصية.
و بخصوص حالة انتهاء علاقة الموطن لديه بالمحل الموطن فيه , فإن هذا الحالة تطرح إشكالات كبيرة خاصة عندما نعلم بأن مراكز التوطين توطن لديها أعدادا كبيرة من الشركات و الأشخاص الذاتين , ففي هذه الحالة مثلا إذا ما قرر مسيرو الموطن لديه حل شركتهم التي تشتغل في التوطين فما هو مصير الشركات الموطنة ؟ و إن قرروا نقل المقر الاجتماعي إلى مكان آخر فما هو مصير هذه الشركات علما بأنها لا يمكن نقلها بالموازاة مع انتقال الشركة الموطن لديها و يسري الأمر كذلك على حالات إفراغ الموطن لديها وحالات التشطيب على الشخص الذاتي الموطن لديه .........
حقيقة يتعين أن يحظى التوطين بتقنين متكامل ينظمه بصفة مقبولة يستجيب معها لتطلعات مراكز التوطين و لانتظارات المستثمرين ليجيب بذلك على الإشكالات التي تطرحها الممارسة و كان أحرى أن يتم التقنين بموجب قانون عادي مستقل لا بمجرد قانون يحتوى على 13 فصلا يتمم بموجبه القانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية


.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق




.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري