الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان في العالم العربي: قيود... تمييز... وتعذيب...

جوزيف بشارة

2006 / 3 / 22
حقوق الانسان


تشكل قضايا حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين خطاً فاصلاً بين الحاضر والماضي، التحضر والتخلف، الديمقراطية والديكتاتورية، والعدل والظلم. من هنا جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس عشر من مارس الجاري بتشكل مجلس حقوق الإنسان ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي كثيرا ما تعرضت كفاءتها لإنتقادات حادة. يعكس قرار تشكيل المجلس تصميماً دولياً على النهوض بقضايا حقوق الإنسان في العالم، و بخاصة في دول العالم الثالث الذي تنتهك فيه هذه الحقوق بصور صارخة. رغم أن القرار ينص على أنه ينبغي أن توضع في الاعتبار أهمية الخصوصيات الوطنية والإقليمية، والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية المختلفة، إلا أنه شدد على واجب جميع الدول، بغض النظر عن أنظمتها السياسية والاقتصادية الثقافية، في تشجيع وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بدون تمييز من أي نوع سواء بسبب العنصر أو اللون أو الجنس، أو اللغة أو الدين، أو الأفكار السياسية أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات، أو المولد أو أي وضع آخر.

لم تكن معركة الإنسان للحصول على حقوقه سهلة أو قصيرة، ولكنها امتدت على مدار قرون طويلة حتى بلغت المرحلة النهائية التي بدأت مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948. بدأ الإنسان محاولاته لحماية حقوقه وممتلكاته منذ القدم من خلال الحروب والإتفاقات والتحالفات، كما جاءت الأديان والفلسفات في هذا الإطار أيضا، ولكن أياً من هذه المحاولات لم تحقق للإنسان ما يحمي حقوقه الإنسانية الأساسية. جاء القرن السابع عشر ليشهد تغيراً جذرياً في نظرة واهتمام الغرب بقضايا حقوق الإنسان، حيث تحول الإهتمام، بتأثير من فلسفات John Locke و Thomas Hobbesوغيرهما، إلى مسئوليات وحقوق الفرد الإجتماعية التي أطلق عليها "الحقوق الطبيعية". وقد اعتبر أن الإنسان يتمتع بموجب هذه الرؤية بحقوق بحرية لا محدودة، وأن قبوله الخضوع لحكم الملوك والحكومات يحد إما كلياً أو جزئياً من هذه الحرية، فيكون التنازل الجزئي مقابل السلام الإجتماعي والمشاركة السياسية، بينما يكون التنازل الكلي لمصلحة الحكم الشمولي الذي يتطلب خضوعاً كاملاً.



لم ينته القرن السابع عشر قبل أن يشهد مولد أول ميثاق للحقوق في إنجلترا الذي جاء في العام 1689، ونص على حماية حقوق الفرد السياسية و حرية العقيدة من ظلم الحكومات الطاغية، كما نص الميثاق للمرة الأولى على خضوع الملك للقانون واحترامه للسلطات التشريعية للبرلمان، كما أعاد التاكيد على المبادئ الدستورية التي نص عليها إعلان "Magna Carta" عام 1215. لم تهدأ مساعي الإنسان في بقاع أخرى من العالم الغربي لضمان حقوقه بعدئذ، ففي الولايات المتحدة شهد العام 1776 إعلان الاستقلال الذي نص على ان البشر خلقوا متساوون، بينما جاءت الثورة الفرنسية عام 1788 التي شهدت إعلان حقوق الإنسان والمواطنين الذي أكد أيضاً على أهمية الحقوق الطبيعية للإنسان.



رغم صدور العديد من القوانين والتشريعات المحلية الداعمة لمبادئ حقوق الإنسان في القرن التاسغ عشر أيضاً، إلا أن فئات محدودة ومعينة استفادت منها في ظل استمرار الإستعمار في الكثير من مناطق العالم بخاصة في أفريقيا وأسيا بجانب سياسات التفرقة العنصرية والإثنية والجنسية والدينية التي ترسخت في العديد من المجتمعات عبر قرون طويلة من الزمان. لكن التطور الحقيقي لمفهوم حقوق الإنسان جاء في القرن العشرين حين أنهت الغرب استعماره، وحين واجه كافة أشكال التفرقة.



تدريجياً إنتقلت مبادئ حقوق الإنسان من الغرب إلى العديد من بقاع العالم في النصف الثاني من القرن العشرين، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة بانهيار الإتحاد السوفيتي السابق. واصبحت دعاوى حقوق الإنسان شعار العالم الحر في القرن الحادي والعشرين. غير أن بقاع محددة من العالم ترفض وتتحدى وتقاوم مبادئ حقوق الإنسان العالمية. من أكبر وأهم هذه البقاع المنطقة العربية والإسلامية التي مازالت ترزح تحت نير التخلف والماض و الدكتاتورية والظلم. تتعرض هذه الدول بسبب مواقفها هذه لانتقادات عنيفة من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.



مما يدعو للقلق الأسف أن تكون الدول العربية على رأس قائمة الدول القلائل التي تنتهك المبادئ الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد نحو 58 عاماً على إصداره. في تقاريرها عن العام 2005، أوضحت تقارير منظمات حقوق الإنسان جسامة مخالفات الدول العربية لأهم هذه المبادئ. في السطور التالية أتناول ثلاثة من أهم هذه المبادئ وكيفية انتهاك الدول العربي لها من خلال تقرير منظمة "Human Rights Watch" عن العام 2005.



تنتهك الدول العربية المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وكذا المادة الثانية التي تنص على أن يتمتع كل إنسان بكافة الحقوق والحريات دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر. يشير تقرير منظمة ""Human Rights Watch إلى التمييز الذي تمارسه الدول العربية ضد الأقليات الإثنية والدينية المتناثرة في بعض الدول العربية كأقباط مصر وأكراد سوريا، كما يؤكد على عدم المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة.



تضرب الدول العربية عرض الحائط بالمادة الخمسة من الإعلان التي تنص على عدم جواز تعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة (أنظر الجدول أدناه). لا تكاد دولة عربية واحدة تتمتع بسجل نظيف، خال من ممارسات التعذيب الوحشية ضد السجناء والمحتجزين. لعل من أهم ما يذكره تقرير المنظمة في هذا الشأن يأتي عن سيايات التعذيب الروتينية التي تمارسها مصر خلال عمليات الاستجواب. يشير التقرير أن سياسات التعذيب كانت تستخدم بصفة أساسية في الماضي ضد السجناء السياسيين، ولكنها تفشت في السنوات الأخيرة في أقسام الشرطة دون تمييز، وهو الأمر الذي أفضى إلى وفاة 132 سجبن تعرضوا للتعذيب خلال الفترة ما بين يناير 1993 ويوليو 2005. ويشير التقرير إلى أن الحكومة لا تعير اهتماماً إلى الدعاوى بالتحقيق في قضايا التعذيب، حيث لا تجري تحقيقات جنائية مع مسئولي الأمن المتهمين بممارسة التعذيب أو إساءة المعاملة، كما لا تتخذ أية تدابير تأديبية رغم وجود الكثير من الادعاءات ذات المصداقية بشأن الانتهاكات الخطيرة في أماكن الاحتجاز التابعة لمباحث أمن الدولة.



لقد تحولت المجتمعات العربية إلى ما يشبه السجون الجماعية، حيث إتهم التقرير الحكومات العربية بمخالفة المواد الثامنة عشر، التاسعة عشر، والعشرين التي تنص على حق كل شخص في حرية التفكير والضمير والدين، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية. يؤكد تقرير منظمة ""Human Rights Watch إلى القيود التي تضعها الدول العربية للحد من حقوق التعبير والتنظيم، وحرية الصحافة، حيث تنتقص التشريعات والقوانين من حرية التنظيم عبر منح الحكومات سيطرة غير مبررة على إدارة المنظمات غير الحكومية وعملها - كما في حالة القانون رقم 84 لسنة 2002 في مصر. يشير التقرير أيضاً إلى فرض ضوابط صارمة على التنظيمات السياسية و قوانين رقابية مجحفة بحق حرية الصحافة.



ملاحظات:

- إتهم تقرير منظمة ""Human Rights Watch سجلات حقوق الإنسان في مصر بالسلبية، مشيراً إلى تعرضها "إلى انتقاداتٍ عامةٍ لم يسبق لها مثيل" خلال 2005. وأشار إلى القضايا التي لم تجد علاجاً ومن أهمها قضية التعذيب الروتيني للمساجين، والاحتجاز التعسفي لما يقارب الـ 15 ألف مواطن دون توجيه تهمة في ظل قانون الطوارئ الذي يحين موعد انتهاء مفعوله أو تمديد العمل به في مايو المقبل.

- تعرض التقرير إلى فشل مساعي المملكة المتحدة لإبعاد ثلاثة إسلاميين من أراضيها بسبب عدم الحصول على تأكيدات دبلوماسية مصرية بعدم إساءة معاملة هؤلاء الثلاثة إذا تمت إعادتهم إلى مصر، بالإضافة إلى رفض المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان ممارسة دور رقابي لحمايتهم من أية إجراءات تعسفية. وأشار التقرير إلى تعرض السويد لانتقادات حادة من المتجتمع الدولي بسبب ترحيلها أحمد عجيزة المشتبه بانتمائه إلى منظمات إرهابية إلى مصر. وأوضح التقرير أن الحكومة المصرية لا تزال ترفض طلب مقرر الأمم المتحدة المعني بالتعذيب زيارة مصر.

- أكد التقرير على الإتنهاكات "المنهجية" للنساء والفتيات المشتبه في عدم التزامهم بالقواعد الإجتماعية والأخلاقية في ليبيا حيث يتم احتجازهن في ما يسمى بـ "البيوت الإجتماعية" التي هي مؤسسات إيواء النساء والفتيات المنحرفات أو اللواتي نبذتهن عائلاتهن. أكد التقرير على أن كثير من النساء والفتيات المحتجزات لم يرتكبن أية جريمة، وان بعضهن موجودٌ هناك بسبب تعرضهن للاغتصاب ثم نبذهن لأنهن لطخن شرف العائلة.



- أشار التقرير إلى أن عدة مئات من السعوديين سافروا إلى العراق للمشاركة في المقاومة ضد القوات الاجنبية.


- أفاد التقرير باتساع نطاق الإتجار بالبشر في الإمارات العربية المتحدة حيث تباع سنوياً أعداد كبيرة من الصبية إلى الإمارات العربية المتحدة لتدريبهم على سباق الهجن. قدرت حكومة الإمارات العربية المتحدة عدد الأطفال الذين يعملون في سباق الجمال وفي عام 2005 بما يتراوح بين 1200 و2700، لكن المنظمات الدولية تطرح تقديرات أعلى من ذلك بكثير إذا تقدر بأنهم بين خمسة وستة آلاف. أشار التقرير إلى قرار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في منتصف 2005 بتحديد أعمار متسابقي الجمال بما لا يقل عن الثامنة عشر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ


.. نتنياهو: شروط غانتس تعني هزيمة إسرائيل والتخلي عن الأسرى




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 160 موقعًا أمميًا دمرته


.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في




.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط