الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أما آن لليسار أن يتوحد .. ؟

بدر الدين شنن

2006 / 3 / 22
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


أثار قيام " جبهة الخلاص الوطني " في أوا سط آذار الجاري ، بزعامة عبد الحليم خدام وعلي صدر الدين البيانوني ، زوبعة سياسية وردود أفعال في الفضاء السياسي السوري ، كان الأبرز فيها ، ردود أفعال قوى إعلان دمشق ، التي عبرت عن استيائها ، ليس من قيام جبهة منافسة على زعامة المعارضة فحسب ، وإنما لفك إرتباط أحد حلفائها المميزين " الأخوان المسلمون " بإعلان دمشق ، وانتقاله ، رغم نصائح الناصحين ، إلى الإرتباط مع خدام ، محدثاً بذلك إرتباكاً ليس من السهل احتوائه بوقت قصير ، دون أن تقدم هذه القوى أية مقاربة أوتفسير لمعرفة خلفية هذا الإنتقال " المربك " وهذه الجبهة الجديدة المنافسة ، ودون أن تقدم أي تقييم موضوعي نقدي على ضوء ما حدث ، لبنية ومكونات وآليات " إعلان دمشق " ، بل برهنت بردود فعلها الشكلية ، حتى الآن ، على أنها تتعاطى مع ما حدث ، خارج إطار المفهوم السياسي للتحالفات ، وكأنها تتعاطى مع قضايا وخلافات صراعية في شركة مساهمة

ولهذا عندما نقل " الأخوان المسلمون " أسهمهم " من شركة " إعلان دمشق " إلى شركة خدام ، هبط حجم " إعلان دمشق " وتخبط ، ووضع أمام ا ستحقاقات دفع سندات عدم الآستجابة للإنتقادات والملاحظات الإيجابية ، التي قيلت بصدد تعديله لإغنائه ، وخاصة فيما يتعلق بأهمية تضمينه أبعاداً وطنية وقومية واجتماعية وعلمانية . أما ما صدر عن لجنته المؤقتة من " توضيح " لترطيب الخواطر ، فإنه لم يدخل متن الإعلان ، وبقي كل شئ كما كان ، وبقي " إعلان دمشق " مطروحاً يتحرك ضمن مساحة نخبوية محدودة ، بانتظار حامل اجتماعي شعبي ، لم يتضمن متن الإعلان همومه ، أن يأتي تلقائياً ، ليرفعه إلى مستوى التحقيق .. وبقي منظرو الإعلان يتنقلون من نادي إلى منتدى ومن فضائية إلى فضائية أخرى ومن إذاعة إلى صحيفة للتبشير به ولكسب " الدعم الخارجي " من هنا وهناك ، متجنبين أو مهملين الإنتقال إلى عمق الداخل .. إلى مواقع القوى الشعبية ، على اختلاف أطيافها ، حيث هي في الأحياء الشعبية والمعامل والأرياف والجامعات ، لإغناء الإعلان بمطالبها ورؤاها لكسب دعمها ومشاركتها في تحقيقه ، الأمر الذي كان قد خلق مناخاً سياسياً فاعلاً ، كان من الصعب أن يسمح بانفكاك هذه القوى أوتلك عن الخندق الرئيس وتحويل قضية وحقوق شعب إلى لعبة كراسي

إن أهم ما قدمه قيام " جبهة الخلاص الوطني " على حساب " إعلان دمشق " بنية وبرنامجاً من دلالة هو ، أن قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية تحتاج إلى إعادة نظر جدية في تجربتها التحالفية منذ الثمانينات حتى الآن . وإعادة تجديدها وبنائها على كل المستويات الفكرية والساسية والحركية .. الوطنية والقومية والطبقية

لقد كشف وليد لقاء " الخداميين " و" الأخوان المسلمون " في بروكسل أن بنية " إعلان دمشق هشة وغير متجانسة ، وليس بين معظمها قواسم أساسية ثابتة مشتركة . وكشف أن عنوان الديمقراطية " حاف " في بلد مثل سوريا ، المشحونة بأزمة بنيوية شاملة ، لايكفي لتعبئة شعبية مليونية مطلوبة في مواجهة النظام ، بل لابد من أن يتضمن أبعاداً أساسية وطنية وقومية واجتماعية وعلمانية . ووشى أن هناك آخرين ممن إلتحقوا موسمياً بإعلان دمشق ، ممن تعز عليهم خصوصياتهم ، سوف يلتحقون بخدام أو غيره ، عندما يجدون أن العام المشترك الذي جذبهم إلى إعلان دمشق لايحقق لهم ما هو خاص لديهم . كما كشف أيضاً أن المعارضة السورية ، بسبب فقدان الزعامة المحورية وفقدان المرجعية الفكرية المطابقة ، وتعدد الإنتماءات السياسية والإجتماعية والقومية ، وبسبب الإرتباطات والتأثيرات الخارجية " السلبية أو الإيجابية " لايمكن أن تنضوي كلها تحت قيادة واحدة ، سيما وأن معوقات تحقيقها تكاد تنحصر في قمم القوى والتنظيمات المطلوب منها أن تقوم بهذا الإنجاز الهام

وفي ضوء ما تقدم ، ليس تغيير الإصطفافات وإقامة متاريس متعددة ، أو بروز نتوءات تنافسية معارضة ، سواء كانت عفوية أو ملغمة ، هو ماينبغي ، على أهميته ، أن يتم التوقف عنده حين التصدي لأداء الفعل المعارض ، الذي يملك إمكانية الاستمرار والنجاح ، وإنما هو التوقف عند أسس بناء معارضة ترتكز أولاً على أرض الواقع .. وتعبر عن هذا الواقع في حالة حركة مستديمة نحو الأفضل الأكثرحرية وعدالة

لم يعد من الصواب اختزال المسألة بالقول " المهم أن نسقط هذا النظام " كأساس لبناء التحالفات ، بل الذهاب إلى أبعد وأعمق من ذلك ، أن تطرح بمنتهى الشفافية .. أية قوى سياسية واجتماعية تملك المصداقية وترتبط مصالحها الاجتماعية والسياسية في تحقيق هذا الهدف وفي عملية إعادة البناء ما بعده ، يمكن أن تبنى معها التحالفات
لقد قام المثقفون في سوريا بمبادرة ثورية هامة ، تسجل لهم باعتزاز وامتياز ، في تاريخ سوريا الحديث ، إذ كسروا حاجز الصمت والخوف ، وتقدموا إلى النظام بعرائضهم واحتجاجاتهم ، وقالوا لا للإستبداد والفساد ، وأشعلوا ، بأيد تتحدى قيود القمع ، شموع الأمل في ليل سوريا الطويل
أما الآن فقد آن الأوان للإنتقال إلى مرحلة جديدة أعمق وأصعب وأهم ، هي مرحلة إنهاض العمل السياسي الشعبي .. إحياء الشارع السياسي .. الناطق .. الفاعل .. بمثقفيه وعماله وطلبته وجموعه الشعبية . ولولوج هذه المرحلة والتعاطي معها بنجاح ، لاغنى عن الإجابة على حزمة أ سئلة في غاية الأهمية وهي ، أية معارضة هي قادرة على الاستمرار بمصداقية ومصلحية اجتماعي وسياسية على ا سقاط الاستبداد وبناء ما بعده ؟ أية طبقات اجتماعية هي الحامل الأمين للبرنامج الوطني الديمقراطي الاجتماعي العلماني ؟ أية أفكار تشكل مرجعية الفعل السياسي الاستراتيجي للتغيير ؟ وأخيراً .. أما آن لليسار أن يتوحد ليكون رافعة النهوض واللاعب الطليعي في معركة التغيير الديمقراطي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفراح أنصار الجبهة الشعبية اليسارية بعد تصدرها نتائج الانتخا


.. اليمين المتطرف الفرنسي ثالثا.. -خيبة أمل- بارديلا وأنصاره




.. بارديلا: نتائج الانتخابات ترمي فرنسا في حضن أقصى اليسار|#عاج


.. الزعيم اليساري ميلونشون: على الرئيس ماكرون أن يعترف بهذه اله




.. بالأرقام.. النتائج الأولية تشير إلى تصدر تحالف اليسار في انت