الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة واجدة العلي، تحاول التمرين على لعبة التخفي .. !

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 18
الادب والفن


الحقيقة في بعض الكتابات نجد هناك لعبة، يحاول من خلالها الكاتب وبقصدية ان يطرح افكاره بطريقة سريالية او صدامية او غرائبية، ومفهوم اللعبة ساهمت فيها كل العلوم الإنسانية، سواء علم نفس (بياجيه)، أو فلسفة (دريدا)، أو تربية (كايوا)، أو علم جمال (جادمار)، ناهيك عن دور(دوسوسير)، و(فنجنشتين) اللذان كان لهما في اتخاذ ظاهرة اللعبة مكانها في الفكر الإنساني، من خلال ما تسرب من مفاهيمها في مجال السياسة، والاقتصاد والحاسوب وغيرها، لكن القصد الأساسي من وراء اللعب، هو ملاحقة العجائبي والغرائبي والمدهش لدرجة توحي لك بأنك تستطيع القول: إن هذا الأمر يدخل في نطاق الهذيان، لكنه في حقيقة الامر هو البحث عن المعنى المتخفي في الذات المبدعة واحس ان الشاعرة واجدة العلي تجيد هذه اللعب الشعرية، الا انها تقع كثيرا قي فخ الاختزال، وقد نتلقى المعنى جزئيا .. تقول الشاعرة واجدة العلي :

(كتبت عن الحب
عن الندم القاتم
في الفؤوس التي
إنقادت لقهقهة الحطاب
على عنق الشجرة
كتبت عن الإزدراء
عن الإستياء
عن الشجن الذي يسكن تلك الموجة
التي أغرقت صغيرا يداعب النهر بهاتيك اليدين الناعمتين
كتبت عن الريح وأنيابها الشرهة
وهي تنحت في العدم قناديلها)

كتبت وكتبت عن اشياء مختلفة في الحياة، ولم تسميها باسماءها، انما راحت تلعب لعبة المغايرة والتخفي .. وقد اغرق انا المتلقي في الاحتمالات، فهل يوجد حب؟ قد يوجد ولكنه ندم قاتم، وهذا الندم في فأس حطاب ساخر، ليس قصده القطع انما ترك اثر ما في الشجرة لذا كتبت الشاعرة العلي ايضا عن الازدراء لماذا؟ لان هناك شجن يسكن الموجة، وشجن الموجة جاء من خلال اغراقها صغيرا ليس ملك نفسه ... العلي تكتب عن وجعٍ يسكنها هي نفسها، لكنها تبقى تزاور ذات اليمين وذات الشمال، تكتم وجعها الذاتي وتفرغه في وجع الاخر .. يقول المفكر الاجتماعي الدكتور علي الوردي في كتابه "وعّاظ السلاطين" : (إن من خصائص الطبيعة البشرية أنها شديدة التأثر بما يوحي العرف الاجتماعي إليها من قيم واعتبارات)، وقد يترك العرف الاجتماعي تأثيره على الانسان وعلى فكره وجوهره الروحي، فحين يؤمن إنسان ما بفكرة ذات أبعاد واتجاهات معينة يشاركه في الإيمان بها كثير من الأشخاص الذين يعيشون حوله، فأنه لا يجد غضاضة في البوح بها والتحدث عنها، بل الاستماتة في سبيل نشرها والإعلام بها، وعلى النقيض من ذلك عندما تكون الفكرة المختزلة في عقلية ذلك الوحيد في عالمه الداخلي، يكون البوح بها يمر باعتبارات كثيرة، منها ماهو متعلق بشخص الإنسان حامل الفكرة ومدى قدرته في بذلها وإقناع المحيط بها، ومنها ما هو متعلق بمحيطه وهنا تكمن صعوبة إبداء الأفكار إن كان المجتمع غير متقبل لها أو أن تلك الأفكار جديدة في نوعها ومضمونها، وهذا الصراع تحمله الشاعرة واجدة العلي في جلّ كتاباتها، لذا كانت قد استعملت لعبة التخفي، ونلاحظ نهاية قصيدتها التي تركتها دون عنونة، أي بمعنى دون هوية محددة، اقول نلاحظ بوحها وكشفها النقاب، وجعل الفكرة عارية على شرفته المحجوبة نصف حجاب .. فهي تقول :

(كتبت عن شارعكم الذي أحسده
وكتبت على جدرانه اسمك بلون يشبه
لون عينيك الغائرتين
كتبت عن شرفتك التي
تطل على شرك يحجب عني تفاصيلك الهادئة كعيون المساء
كتبت وكتبت وكتبت
ولكنني ماكتبت عن القبل التي إدخرتها
لموعد إختلقته لنفسي
حين ظننت إنك عاشق لامرأة
يقال عنها إنها في الحب واجدة !)

واستمرت بفعل الكتابة، حتى كشفت عن موعد اختلقته نفسها الشاعرة بقولها : (حين ظننت إنك عاشق لامرأة/يقال عنها إنها في الحب واجدة !) .. اذن الشاعرة اتقنت اللعبة جيدا وكشفت قليلا من المعنى ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال