الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب والسياسة

مظهر محمد صالح

2018 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الحب والسياسة


الكاتب:د. مظهر محمد صالح

27/7/2016 12:00 صباحا

كان اليوم هو الثاني والعشرين من شهر كانون الثاني 1944 عندما ازدحم ملعب لونابارك في العاصمة الارجنتينية بوينس آيرس بجموع من البشر للتبرع لضحايا الزلزال المدمر الذي اصاب البلاد وقت ذاك. اذ شقت الصفوف فتاة تظهر لناظريها كانها مرآة مصقولة ،و كانت لا تشعر،على الرغم من قلقها بالزهو والفخار الكامن في غرائزها ، بان قلب الكولونيل خوان بيرون قد تزلزل من موقعه وفقد بوصلته ليبحث عن قلب إيفيتا البالغة الجمال .لم تكن تلك الفتاة تعرف التردد،ولا كان الحياء من اسباب ضعفها في يوم من الايام بعد ان اعتلت المسرح والسينما والتمثيل ،الا أنها اقُحمت بقلب بيرون لتدخل نزاع العاطفة بلا تردد وهي تقود حملة التبرعات وجمعها لمنكوبي الزلازل.
مد بيرون يده وهَم لمصافحتها بوجه وديع لا اثر فيه لنظرة التحدي او ابتسامة الظفر ...وتقربت منه فلما حاذته خاطبها بصوت منخفض :من يتحمل مرارة الصبر....يا إيفيتا؟ تورد وجه البنت من فوره وغدا تحت قناع احمر وثمل فؤادها سروراً وهي تخاطب نفسها: الرجال يحبون الزواج في اعماقهم، ثم دبت في عيني العقيد العاشق يقظة جامحة واخذ الابتسام يغلب ثغره وهو يسأل قلبه الذي فقد ظله وبلهفة لا تخفى ..لامحيد عن الزواج يا إيفيتا ،ويجب ان نفرغ من المقدمات ونطرق المهم من الامور!.
تبسمت إيفيتا وهي تزداد اطمئناناً الى نفاسة الصفقة العاطفية التي هي بصدد عقدها وهي تقول في سرها:ساسترد ايها العقيد حريتي بين اجنحة عاطفتك وسأوطن نفسي على الرضا بحياتك معاً وان كسرة الخبز التي ساتقاسمها معك ستكون من نصيب فقراء الامة الارجنتينية .فك بيرون يده عن إيفيتا وهي تضحك لتداري ارتباكها .ولم يمض عام واحد حتى تزوج خوان بيرون من إيفيتا، ثم فاز في العام الاخر 1946 بمنصب رئاسة الجمهورية الارجنتينية لتحظى إيفيتا يومها بلقب سيدة البلاد الاولى.
ومنذ ان تولت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تكالب عليها تحالف ضم العسكر والقوى الراسمالية لمنعها من الترشح لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية في العام1951 على الرغم من مؤآزرة العمال لها كناشطة في الحركة البيرونية العمالية.خطبت إيفيتا بالشعب الارجنتيني بعد انسحابها من الترشح وقبل وفاتها المبكر بالسرطان وهي في عمر 33عاما ومن على شرفة قصر (كاسار رساوا) قائلة:لاتحزنوا ايها الارجنتينيون لموتي!! ولكن ابكتها الامة الارجنتينية كلها يوم وفاتها في 26 تموز من العام 1952 لتلقب بـ (الزعيم الروحي للامة). حظيت إيفيتا بقوة العاطفة وعمق الاصرار وامست شخصيتها جزءاً مهماً من الثقافة الشعبية في العالم.
احتفلت أميركا في العام 1976 بالذكرى المئوية الثانية للانعتاق من العبودية ،في حين كانت الارجنتين غارقة بحرب اهلية طاحنة قوامها الخطف والقتل والاغتصاب واخفاء الضحايا. ختاما، خلدت مسارح برودوي في نيويورك شخصية ايفيتا... ثم اطلق (البوم) غنائي شهيرحمل اسمها .. وباغنية استوحت المطربة ( مادونا) كلماتها من خطاب الوداع عنوانها: «لا بكاء من اجلي ايتها الامة الارجنتينية».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى