الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غموض كوريا الشمالية يتبدد

عبدالله المدني

2018 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قريبًا جدًا قد يشهد العالم رسميًا توقيع معاهدة سلام دائمة بين الكوريتين على خلفية التطبيع المتوقع للعلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، فيسدل الستار بذلك نهائيًا على حقبة مريرة دامت 68 عامًا تخللتها الحرب الكورية (1950-1953) البشعة التي أودت بحياة نحو مليون كوري جنوبي مدني وشردت ملايين أخرى منهم، إضافة إلى جرح نحو 600 ألف عنصر من القوات الأممية والكورية الجنوبية، وأكثر من 1.6 مليون من القوات الشمالية. كما تخللتها حروب دعائية وجاسوسية وملاحقات ومطاردات وقلق دائم من عودة الحرب وتهديدات مستمرة من قبل بيونغيانغ ضد سيئول بالغزو والاجتياح.

في ظل تلك الحقبة، ترسخت أيضا ظاهرة عبادة الفرد في كوريا الشمالية، فصار زعيمها المؤسس «كيم إيل سونغ» محور كل شيء وواضع كل الكتب والنظريات ومهندس كل البرامج والمشاريع، إذ أطلقت عليه ألقاب لا حصر لها، مثل الأب الحاكم، المنظر الشامل، القائد المبجل العزيز، المفكر العظيم، والرجل السماوي، وغيرها من الألقاب المفخمة التي أورث بعضها لولي عهده «كيم جونغ إيل»، وهي الألقاب نفسها التي انتقل بعضها من الأخير إلى زعيم البلاد الحالي «كيم جونغ أون».

حكم آل كيم كوريا الشمالية بقبضة حديدية تجاوزت تلك التي مارسها ستالين في حكم الإتحاد السوفيتي السابق، وفرضوا عليها عزلة قاتمة، الأمر الذي جعل ما يدور بداخلها غامضًا ومحلاً للتكهنات والتضارب، بما في ذلك أسماء الأشخاص المتنفذين أو المسؤولين في أجهزة السلطة. ولولا حرص السلطات في سيئول على رصد ومتابعة وتحليل كل ما يصدر عن إعلام بيونغيانغ وأقوال المنشقين الشماليين لما عرف العالم أحدا من مسؤولي كوريا الشمالية سوى الجد والابن والحفيد، أسماء فقط دون التفاصيل الدقيقة حول سيرهم وحياتهم الخاصة. ودليلنا الأقرب هو أنه إلى ما قبل وفاة «كيم جونغ إيل» كان أبناؤه غير معروفين للعامة. فمثلاً خليفته «كيم جونغ أون» كان يعيش حياة سرية، ولا يعرف أحد سنة ميلاده، وشقيقه «كيم جونغ شول» نادرًا ما شوهد علنا، لكن أخيهما غير الشقيق «كيم جونغ نام» الذي كان قد هرب إلى ماكاو ليعيش فيها حياة باذخة، كثيرًا ما ظهر في وسائل الإعلام الأجنبية، منتقدًا نظام الوراثة في بلاده. ولهذا السبب تم التخلص منه بالقتل في ماليزيا على يد أشخاص تم تجنيدهم لذلك الغرض من قبل مخابرات بيونغيانغ.

غير أنه منذ بعض الوقت صارت أسماء كورية شمالية تتردد في وسائل الإعلام، على الرغم من استمرار حالة الغموض المحيطة بدورها الحقيقي في نظام «كيم جونغ أون» ومدى قربها من الأخير.

كانت البداية -بطبيعة الحال- في ديسمبر 2013 حينما تعرف العالم على عمة الزعيم «كيم جونغ أون» السيدة «كيم كونغ هوي» وزوجها «جانغ سونغ تايك»، وذلك في أعقاب اتهام الزعيم لزوج عمته بمحاولة انقلابية لصالح أخيه غير الشقيق «كيم جونغ نام»، فأعدمه (برميه عاريًا لنحو 20 كلبًا جائعًا متوحشًا) دون محاكمة ودون قبول شفاعة عمته التي اعتمد على نصائحها في بدايات توليه للسلطة، قبل أن يجبر عمته على شرب زجاجة من السم بسبب كثرة شكواها من إعدام زوجها.

بعدها عرف العالم أن للزعيم كيم زوجة حسناء هي المغنية السابقة «ري سول جو» التي راحت تظهر إلى جانبه في المناسبات العامة في خرق للتقاليد التي سارت عليها العائلة الحاكمة. ثم تعرف الخارج على وزير الدفاع والرجل الثالث في الجيش «هيون يونغ تشول» في مايو 2015 بعد أن أعدمه الزعيم بمدفع مضاد للطائرات في ساحة عامة بتهمة الخيانة، في حين أن خيانته تمثلت في ظهوره بأحد الاجتماعات التي ترأسها الزعيم وقد غلبه النعاس.

الشخصية الأخرى التي تردد اسمها بعد ذلك في الخارج كانت وزير الأمن العام «أو سانغ هون» الذي تم إعدامه بحرقه بكرات اللهب في أبريل 2016 بسبب ما قيل عن صلاته بزوج عمة الزعيم في المحاولة الانقلابية المشار إليها آنفًا.

أما على هامش دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في كوريا الجنوبية في فبراير 2018، فقد سلطت الأضواء على السيدة «كيم يو جونغ» شقيقة الزعيم الكوري الشمالي التي كانت ضمن الوفد الرسمي إلى الأولمبياد برئاسة «كيم يونغ نام» رئيس مجلس الشعب الأعلى، فتعرف العالم عليهما.

ومؤخرًا، وعلى هامش الحراك المتسارع للإعداد لأول قمة أمريكية - كورية شمالية في سنغافورة، تردد اسم شخصية أخرى، يقال إن لها نفوذا في دوائر السلطة في بيونغيانغ هي الجنرال «كيم يونغ شول» الذي زار مؤخرا واشنطن أول مسؤول كوري شمالي تطأ قدماه الأرض الأمريكية، ووصفه البعض بأنه مسؤول كوري شمالي كبير، والبعض الآخر باليد اليمنى للرئيس «كيم جونغ أون»، والبعض الثالث برئيس الاستخبارات السابق الذي خطط للكثير من الأعمال الإجرامية في الماضي مثل أعمال القرصنة الإلكترونية وإغراق السفينة الحربية «شيونان» التابعة لكوريا الجنوبية في عام 2010.

وبغض النظر عن المنصب الذي يشغله هذا الرجل، فالمؤكد أنه يحظى بثقة بزعيمه، وإلا لما احتفظ برأسه ونجا من الإعدامات المتكررة التي طالت مجموعات من كبار المسؤولين والمحيطين بالزعيم بمن فيهم عشيقته السابقة المغنية «هيون سونغ وول» التي أعدمها مع عشرة فنانين آخرين أمام أنظار عائلاتهم في أغسطس 2014 بتهمة انتهاك القوانين الخاصة بالمواد الإباحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا