الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصخصة القطاع العام في سوريا

نضال العبود

2006 / 3 / 22
الادارة و الاقتصاد


القطاع العام في سوريا ليس بخير و هو لا يفتأ يتدهور يوماً بعد يوم على مرأى من الجميع من حكومة و مجتمع مع فقدان أي حس للحركة أو الفعل. و جل المسؤولية في هذه الرحلة تقع على عاتق الحكومة التي تستطيع الإمساك به قبل السقوط و ما سيحدثه هذا السقوط من انفجار لأزمات اقتصادية و اجتماعية لا تحمد عقباها.

فالقطاع العام أو الحكومي كمفهوم هو ملكية عامة لكافة أفراد المجتمع أو الشعب القاطنين في دولة وطنية ذات سيادة بحدود جغرافية، و بالتالي فإن ريعه و إنتاجه سيعود بالفائدة على عموم الشعب بطرق و أساليب شتّى.

لقد كان القطاع العام أحد مخرجات الاشتراكية التي نادت بها ثورة آذار عام 1963 و أهم مرتكزاتها، الثورة التي أوصلت حزب البعث العربي الاشتراكي إلى سدة الحكم و ما رافقها من فرض لحالة الطوارئ و المحاكم الاستثنائية و سيطرة الأجهزة الأمنية باسم الشرعية الثورية لحماية الحزب الذي يمثل طبقاً لأدبياته طليعة الجماهير التي تناضل من أجل حريتها ضد قوى الاستغلال الداخلية و الخارجية.

إذا نظرنا من هذه الزاوية فإن اعتماد قانون السوق الاجتماعي في نتائج المؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم نفسه الذي عقد في حزيران من العام الفائت هو التفاف على أهداف الثورة و الحزب في نفس الوقت الذي ما زالت هناك قوانين و مراسيم تعاقب كل من يعمل ضد الاشتراكية أو الثورة؟ لسنا هنا بصدد تقييم التجربة الاشتراكية بالرغم مما رافقها من انتشار سرطاني للبيروقراطية و الفساد و ما نتج عنها من تشكل طبقة طفيلية استأثرت بمعظم الدخل القومي الذي هربته إلى الخارج لتودعه في بنوك العولمة.

بالرغم من أن نشوء القطاع العام كان منذ البداية مشوهاً بسبب الاعتماد على الكم مقابل الكيف فإن العمل على خصخصته و تصفيته الآن بدلاً من إصلاحه و إعادة هيكلته لهو ضرب و تقويض لمصالح قطاعات واسعة من أبناء الشعب السوري تقتات من العمل فيه ، مع ما يخفيه ذلك أيضاً من نية طبقة الأغنياء الجدد في تبييض أموالها و إعادة ضخها في سوق الاستثمارات المستقبلية لإعطائها الصبغة الشرعية و للتمويه على مصادرها المشبوهة الناتجة عن نهب هذا القطاع.

لقد تمّ الحديث عن تقسيم القطاع العام إلى ثلاث فئات :
 قطاع عام رابح يجب العناية به و تنميته،
 قطاع عام يمكن إصلاحه و الاستفادة منه،
 قطاع عام خاسر يجب بيعه و التخلص منه.

ما طبق على أرض الواقع هو العكس تماماً، إذ تم المباشرة ببيع القطاع العام الرابح أو الإعلان عن الاستثمار فيه من قبل القطاع الخاص (معملي الحديد و الورق، مرفأي طرطوس و اللاذقية ، معملي الاسمنت في طرطوس و عدرا..). هذا إن دل على شيء فإنما يدل على مناورة و مداورة لإخفاء ما هو أعظم و يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها في جو يفتقد إلى المصداقية و الشفافية و الاستخفاف بمصالح المجتمع الذي من المفترض أن يكون صاحب الكلمة الأخيرة في مصير القطاع العام، فقرارات على هذه الدرجة الكبيرة من الخطورة على أمن و مستقبل وطن بكامله يجب أن تتخذ بمشاركة جميع أفراده في حوار مفتوح عبر وسائل الإعلام المختلفة ليدلي كل بدلوه من اختصاصيين و مسؤولين و نقابات و منظمات شعبية و مجالس محلية و أحزاب و أفراد.

و يكفي القول أن الحفاظ على القطاع العام و إصلاحه هو الطريق الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة خصوصاً في هذه المرحلة التي يعجز فيها القطاع الخاص عن القيام بهذه المهمة الجسيمة بسبب اختلاف تاريخ تطوره عن مثيله في الغرب الذي ساهم بشكل فعال في تنمية البلد الذي يوجد فيه و في تحقيق درجات غير مسبوقة من التقدم العلمي و التكنولوجي و الرفاه الاجتماعي بالرغم من الحديث عن عسفه و جشعه.

الضرورة الملحة الآن هي إعادة النظر في القرارات التي تهدف إلى خصخصة القطاع العام و طرحه للاستثمار و العمل على احترام التصنيف السابق الذي وضعه أركان الحكومة أنفسهم و ذلك بحصر المشكلات و تقديم الحلول و وضع الآليات المناسبة لتنفيذها مع الاعتماد كل الاعتماد على الكفاءات و الخبرات العلمية المهمشة بفعل فاعل.

فما وصل إليه القطاع العام سببه الفساد الذي يعشعش في كل زاوية من وزاياه في جو انعدام مبدأي المراقبة و المحاسبة. بالإضافة إلى تخلف البنية التنظيمية و التشريعية و القانونية و المركزية الشديدة و انعدام الحد الأدنى من استقلالية اتخاذ القرار بالنسبة للشركات و تشابك جهاته و تداخلها بعضها ببعض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما تداعيات تهديد بايدن بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل على ع


.. الحرب على قطاع غزة تدفع إسرائيل لزيادة الضرائب على مواطنيها




.. «فريزونر» تنظم مؤتمر -الاستثمار في المثلث الذهبي- لمناقشة فر


.. العالم الليلة | استطلاعات الرأي: الاقتصاد وليس حرب غزة يتصدر




.. كل الزوايا - ما تأثير العملية العسكرية المحتملة في رفح الفلس