الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل مات بريخت ؟

مروة التجاني

2018 / 6 / 16
الادب والفن


في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات المثقفين بنقد وضع الفنون بشكل عام والمسرح بشكل خاص لتحولها إلى سلع ترضي أذواق المستهلكين من عديمي الخبرة أو الباحثين عن المتعة من أجل المتعة يحق لنا أن نسأل هل مات بريخت ؟ . ما احوجنا اليوم إلى ضرورة العودة إلى بريخت الذي نفث روحه في جميع مسارح ما بعد الحداثة . نادى في زمن مبكر بما يعرف بالنقد المرح سعياً منه إلى توجيه المتفرج البرجوازي إلى دروب تساعد في خدمة طبقات أخرى . لم يرغب خلال مسيرته سواء حين قدم المسرح الملحمي أو التعليمي بتحويل المعرفة إلى سلعة بل مزج بينها وبين المرح ، الهدف من ذلك تغيير المشاهد والعالم ، لا يهتم إذن بفن الممثل وحده بل وكذلك فن المتلقي ولا يجب مع ذلك أن ينسى الأخير لوهله إنه متواجد كجمهور في صالة عرض . " علمنا المسرح أن ننظر إلى العالم بالطريقة التي ارادت الطبقة الحاكمة أن ننظر إليه . بإمكاننا ، ويجب علينا أن نقدمه وهو في طور النمو والتغير المستمرين ، دون أي قيود تفرضها طبقة بعينها ، لأن تلك القيود ضرورية لمصالحها . أن الموقف السلبي للمتفرج ، وهو الموقف الذي يتوازى مع سلبية الأغلبية العظمى من الناس في الحياة ، أفسح الطريق لموقف ايجابي " .


أكثر العبارات الرائجة خطاءً قول " الحياة مسرح كبير" فالنص يعيد انتاج نفسه ، القص مصطنع من وجهة نظر بيريختية . كل تجربة يعاد تكرارها ومسرحتها ولا تعود للمرة الأولى أبداً . في ذات سياق تسليع الفن نرى مسرحية الرجل هو الرجل ( 1926 ) وتحكى عن " جالي جاي " حمال هندي يعيش حالة من الرضا عن وضعه كبرجوازي صغير لكنه يرغب مع ذلك في شراء سمكة فيجد ضالته مع جنود ، يقبل هو أن يصبح واحد منهم ولا يتمكن بعد ذلك من العودة إلى هويته القديمة . يحاول بريخت أن يقول أن لا شئ له قيمة في ذاته حتى الأنسان إلا حين يوجد مشتري يعطيه قيمته . يبرز في كثير من مواضيعه تحول الفرد لسلعة فلا فرق بين أبنه أحد التجار وعاهرة أو شحاذ يبيع القبح .. كلها سلع ، وهو ما يتوجب على المسرح كشفه في سياق العلاقات الاجتماعية كما حدث مع ( جاي ) الذي تحول لزي رسمي بشكل مادي ومجازي .

سعى بريخت عبر العديد من مسرحياته إلى تقديم مفهوم علاقات الانتاج وكيف تشكل الواقع خاصة في المجتمع الرأسمالي ، على غرار ماركس الذي حول الفلسفة إلى عمل كان له الدور الأكبر في إعادة تشكل المجتمعات ، آمن بريخت بأن للمسرح دور هام في الكشف عن الايديولوجيا الرأسمالية المتخفية . لم يمت بريخت بل أن الحوجة إليه صارت ماسة خاصة في ظل توجه المسرح نحو التسليع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب