الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الديكتاتورية لاصق اجتماعي في المجتمعات اللامندمجة؟-

محمد سيد رصاص

2006 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


-تفككت البنى المجتمعية في يوغسلافيا والصوما ل والعراق بعد رحيل أوسقوط الديكتاتور الفرد,وفي الاتحاد السوفياتي عقب انهيار نظام الحزب الواحد,لتعود مكونات البنية للتمحور حول القومية أوالدين أوالطائفة أوالقبيلة,حيث بنيت الكيانات الدولتية الجديدة حول بعض تلك المحددات اوأحدها (كما في دول الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا السابقين),أوأصبحت القوى السياسية متأطرة عبرها في مجتمع يعاني التفكك والصراع(كما في العراق والصومال),ولو لم يصل إلى مرحلة الانفصال الجغرافي بين مكوناته تلك .
هذا يعني أن الديكتاتورية السياسية نسبية,وكذلك الديموقراطية أيضاً,فالديكتاتورية لم تنشأ,في الحالات التاريخية المختلفة,نتيجة الطبيعة الشريرة للقادة السياسيين أوالحاكم الفرد,وإنما إمانتيجة لحالة فراغ اجتماعي,مثلَتها فترة انتقالية يعيشها مجتمع بين مرحلتين لم تتبلور فيها الطبقات الاجتماعية الجديدةولم تعد فيها الطبقات القديمة قادرة على الاستمرار بالحكم كما في حالة كرومويل ولويس الرابع عشر ونابليون,أونتيجة اختلال التوازن الاجتماعي لغير صالح الحكام بعد ثورة أتت بهم للسلطة كما في حالة ستالين بين عامي 1929-1932 لما وجد البلاشفة أنفسهم بدون القاعدة العمالية التي أوصلتهم للسلطة في عام 1917 نتيجة خراب الصناعة بعد الحرب الأهلية والحصار الدولي وبدون الفلاحين الذين تحولوا إلى جهة مضادة لهم بعد عقد من ثورة أوكتوبر,وهذا مادفع ستالين إلى ممارسة العنف ضد الفلاحين في مرحلة الكلخزة(التجميع الزراعي) لتفادي عواقب اختلال القاعد الاجتماعية التي أوصلت البلاشفة للسلطة,وإلى انشاء أخرى جديدة(كان العنف قابلتها) عبر التصنيع والتحديث القسري.
في العالم العربي,كانت الديكتا تورية تعبيراً عن مفاعلات اللااندماج في البنية المجتمعية,وعن ضعف القاعدة الاجتماعية للحاكمين,ليأتي العنف واقياً وترياقاً لها,إلاأنهاأيضاً كانت مؤشراً عن انزياح طبقات,برجوازية في المدن الكبرى وفئات وسطى مدينية,لصالح الفلاحين والأرياف والبلدات الصغيرة(وهو مالم يحصل في الغرب لما تولت البرجوازية حلُ المسألة الزراعية من خلال إطار مهمات التحديث والتمدين الرأسمالي),حيث كان العسكر عنواناً لهذا الإنزياح,وهو مارأيناه في فترة 1952-1963 في المنطقة الممتدة بين الجزائر وبغداد,فيما حصل هذا في ثورة ايران المدنية عام1979.
في هذا الإطار,لم يكن الصراع بين الريف والمدينة ذوشكل اقتصادي-اجتماعي محض,ترجم نفسه في أشكال ايديولوجية-سياسية,وإنما كان يحوي مضمرات فئوية(كما في سورية,وفي العراق حيال الشيعة,المهمشون في الوظائف والتعيينات سواء كانوا ريفيين أومدينيين منذ العهد الملكي) وإثنية(كما في الجزائر,لماأتت معظم الفئة العسكرية الحاكمة من منطقة ريف الشرق الذي يحوي بربر الشاوية,وأيضاً في العراق لما كانت غالبية الفئة العسكرية الحاكمة بعد1958 عربية من بلدات سامراء وتكريت والرمادي وأريافها واستبعد منها الأكراد بخلاف فترة انقلاب الفريق بكر صدقي عام 1936),فيما نجد في مصر أن التحديدات في البنية الاجتماعية لضباط ثورة 1952 متعينة في كون غالبيتهم الساحقة من الريف .
كان فشل الديكتاتورية العسكرية عند العرب في المهمات القومية-الوطنية,وفي مهمات التحديث والتنمية- عاملاً أساسياً في ارتداد"المكونات المجتمعية"إلى الإنتماءات الأولية,من دينية وطائفية فئوية وإثنية,وفي تداعي قوة التيارات الايديولوجية العابرة لتلك المكونات.
من هنا,كان الإنتقال إلى الديموقراطية مترافقاً مع عملية تداعي وتفكك في البنى المجتمعية التي تعيش حالة اللااندماج,وهومارأيناه في الانتخابات العراقية الأخيرة,لما عبرت القوائم الفائزة عن تمترسات فئوية وإثنية ودينية,ولم تكن هناك سوى قائمة واحدة عابرة لتلك المحدِدات,هي قائمة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي,والتي لم تستطع الحصول سوى على(25مقعداً) من مقاعد البرلمان البالغة(275مقعداً).
السؤال الرئيسي الآن,هو: كيف يمكن لعملية الإنتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية,والتي تكتسب ديناميتها الآن من عوامل دولية تساهم في تفعيل المحلية,أن لاتكون طريقاً إلى التفكك المجتعي(أوإلى تكريس اللااندماج عبر تقاسم دستوري للجبنة),وإنما طريقاً إلى وحدة مجتمعات تعاني من اللااندماج بين "مكوناتها"؟.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات