الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحق أقول لكم ..الحق يقول الباز !

محمد القصبي

2018 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في أواخر القرن التاسع عشرة طرق رجل الأعمال الأمريكي الشهير هنري فورد باب أحد أصدقائه الأثرياء ..قال له : لدي مشروع ..وأود أن تكون شريكي .
سأله الثري : أي مشروع ؟
قال فورد : مصنع للسيارات .
قال الثري وهو يقهقه عاليا :أي سيارات تتحدث عنها عزيزي فورد ..كنت أظنك ترى مثلي أن المستقبل للحصان!!
وإني أراهم -كثر في بلاط صاحبة الجلالة - مثل الثري الأمريكي..وهذا ما أرهقني منذ أكثر من عقد ..وأنا أصرخ في يأس عبر كتاباتي وفوق المنصات ..أن الصحافة الورقية على وشك الانقراض ..وأن المستقبل للصحافة الأليكترونية ، وأننا المسئولين عن الصحافة المصرية ينبغي أن يسرع بالتعامل والتكيف مع تلك المستجدات ..
لكنهم ..العديد من المسئولين عن تلك المؤسسات.. يتجاهلون تلك الحقائق، حتى انهم ينشئون مطابع ويسعون إلى الاستثمار في مصانع للورق !! ويشيدون مزارب ومعالف .. للحصان !!
حتى شاع في دواخلي الأمل من خلال وجوه عشرات الطلاب والطالبات..حين كنت ألقي محاضرة في كلية البيان للصحافة في العاصمة العمانية مسقط..منذ عامين ..كانوا يتابعون ما أقول ..ربما بدهشة ..لكن بتفهم ....أن الصحافة الورقية سوف تنقرض ، وأن رائحة الموت تفوح منذ سنوات من الورقي ، وسقت لهم العديد من الوقائع ، صحيفة/كريستيانساينس مونيتور الأمريكية أوقفت نسختها الورقية عام
2008. ،
توقف النسخة الورقية لصحف
ومجلات مثل فرانس سوار،نيوزويك وإنديبيندنت
الأسبوعية ، الموسوعة
البريطانية الشهيرة أيضا أوقفت طبعتها الورقية.
قلت أن هذا ما تنبأ به حتى أباطرة
خبراء شركة مايكروسوفت منذ عقد حين قالوا إن نهاية
الصحافة الورقية سيكون عام 2018 بينما توقع إمبراطور الصحافة روبرت مردوخ أن
تكون النهاية 2020.
"صحيح أن عام 2018 هل دون أن تغيب شمس الورقي ..لكن كل المؤشرات تؤكد أنها في أفول ..بل في الدقائق الخمس الأخيرة ! "
كان شباب كلية البيان ينصتون باهتمام ، فإن حان موعد الأسئلة فلم تكن أسئلتهم في الغالب من النوع المستهجن لما أقول ، بل توق للتعرف على مستقبل الصحافة بعد اختفاء الورقي ، وهذا ما بدا منطقيا ..شباب يتواصل مع الكوكب ..كل الكوكب عبر جهاز يحمله في يده لايزيد وزنه عن 300جرام ، يتابع من خلاله مايجري من حروب وصراعات ومباريات كرة قدم ، واتصال بريدي بالأصدقاء وغير الأصدقاء عبر القارات الست ..شباب هذا حاله وهذا زمنه من المنطقي ان يعزف عن شراء الورقي الذي يطرق أبوابنا بأحداث مر على وقوعها سنين !!! ..فلا يعقل أن يصاب محمد صلاح في العاشرة مساء السبت خلال مباراة ناديه ليفربول مع ريال مدريد ، فينتظر الملايين من محبيه حتى تطل عليهم الصحف صباح الأحد بتفاصيل ماحدث ،وفي كف كل منهم جهازلاينقل له فقط ماحدث ويحدث داخل الملعب لحظة بلحظة وتحليلات وتعليقات النقاد ، بل يتيح له أيضا أن يشارك بإيجابية حين يدلي بأرائه عبر السوشيال ميديا ..لذا من الطبيعي أن ينخفض توزيع الورقي ، وهذا ما أكده تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،
تراجع توزيع الصحف من 2.5 مليون نسخة يومياً، إلى 400 ألف نسخة في 2017 ،أي ثلث ماكان عليه توزيع صحيفة أخبار اليوم في السبعينيات ..
ألا يستدعي هذا الانخفاض الكراثي
فتح حوار داخل بلاط صاحبة الجلالة -إن كانت مازالت صاحبة الجلالة- بحثا عن إجابة لسؤال واحد : ما الحل ؟
لكن لاأحد يرغب في أن يفكر هكذا ..إما تحت تأثير خدر الأنستولوجيا ، والتي عبرعنها الراحل الكبير مصطفى شردي رئيس تحرير جريدة الوفد حين قال عن معشوقته "الصحافة": حبيبة القلب عطرها حبر وورق !
ذلك الضعف الرومانسي الذي يعاني منه الكثير من الصحفيين ويحول بينهم وحتمية التغيير الثوري المذهل يقابله أيضا ضعف رومانسي نظنه يستبد بملايين القراء ، والذي يتمثل في متعة تصفح الجريدة ،ونحن نتناول قهوة الصباح !! صورة زمان الرومانسية التي يظن الكثير أنها كفيلة بهزيمة إعصار تكنولوجيا التواصل الذي يباغتنا كل يوم بجديد .
لكن هذا الاعتلال الرومانسي قد يكون وقفا على العواجيز مثلي ..رغم انني تحررت من توابعه تماما ، فما عاد شراء الصحف مبندا في ميزانيتي الشهرية ..
أما الشباب ..فلو سألت أيا منهم عن آخر جريدة اشتراها فربما أجابك منذ سنوات !!
وليس الاعتلال الرومانسي الحاجز الوحيد أمام اتخاذ المسئولين قرارات جذرية بايقاف دوران المطابع .. فثمة مخاوف ينبغي الاعتراف بأنها مشروعة
..ذلك أن التحول الجذري للصحافة الأليكترونية يعني إغلاق المطابع و إلقاء ألاف العمال على أرصفة البطالة ..
إلا أن وضع استراتيجية للتغيير التدريجي ،مع مراعاة الحفاظ على حقوق العمال ..من خلال منظومة عادلة للمعاش المبكر ..يمكن أن تساعد على التحول الآمن من زمن الحصان إلى زمن القطار الومضة ..
لكن لاأحد ينحو في هذا الاتجاه ،ربما ثمة سبب جوهري آخر وراء هذا يتمثل في أن لدى البعض مصالح يجنيها من وراء السائد المعتل ..فيمترسون الطريق أمام أي تغييربآلاف العقبات .
حتى نقابة الصحفيين تولي ظهرها لما تشهده الصحافة من انقلابات ثورية ، وترفض ان تمنح عضويتها لفرسان الصحافة الأليكترونية !!!
لكن هناك من يرى ما أرى ، أننا في مواجهة انقلاب تاريخي ، وعلينا أن نتعامل مع معطياته العاصفة بموضوعية .. وثقل هذا الذي يرى ما أرى ، له ثقله في المشهد الإعلامي ،، مما يمنح ما يرى وأرى مصداقية كبيرة ،الكاتب الصحفي محمد الباز رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة الدستور المصرية الذي صاح عبر إحدى الفضائيات مؤخرا ما أثار في دواخلي الرغبة لأن أقفز من فراشي إلى باب الشقة ، إلى المصعد ..إلى أقرب ميدان وأصرخ :أنا صح !!
الباز قال نصا خلال حواره في برنامج " رأي عام " بقناة
Ten
الصحافة الورقية بائسة ، ومش في طريقها إنها تموت لأنها ميتة بالفعل ، لكن احنا مأخرين دفنها شوية ، ولو جابوا أعظم صحفي مش هيعمل لها حاجة ، ولو جابوا الملاك المسئول عن الصحافة في السما علشان يعمل صحافة ورقية دلوقتي مش هتوزع ومحدش هيقرأها دلوقتي ولاأنا حتى ،رغم إني بعملها "
فهل صرخة تصدر من رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير إحدى أكثر الصحف المصرية تميزا ..يمكن أن تكون جرس إنذار للجميع بضرورة ..بل حتمية تثوير بلاط صاحبة الجلالة ..!
هذا ما نأمله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس