الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران وقمة سنغافورة : الصدمة !

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2018 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كالعادة وفي كل موضوع كبير على شاكلة "قمة سنغافورة" بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والكوري الشمالي كيم جونغ أون، ينقسم الايرانيون في نظام الجمهورية الاسلامية الى فريقين وربما أكثر، لكن الرسميين في الحكومة أظهروا وكأنهم غير مكترثين لنتائج هذه القمة على السجال الجاري حول الاتفاق النّووي،بقدر ما يمكنهم من إرسال تحذيرات الى كيم جموع أون من الثقة في الرئيس الأميركي الذي قالت طهران إنه يمكن أن يلغي اتفاقهما على نزع السلاح النووي خلال ساعات.
وتساءل المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت الثلاثاء بعد ساعات من تحذير مماثل أطلقه المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي في مؤتمره الصحفي الاسبوعي الاثنين : "لا نعلم مع من يتفاوض زعيم كوريا الشمالية؟!" مضيفاً."من الواضح أنه يمكن أن يلغي الاتفاق قبل أن يعود لبلاده"، مشيراً بذلك الى قرار ترامب الشهر الماضي، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم دولياً مع إيران في تموز يوليو عام 2015، ووصفه بإنه "معيب" للغاية، وقرر أيضاً إعادة فرض العقوبات على إيران.
إذن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تخف تذمرها من "قمة سنغافورة"، وكانت تتمنى لو لم يجلس الزعيم الكوري الشمالي مع ترامب على طاولة واحدة وأنها تراقب عن كثب ما يحصل بينهما، لأنها تخشى أيضاً أن يتم في مرحلة لاحقة إذا تقدمت المفاوضات، تزويد بيونغ يانغ واشنطن بمعلومات حساسة عن الجزء الحساس لبرنامجها الصاروخي، كجزء من اتفاقية شاملة بينهما، خصوصاً وأن التعاون العسكري بين إيران وكوريا الشمالية قديم، يعود إلى فترة الحرب العراقية الإيرانية، وتوج بعدها بزيارة الرئيس الايراني (آنذاك) علي خامنئي بيونغ يانغ التي أسفرت عن تعاون أكبر تضمن تزويد طهران بتقنية الصواريخ البالستية، واستمر هذ التعاون حتى الآن.
وعموماً ، تظهر التصريحات الإيرانية الرسمية خصوصاً بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الذي أرسل إشارات "مرنة" غير مسبوقة بقوله :
‏"ما لم تتحدث أميركا بلغة الاحترام أمام المنطق الايراني القوي وليس بلغة التهديد والعقوبات، فليس هناك أي آفاق لأي حوار معها، وكأنه كان يعرض إمكانية الجلوس أيضاً على طاولة المفاوضات المباشرة مع واشنطن ليس حول جميع الملفات، إذا مضى الاتفاق النووي الإيراني دون تعثر، وحصلت طهران على مكاسبها الاقتصادية منه بما يؤهلها خوض نقاش في الداخل، يعبيء الشارع لصالح "الحوار المباشر" مع واشنطن دون شروط مسبقة.
القلقون!
أما ايران الأخرى التي يهيمن عليها المتشددون من التيار المحافظ ويُسمون في طهران (دلواپسان) أي "المتخوفون" القلقون على النّظام مما يعتبرونه فشل الرئيس حسن روحاني في تحقيق شيء لصالح ايران من المفاوضات مع الغرب، وهؤلاء، وإن كانوا شعروا بـ"الصدمة"، فإنهم حاولوا استغلال تداعيات "قمة سنغافورة" على ايران، ليشنوا حرباً لاهوادة فيها، على روحاني والتيارين الاصلاحي والاصولي"المعتدل" اللذين تحالفا معه ودعماه خلال المفاوضات النوويّة،ورفع بعضهم مرة أخرى شعار " النموذج الكوري الشمالي" بحذافيره رغم أنهم شددوا في وسائل إعلامهم لخطب ود الشارع الغاضب من "فشل" الرئيس، على الحديث عن "فوارق" جوهرية بين ايران وكوريا الشمالية، في محاولة لتبريز صدمتهم من مجرد قبول كيم جونغ أون لقاء ترامب، وقالوا "إن كليهما لايمكن التكهن بتصرفاتها".
"المتخوفون" على النظام، أخذ صوتهم يرتفع مجدداً بعد أن همشهم الاتفاق النووي،وكانوا في جبهة واحدة مع الرئيس الايراني السابق محمود أحمدي نجاد الذي أدت طريقة مفاوضاته النووية في الفترة مابين 2005 وحتّى 2013،الى تكبيل ايران بسبعة قرارات عقوبات دولية من مجلس الأمن، وعدد آخر من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا وعموم دول الاتحاد الاوروبي. وكرر هؤلاء الدعوة مجدداً الى الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية مثلما فعلت بيونغ يانغ عام 2003، وإغلاق كافة الأبواب أمام المفتشين الدوليين، وهذا يعني أيضاً الانسحاب من البروتوكول الاضافي الذي يسمح بتفتيش مباغت لمنشآت ايران النووية، وهم بذلك يلمحون الى أن تتحول ايران دولة "نووية" بكل معنى الكلمَة، بالضبط كما فعلت كوريا الشمالية التي تفاوض الْيوم من موقع قوي، ‏وكتبوا أن "قمة سنغافورة " أكدت أن أمريكا ليست إلا نمر من ورق تتنمر فقط على النعاج الذين ارتضوا لأنفسهم أن يحلبهم ترامب باستمرار كالشاة ما أن يجف ضرعها حتى يسلخها كما قال هو عن السعودية...كن قوياً ولن يكتفي ترامب أن يكون السباق الى مصافحتك بل وسيربت على كتفك"!!
الثقة المفقودة
ويتفق الرئيس روحاني مع الرأي القائل إن المفاوضات مع الولايات المتحدة كان يمكن أن تقطع أشواطاً كبيرة لكن بعيداً عن الأنظار، إذا تم بالفعل بناء جدار الثقة الذي أقامه الى حد ما، الاتفاق النووي، بما سمح للسفير الأمريكي السابق في مسقط الطلب من سلطنة عمان القيام بوساطة مع ايران لحل الأزمة اليمنية خصوصاً وأنه كان شاهداً على مفاوضات "سرية" جرت هناك في عهد أحمدي نجاد، مهدت لابرام الاتفاق النووي، في عهد خلفه حسن روحاني.
وفي هذا الواقع، وجه روحاني هو أيضاً نصائح للزعيم الكوري الشمالي قبل "قمة سنغافورة"دون أن يذكره بالاسم، بأن يضع نصب عينه، الاتفاق النووي الايراني،وتنصل ترامب عنه، وهو ماتكرره طهران باستمرار هذه الأيام لتقول إنه كان بالإمكان تحقيق الكثير في الملفات كلها ومنها بالطبع مايقال عن الدور الايراني في المنطقة "المقلق" للغرب، لو نجح الإتفاق النووي.
ومن هنا فإن معظم الإيرانيين كانوا يستبعدون حصول هذه القمّة،ويرى "المتخوفون" منهم بشكل خاص، أن على ايران مقاومة الضغوط، ويحثون على التوجه صوب عسكرة البرنامج النووي رغم وجود فتوى من المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم الحصول على سلاح نووي وإنتاجه، بينما يواصل الرسميون مفاوضاتهم مع الاوروبيين وروسيا والصين، للحصول على ضمانات عملية تجعل بقاء ايران في الاتفاق النووي ضرورياً لمنع المتطرفين في ايران من العودة مرة أخرى الى الواجهة، بما يُعرض للخطر ، ليس فقط أمن المنطقة واستقرارها، بل السلام العالمي، وهذا ما أشار له مراراً، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
الى آسيا الوسطى والقوقاز ..در
ويبدو أن ايران التي ركزت كل جهودها في الشرق الأوسط غرب أسيا وحصدت غضباً من الغرب وصل الى حد اتهامها بأنها تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، أخذت تعيد النظر في دورها المتعثر هو الآخر في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز وهي محيطها الطبيعي بسبب استحقاقات التأريخ والجغرافيا لمواجهة تداعيات "قمة سنغافورة" فيما لو اشتدت العقوبات الأمريكية عليها.فلدى الكثير من دول آسيا الوسطى والقوقاز الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعها بإيران، إن كان هذا يتعلق بالتأريخ المشترك والثقافة و اللغة أو الحدود وقرب المسافة. إلا إن جميعها بلا استثناء لا تجد في ظل نظام الجمهورية الاسلامية الحالي أي وجه من الأوجه الثقافية أو الدينية أو التأريخية التي تجمعها به خصوصاً دولة مثل طاجيكستان التي تجمعها بإيران لغة واحدة و تأريخ مشترك لكنها أخذت تفكر بالاستقلال الثقافي والتأريخي الذي وصل الى اللغة الفارسية وأخذت تروج الى وجود لغة طاجيكية مستقلة عن اللغة الفارسية، كما فعلت تركيا أتاتورك عندما توقفت عن استخدام الحروف العربية.
‏وترى دول آسيا الوسطى والقوقاز أن إيران سعت منذ إستقلال هذه الدول عن الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات حتى الآن ، الى نشر الفكر الثوري الشيعي على أراضيها الأمر الذي يتعارض مع معتقدات سكان هذه الدول الذي يشكل السنّة نسبة كبيرة من سكانها.
‏كما أن هذه الدول آسيا ترى في السياسة الايرانية التي تنتجها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في 1979 حتى الأن ، أنها ترتكز أساسا على فرض سياسة الأمر الواقع وتحريض الأقلية الشيعية في دولها وتقول إن أقرب مثال على ذلك هو تحريض إيران للشيعة في دول كجمهورية أذربيجان وجمهوريتي داغستان والشيشان الروسيتين، من خلال دعم التنظيمات المذهبية الشيعية المتشددة وبناء الحسينيات التي روجت للفكر الشيعي الثوري الذي تعتبره تلك الدول بأنه يثير الفتنة الطائفية في المنطقة، بما سيصعب على ايران الاعتماد كثيراً على هذه الدول في مواجهة آثار العقوبات الأمريكية الجديدة.

القدس العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال